ارشيف من :آراء وتحليلات
تواصل الاحتجاجات ضد الخروق الأميركية للحريات وحقوق الإنسان
حتى الصحافة الخاصة المؤطرة في اطار السياسة العامة للدولة الاميركية بدأت ترفع الصوت احتجاجا على الخروق الفظة للادارة الاميركية للحريات العامة والشخصية وحقوق الانسان. وبهذا الصدد، وفي اجتماع للوكالة الاميركية العامة للصحافة (SIP) اعلن غاري برويت المدير التنفيذي لوكالة الاسوشيتد برس ان قيام وزارة العدل الاميركية بالتجسس التلفوني على مراسلي الوكالة يعتبر "خرقا لا جدال فيه لاول تعديل في الدستور" الاميركي. ووجه برويت كلمات حادة جدا ضد حكومة الرئيس باراك اوباما. واشار الى ان ادارة اوباما اساءت استخدام مصادر المعلومات اسوأ مما فعلته اي حكومة سابقة اخرى، وشبه بعض هذه الممارسات بممارسات الانظمة الشمولية. واشار الى انه ينبغي علينا ان نكون حذرين تجاه الحكومة التي تحب السرية بشكل مبالغ فيه. ان الحكومات التي تجبر المواطنين على الاختيار بين الديمقراطية والامن القومي، انما تصطنع "معضلة مزيفة"، من شأنها اضعاف الديمقراطية. ان على الصحفيين ان يناضلوا ضد تنامي رقابة الحكومة، مما له تأثير تجميدي على الجهود المبذولة لتحميل المسؤولية للحكومة، كما يقول برويت. ويضيف "ان الصحافة الحرة والمستقلة هي التي تميز الديمقراطية عن الدكتاتورية، وتفصل المجتمع الحر عن الطغيان. ان الحكومات التي تخلق وضعية، يتوجب فيها على المواطنين ان يختاروا بين الصحافة الحرة والامن، ترتكب خطأ، ومن شأن هذه الوضعية في النهاية اضعاف تلك الحكومات لا تدعيمها. وهذا ليس خيارا صحيحا، انه خيار زائف".
منح جائزة لـ"الغارديان" لنشرها مقابلات سنوودون
وقررت "وكالة الاخبار اونلاين" (ONA) منح جائزتين للجريدة البريطانية "غارديان"، في حقل الصحافة اونلاين، وذلك لنشرها المواد التي زودها بها ادوارد سنوودون والمتعلقة بنشاطات الاجهزة الاميركية الخاصة، ولا سيما وكالة الامن القومي. وكانت الغارديان هي الاولى التي نشرت تلك المواد، مستعينة بالوثائق التي زودها بها المتعاون السابق مع الاجهزة الاميركية ادوارد سنوودون. وقد نشرت الجريدة هذه المواد طوال عدة اشهر ويوميا تقريبا. وحينما بدأت النشر كان سنوودون قد غادر الولايات المتحدة الاميركية واقام في هونغ كونغ، ثم منحته روسيا لجوءا مؤقتا. وبعد فترة وجيزة اصبح معلوما ان السلطات البريطانية مارست ضغطا على "الغارديان" لاجل اتلاف الوثائق، التي قدمها لها سنوودون. ولكن مدير تحرير الجريدة الن روسبريدجر كتب حينذاك ردا على تلك الضغوط "هذا عديم المعنى، ولن يوقف كشف برامج المراقبة والتنصت". وكشف ايضا انه اتصل به مسؤول حكومي وهدده بتقديم الجريدة الى المحاكمة، اذا لم تخضع.
ومنذ ايام معدودة صار معلوما ان الصحفي غلين غرينوولد من "الغارديان"، وهو اول من نشر كشوفات سنوودون، قد غادر الجريدة. وسيعمل غرينوولد مع بيير اوميديار، مؤسس موقع eBay، على تأسيس مشروع صحفي اونلاين جديد.
وباريس تحتج على التنصت الاميركي
وفي فرنسا اعلن ان وكالة الامن القومي الاميركية كانت تتنصت على ملايين الفرنسيين، كما تجسست على ايميل الرئيس المكسيكي.
واستنادا الى وثائق تم تلقيها من ادوارد سنوودون، نشرت جريدة "لوموند" تقول ان وكالة الامن القومي الاميركية تتنصت على نطاق واسع على المحادثات الهاتفية للمواطنين الفرنسيين، وانه لمدة اقل من شهر (من 10 كانون الاول 2012 الى 8 كانون الثاني 2013) سجلت وكالة الامن القومي الاميركية 70،3 مليون محادثة تلفونية في فرنسا. كما سجلت ايضا الرسائل الهاتفية القصيرة. كما ان الوكالة كانت تؤرشف المعطيات المتعلقة بكل رقم موضوع تحت المراقبة. وكانت عملية التجسس تجري في اطار برنامج يسمى "US-985D". وحتى الان لم يوضح لا سنوودون، ولا وكالة الامن القومي الاميركي، معنى احرف هذا الكود. وللمقارنة فإن برامج التجسس المشابهة في المانيا تجري تحت اسم "US-987LA" و "US-987LB" كما تقول الجريدة. وهذه السلسلة من الارقام تشمل مجموعة من الدول، تسميها اميركا "القسم الثالث" وهي تتضمن فرنسا، المانيا، النمسا، بولونيا وبلجيكا. و"القسم الثاني" يتضمن البلدان الانغلوساكسونية، المقربة تاريخيا من واشنطن، وهي بريطانيا، كندا، اوستراليا ونيوزيلندا، (وتشتهر هذه المجموعة باسم Five Eyes ـ العيون الخمس). و"القسم الاول" يشمل الاجهزة الاميركية السرية الـ16. ويتضح من الوثائق ان وكالة الامن القومي الاميركية تراقب الاشخاص، المشبوهين بالتورط في اعمال ارهابية، ولكنها تراقب ايضا اشخاصا آخرين، تم اختيارهم فقط لانهم يعملون في عالم البيزنس، او السياسة، او لكونهم يعملون في الادارة الفرنسية. وتشير مدونات وكالة الامن القومي الاميركي الى انها كانت تتنصت وسطيا في اليوم الواحد على 3 ملايين محادثة ويصل العدد في بعض الايام الى 7 ملايين. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس قوله ان الكشوفات هي مثيرة للصدمة، وتتطلب توضيحا. وصرح الوزير امام راديو " يوروب ـ 1": "ان المعلومات التي نشرتها اليوم جريدة "لوموند" تثير الصدمة، وفي الساعات القليلة القادمة سيطلب من واشنطن تقديم توضيح عما حدث". "ان الولايات المتحدة الاميركية هي بلد صديق. وبينها وبين فرنسا توجد علاقات وثيقة، بما في ذلك في اطار مكافحة الارهاب. ولكن اذا تبين ان الامر يتعلق بتجسس صناعي، والتنصت على مسؤولين فرنسيين رفيعي المستوى، والتدخل في الحياة الشخصية للمواطنين من بلد صديق، الذي هو حليف لنا، فإن مثل هذا التجسس هو غير مسموح به مطلقا".
واعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "لقد استدعيت فورا سفير الولايات المتحدة الاميركية"... "هذا النوع من الممارسة الذي يمس الحياة الشخصية هو غير مسموح به مطلقا بين الشركاء. ينبغي ان نتأكد بسرعة، ان هذا لن يحدث مرة اخرى". واعلن فابيوس ان باريس كان لها رد فعل منذ نشر الوثائق خلال شهر حزيران الماضي واضاف "يبدو انه ينبغي ان نذهب ابعد من ذلك".
وفي الوقت ذاته نشرت وكالة اسوشيتد برس ان وكالة الامن القومي الاميركي قامت ايضا بالتجسس على ايميلات الرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون. وتصف الوثائق هذه العملية بأنها كانت تحت كود باسم Flat Liquid للتجسس على حقل كالديرون، الذي كان يستخدمه افراد مكتبه ايضا. وردت وزارة الخارجية المكسيكية على ذلك بوثيقة جاء فيها "ان الحكومة المكسيكية تشجب بشدة خرق حصانة الاتصالات كما للمؤسسات، كذلك وللمواطنين الافراد". واضافت الوثيقة "ان مثل هذه الاعمال هي غير مقبولة، وغير قانونية، وهي تتعارض مع القواعد الحقوقية المكسيكية والدولية". ويشغل كالديرون الان منصب استاذ في معهد ادارة الدولة المسمى "جون كينيدي" في جامعة هارفرد الاميركية. كما قد علم سابقا خلال السنة الجارية ان وكالة الامن القومي الاميركية قد تجسست على ايميلات الرئيس المكسيكي الحالي بينيا نييتو، قبل ان يتم انتخابه. واعلن نييتو انه اذا كان ذلك صحيحا، فهو امر غير قانوني، وحكومته ستطلب اجراء تحقيق.
ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية عن لسان جان ـ مارك ارو رئيس الوزراء انه مصدوم من التجسس الاميركي، ودعا الولايات المتحدة الاميركية الى تقديم اجوبة واضحة فيما يتعلق بهذه الممارسة. وقال ارو "انني مصدوم بعمق. انه لامر لا يصدق ان دولة حليفة كالولايات المتحدة الاميركية تصل الى درجة التجسس على هذا القدر من الاتصالات، بدون ان يكون هناك اي تبرير كالدفاع عن اهداف استراتيجية او قومية". ودعا واشنطن الى توضيح هذه الممارسات وان تضع حدا لها.
عذر اقبح من ذنب
وقد ردت الولايات المتحدة الاميركية على الحملة المثارة ضدها، وذلك على لسان كاتلين هايدن، ممثلة مجلس الامن القومي الاميركي، الذي تقوم مهمته على تقديم المشورة للرئيس باراك اوباما. وقالت هايدن "من وجهة نظر سياسية ينبغي ان يكون مفهوما ان الولايات المتحدة الاميركية تجمع المعلومات في الخارج، كما تفعل جميع الدول الاخرى".
وجاء تصريح هايدن، بعد ان صار معلوما ان الاجهزة الاميركية لا تتجسس فقط على المواطنين الاميركيين، بل وتتنصت على المحادثات التليفونية للمواطنين في المانيا، فرنسا، البرازيل وغيرها. وقد تم التجسس على البريد الالكتروني والمحادثات الهاتفية لعدد من رؤساء الدول، كرئيسة البرازيل ديلما روسيف والرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون وغيرهما. كما كانت هدفا للتجسس الادارة المركزية للامم المتحدة ووكالة الطاقة الدولية والمقر المركزي للاتحاد الاوروبي.