ارشيف من :آراء وتحليلات
اختيار طريق جديد لألمانيا واوروبا
بعد الانتصار الباهر لأنجيلا ميركيل في الانتخابات البرلمانية الألمانية في 22 ايلول /سبتمبر الماضي، تأكد بشكل قاطع ان ألمانيا وأوروبا تعيشان الآن في ما يمكن تسميته "عهد ميركيل".
وهي على الطريق لأن تكسب أيضا ولاية ثالثة، على غرار العملاقين في التاريخ الألماني الحديث: كونراد أديناور وهلموت كول. وبشكل ما أصبحت الحاكم غير المتوج للقارة الأوروبية، في حين ان الحكام الأوروبيين الاخرين ودولهم قد اضعفتهم الأزمة في منطقة اليورو.
وبالرغم من ذلك، فإن السنوات الأربع القادمة لن تكون سهلة على أنجيلا ميركيل. فانتصارها الباهر بالذات، الذي وصف بأنه حلو ومر في الوقت ذاته، يعقـّد أمامها مسألة ايجاد شريك في الحكم. والنتيجة ستكون الاختيار البائس وغير المستقر، أي انشاء "ائتلاف كبير" بين حزبها "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" وبين خصمها الرئيسي الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي أوروبا لا يتوقعون تغييراً في التوجه الألماني الحالي، بالرغم من الآمال بأن الاشتراكيين الديمقراطيين سوف يخففون قليلاً من النهج الحالي لميركيل القائم على سياسة الانضباط المالي الخانق، وسوف يدخلون بعض الضوابط لسياسة الحوافز الكينزية (نسبة الى عالم الاقتصاد الانكليزي جون كينز ـ أي التحكم بالاقتصاد بواسطة السياسة الضرائبية والمالية). أي ببساطة يتم الاقتراب من المزيد من الميركيلية.
كبيرة بين صغار
غداة الانتخابات ذكرت جريدة Frankfurter Allgemeine Zeitung ميركيل بأنها تشبه غوليفر المحاط بالاقزام (نسبة الى رواية جول فيرن "غوليفر في بلاد الاقزام"). وكان هذا التشبيه يقصد به الوضع في ألمانيا، وكذلك في اوروبا. ففي المانيا تفوقت ميركيل ليس فقط على الأخصام، بل وعلى الحلفاء، وتوصلت إلى افضل تمثيل للمسيحيين الديمقراطيين منذ سنة 1990 حتى الآن. وهي قد قربت الاتحاد المسيحي الديمقراطي من الولاية الخامسة بأكثرية مطلقة في البوندستاغ، وهو ما توصل إليه كونراد اديناور قبل حوالى نصف قرن.
وقد أعاد انتصارها رسم المشهد السياسي في ألمانيا، وكما كتبت مجلة "شبيغل": "هذه هي تماما وصدقا دولة ميركيل". فحزبها المسيحي الديمقراطي هو في القمة، وجميع الأحزاب الباقية تلعق جراحها في السفح. والوضع الأكثر صعوبة هو وضع الحليف حتى الآن في الادارة، حزب الديمقراطيين الاحرار. فبعد أن ابتلع الاتحاد المسيحي الديمقراطي حوالى مليونين من اصواتهم وجد الليبيراليون انفسهم للمرة الأولى خارج البرلمان، وأدركوا كم كانت خانقة الى درجة الهلاك معانقة ميركيل لهم، وهو ما يعرفه تماما الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ تجربة "الائتلاف الكبير" خلال السنوات 2005 ـ 2009، التي كلفتهم خسارة الانتخابات اللاحقة. والآن فإن النتائج التي حققها الاشتراكيون الديمقراطيون ليست كارثية، ولكنها مخيبة للامال. كما ان الخضر ايضا انحدروا الى الأسفل، بعد ان اتخذت ميركيل قرارها برفض الطاقة النووية، وهكذا دخلت ميركيل في الارض الخاصة للخضر.
ميركل بعد فوزها في الانتخابات
ان استيعاب سياسات الخصوم والاستيلاء على موقع الوسط السياسي هو ماركة مسجلة للمستشارة. وحينما خرج الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر بوعد انتخابي بتطبيق سياسة الحد الأدنى من الضغط على مداخيل المواطنين، خرجت ميركيل بفكرة مشابهة، بالرغم من اعتماد مستويات مرنة من العتبة الدنيا للمداخيل في القطاعات والمناطق المختلفة. وحينما دعا اليسار الى الحد من ارتفاع الإجارات (في بلد حيث امتلاك مسكن خاص هو ظاهرة استثنائية)، عمدت ميركيل الى دعم الاقتراح. وقد اشتكى نائب رئيس حزب الخضر جيم يوزديمير قائلا: "انها تسرق الريح من أشرعة الجميع. انها تصبح خضراء، حينما يكون ذلك مساعدا لها، وتصبح اشتراكية ديمقراطية، حينما يساعدها ذلك". وربما هذا النهج لا يعجب يوزديمير ولكنه يعجب الناخبين.
وفي الخارج فإن ميركيل، التي توجد في أوج نجاحها، تسير في اتجاه واحد: الى الأعلى. فهي الزعيم الأوروبي الوحيد الذي حافظ على موقعه بعد إجراء انتخابات في منطقة اليورو بعد بداية الهزات. أما في الـ 12 دولة اوروبية اخرى التي جرت فيها انتخابات فإن الناخبين عاقبوا حكوماتهم، سواء كانت يمينية او يسارية، وفي بلدان ضربتها الأزمة كاليونان، ايرلندا واسبانيا، او في بلدان استطاعت مواجهة الأزمة كفنلندا أو هولندا. وان ميركيل، التي حصلت على هذا النجاح ستبرز اكثر فأكثر أمام زملائها الأوروبيين الآخرين، مقابل الرئيس الفرنسي الذي بلغت شعبيته أدنى مستوى لها، ورئيس الوزراء البريطاني الجانح نحو المواقف المتطرفة.
وحينما يتم تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، فلن يمضي كثير وقت حتى تصبح منطقة اليورو الموضوع الرئيسي على جدول اعمالها.
وبالرغم من أن التركيبة الهندسية لمنطقة اليورو جرى تحسينها منذ بداية الأزمة، إلا أنها لا تزال غير واضحة المعالم جميع العناصر التي تضمن العمل الفعال لهذا الاتحاد العملوي. فلا يزال هناك مخاطر كبيرة: فالانعاش الاقتصادي ضعيف، ومستويات الاسعار تتم اعادة توجيهها ببطء شديد، وبالمقابل فإن ثبات مستويات الديون العامة لا يزال بعيداً عن التحقق. ان البطالة لا تزال مرتفعة، والنظام البنكي لا يزال هشاً، واتخاذ القرارات معقد، وبالتالي فإن احداثا كما جرى في قبرص محتملة التكرار. جميع هذه المخاطر تقوض استقرار الاتحاد العملوي، وبالتالي يمكن أن تنعكس جدياً على ألمانيا. ولهذا فليس الوقت وقت الاكتفاء بالرضا عن النفس ومن الضروري القيام بإصلاحات جديدة. وهناك عناصر عديدة ينبغي للحكومة الألمانية العتيدة ان تركز عليها جهودها، وهي تتضمن إجراء تحول في فلسفة إدارة الأزمة.
اولا، في حين أن المعدل العام للتضخم في منطقة اليورو ينبغي أن لا يتعدى نسبة 2%، فإنه من مصلحة ألمانيا ان يسمح لقوى السوق أن ترفع نسبة التضخم في البلاد فوق هذا المعدل. فإذا لم يحدث ذلك، فإن التعديلات اللازمة على مستويات الأسعار المقارنة سوف تخفض التضخم في الجزء الجنوبي من أوروبا الى نسبة 0% او حتى اقل من ذلك. وبنتيجة ذلك فإن البنك المركزي الأوروبي لن يصل الى هدفه وهو تحقيق نسبة تضخم حوالى 2%، بل ستكون أقل من ذلك. والاكثر اثارة للقلق حينذاك، وحسب التقديرات الاقتصادية، فإن مثل هذا التطور يمكن أن يهدد ثبات الديون في أوروبا الجنوبية. وبالاضافة الى ذلك، فإن الميزانيات العمومية للبنوك، والشركات، والاقتصاد الأسروي سوف تقع جميعا تحت ضغوطات اضافية. ونتيجة لذلك ستنشأ الحاجة الى تقديم مساعدات مالية اضافية للدول التي ضربتها الأزمة، هذا اذا لم يتخذ قرار بترك بعضها كي تفلس.
ميركل ..مارد في بلاد الاقزام
ان عملية اعادة التكيف التي يحركها السوق في ألمانيا يمكن أن تحصل على دعم قوي فيما إذا تم رفع ملحوظ للتوظيفات العامة في البنية التحتية والتعليم. وألمانيا تتخلف بشكل ملحوظ في هذين القطاعين عن البلدان الأخرى في الاتحاد الأوروبي ويكمن في ذلك خطر أن تفقد قدرتها التنافسية في المدى المتوسط. والحكومة الألمانية الجديدة ينبغي لها ايضا ان تدرس بعناية أي اقسام من قطاع الخدمات يمكن أن يتم خصخصتها، من أجل إطلاق قدرات النمو للقطاع.
والمهمة الثانية التي يتوجب على الحكومة الألمانية الجديدة مواجهتها هي إنجاز تشكيل الاتحاد البنكي الأوروبي. ويكتسب ذلك أهمية حاسمة في مسألة وضع حد للتجزئة المالية في منطقة اليورو، التي تحوّل إلى وهم أي محاولة حقيقية للانهاض في اوروبا الجنوبية، لأنها تضغط على التوظيفات. ولأجل إنجاز الاتحاد البنكي، فإن العنصر الأهم هو الاتفاق حول تأسيس ضابط مركزي ومورد مالي خاص بالأوضاع الطارئة. ولأجل اتخاذ قرارات سريعة، تتجاوز التقسيم على خطوط الحدود الوطنية، ينبغي تشكيل آلية عمل، لا تعمل بموجب مبدأ الاجماع. ولا يزال يوجد حظ للقيام بخطوة حاسمة على هذا الصعيد قبل انتخابات البرلمان الاوروبي في السنة القادمة. ومن شأن هذه الخطوة تجنب الأزمة البنكية الواسعة المحتملة في صيف 2014، كما من شأنها وضع حد للتجزئة، ووضع الأسس اللازمة للنمو، وبالأخص المبادرة المالية الفعالة.
ولهذه الغاية ينبغي زيادة رأسمال بنك التوظيفات الأوروبي. وتوجيه نشاطه أكثر نحو التوظيف في الشركات الصغيرة والمتوسطة في اوروبا الجنوبية. كما ينبغي تنشيط الصندوق الأوروبي العام لمكافحة البطالة في صفوف الشبيبة.
ان كل ستراتيجية الإصلاح في ادارة منطقة اليورو ينبغي تغييرها. وكلما أصبحت اوروبا أكثر اندماجا كلما أصبح من الضروري ان تتخذ القرارات وأن تشرعن على مستوى أوروبي عام. وهذا يتطلب إجراء تعديل في اتفاقية لشبونة، وهو ما يقتضي من الحكحومة الألمانية الجديدة ان تحصل على دعم شركائها الأوروبيين لهذه الغاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل
وهي على الطريق لأن تكسب أيضا ولاية ثالثة، على غرار العملاقين في التاريخ الألماني الحديث: كونراد أديناور وهلموت كول. وبشكل ما أصبحت الحاكم غير المتوج للقارة الأوروبية، في حين ان الحكام الأوروبيين الاخرين ودولهم قد اضعفتهم الأزمة في منطقة اليورو.
وبالرغم من ذلك، فإن السنوات الأربع القادمة لن تكون سهلة على أنجيلا ميركيل. فانتصارها الباهر بالذات، الذي وصف بأنه حلو ومر في الوقت ذاته، يعقـّد أمامها مسألة ايجاد شريك في الحكم. والنتيجة ستكون الاختيار البائس وغير المستقر، أي انشاء "ائتلاف كبير" بين حزبها "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" وبين خصمها الرئيسي الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي أوروبا لا يتوقعون تغييراً في التوجه الألماني الحالي، بالرغم من الآمال بأن الاشتراكيين الديمقراطيين سوف يخففون قليلاً من النهج الحالي لميركيل القائم على سياسة الانضباط المالي الخانق، وسوف يدخلون بعض الضوابط لسياسة الحوافز الكينزية (نسبة الى عالم الاقتصاد الانكليزي جون كينز ـ أي التحكم بالاقتصاد بواسطة السياسة الضرائبية والمالية). أي ببساطة يتم الاقتراب من المزيد من الميركيلية.
كبيرة بين صغار
غداة الانتخابات ذكرت جريدة Frankfurter Allgemeine Zeitung ميركيل بأنها تشبه غوليفر المحاط بالاقزام (نسبة الى رواية جول فيرن "غوليفر في بلاد الاقزام"). وكان هذا التشبيه يقصد به الوضع في ألمانيا، وكذلك في اوروبا. ففي المانيا تفوقت ميركيل ليس فقط على الأخصام، بل وعلى الحلفاء، وتوصلت إلى افضل تمثيل للمسيحيين الديمقراطيين منذ سنة 1990 حتى الآن. وهي قد قربت الاتحاد المسيحي الديمقراطي من الولاية الخامسة بأكثرية مطلقة في البوندستاغ، وهو ما توصل إليه كونراد اديناور قبل حوالى نصف قرن.
وقد أعاد انتصارها رسم المشهد السياسي في ألمانيا، وكما كتبت مجلة "شبيغل": "هذه هي تماما وصدقا دولة ميركيل". فحزبها المسيحي الديمقراطي هو في القمة، وجميع الأحزاب الباقية تلعق جراحها في السفح. والوضع الأكثر صعوبة هو وضع الحليف حتى الآن في الادارة، حزب الديمقراطيين الاحرار. فبعد أن ابتلع الاتحاد المسيحي الديمقراطي حوالى مليونين من اصواتهم وجد الليبيراليون انفسهم للمرة الأولى خارج البرلمان، وأدركوا كم كانت خانقة الى درجة الهلاك معانقة ميركيل لهم، وهو ما يعرفه تماما الحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ تجربة "الائتلاف الكبير" خلال السنوات 2005 ـ 2009، التي كلفتهم خسارة الانتخابات اللاحقة. والآن فإن النتائج التي حققها الاشتراكيون الديمقراطيون ليست كارثية، ولكنها مخيبة للامال. كما ان الخضر ايضا انحدروا الى الأسفل، بعد ان اتخذت ميركيل قرارها برفض الطاقة النووية، وهكذا دخلت ميركيل في الارض الخاصة للخضر.
ميركل بعد فوزها في الانتخابات
وفي الخارج فإن ميركيل، التي توجد في أوج نجاحها، تسير في اتجاه واحد: الى الأعلى. فهي الزعيم الأوروبي الوحيد الذي حافظ على موقعه بعد إجراء انتخابات في منطقة اليورو بعد بداية الهزات. أما في الـ 12 دولة اوروبية اخرى التي جرت فيها انتخابات فإن الناخبين عاقبوا حكوماتهم، سواء كانت يمينية او يسارية، وفي بلدان ضربتها الأزمة كاليونان، ايرلندا واسبانيا، او في بلدان استطاعت مواجهة الأزمة كفنلندا أو هولندا. وان ميركيل، التي حصلت على هذا النجاح ستبرز اكثر فأكثر أمام زملائها الأوروبيين الآخرين، مقابل الرئيس الفرنسي الذي بلغت شعبيته أدنى مستوى لها، ورئيس الوزراء البريطاني الجانح نحو المواقف المتطرفة.
وحينما يتم تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، فلن يمضي كثير وقت حتى تصبح منطقة اليورو الموضوع الرئيسي على جدول اعمالها.
وبالرغم من أن التركيبة الهندسية لمنطقة اليورو جرى تحسينها منذ بداية الأزمة، إلا أنها لا تزال غير واضحة المعالم جميع العناصر التي تضمن العمل الفعال لهذا الاتحاد العملوي. فلا يزال هناك مخاطر كبيرة: فالانعاش الاقتصادي ضعيف، ومستويات الاسعار تتم اعادة توجيهها ببطء شديد، وبالمقابل فإن ثبات مستويات الديون العامة لا يزال بعيداً عن التحقق. ان البطالة لا تزال مرتفعة، والنظام البنكي لا يزال هشاً، واتخاذ القرارات معقد، وبالتالي فإن احداثا كما جرى في قبرص محتملة التكرار. جميع هذه المخاطر تقوض استقرار الاتحاد العملوي، وبالتالي يمكن أن تنعكس جدياً على ألمانيا. ولهذا فليس الوقت وقت الاكتفاء بالرضا عن النفس ومن الضروري القيام بإصلاحات جديدة. وهناك عناصر عديدة ينبغي للحكومة الألمانية العتيدة ان تركز عليها جهودها، وهي تتضمن إجراء تحول في فلسفة إدارة الأزمة.
اولا، في حين أن المعدل العام للتضخم في منطقة اليورو ينبغي أن لا يتعدى نسبة 2%، فإنه من مصلحة ألمانيا ان يسمح لقوى السوق أن ترفع نسبة التضخم في البلاد فوق هذا المعدل. فإذا لم يحدث ذلك، فإن التعديلات اللازمة على مستويات الأسعار المقارنة سوف تخفض التضخم في الجزء الجنوبي من أوروبا الى نسبة 0% او حتى اقل من ذلك. وبنتيجة ذلك فإن البنك المركزي الأوروبي لن يصل الى هدفه وهو تحقيق نسبة تضخم حوالى 2%، بل ستكون أقل من ذلك. والاكثر اثارة للقلق حينذاك، وحسب التقديرات الاقتصادية، فإن مثل هذا التطور يمكن أن يهدد ثبات الديون في أوروبا الجنوبية. وبالاضافة الى ذلك، فإن الميزانيات العمومية للبنوك، والشركات، والاقتصاد الأسروي سوف تقع جميعا تحت ضغوطات اضافية. ونتيجة لذلك ستنشأ الحاجة الى تقديم مساعدات مالية اضافية للدول التي ضربتها الأزمة، هذا اذا لم يتخذ قرار بترك بعضها كي تفلس.
ميركل ..مارد في بلاد الاقزام
والمهمة الثانية التي يتوجب على الحكومة الألمانية الجديدة مواجهتها هي إنجاز تشكيل الاتحاد البنكي الأوروبي. ويكتسب ذلك أهمية حاسمة في مسألة وضع حد للتجزئة المالية في منطقة اليورو، التي تحوّل إلى وهم أي محاولة حقيقية للانهاض في اوروبا الجنوبية، لأنها تضغط على التوظيفات. ولأجل إنجاز الاتحاد البنكي، فإن العنصر الأهم هو الاتفاق حول تأسيس ضابط مركزي ومورد مالي خاص بالأوضاع الطارئة. ولأجل اتخاذ قرارات سريعة، تتجاوز التقسيم على خطوط الحدود الوطنية، ينبغي تشكيل آلية عمل، لا تعمل بموجب مبدأ الاجماع. ولا يزال يوجد حظ للقيام بخطوة حاسمة على هذا الصعيد قبل انتخابات البرلمان الاوروبي في السنة القادمة. ومن شأن هذه الخطوة تجنب الأزمة البنكية الواسعة المحتملة في صيف 2014، كما من شأنها وضع حد للتجزئة، ووضع الأسس اللازمة للنمو، وبالأخص المبادرة المالية الفعالة.
ولهذه الغاية ينبغي زيادة رأسمال بنك التوظيفات الأوروبي. وتوجيه نشاطه أكثر نحو التوظيف في الشركات الصغيرة والمتوسطة في اوروبا الجنوبية. كما ينبغي تنشيط الصندوق الأوروبي العام لمكافحة البطالة في صفوف الشبيبة.
ان كل ستراتيجية الإصلاح في ادارة منطقة اليورو ينبغي تغييرها. وكلما أصبحت اوروبا أكثر اندماجا كلما أصبح من الضروري ان تتخذ القرارات وأن تشرعن على مستوى أوروبي عام. وهذا يتطلب إجراء تعديل في اتفاقية لشبونة، وهو ما يقتضي من الحكحومة الألمانية الجديدة ان تحصل على دعم شركائها الأوروبيين لهذه الغاية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل