ارشيف من :نقاط على الحروف
أميركا في نظر حزب المستقبل.. شيطان يَكبُر!
حمزة الخنسا
مرّة جديدة يجد حزب "المستقبل" نفسه في موقف غير مألوف. وكأن الأزمات المتتابعة منذ هجرة زعيمه سعد الحريري، مروراً بالضائقة المالية المستمرة، وصولاً الى تداعيات إرساله "البطّانيات والحليب" الى الجماعات المسلحّة في سوريا، لم تشدّ عضده بعد.
لا قراءة موحّدة في صفوف "التيّار الأزرق" حيال "الحَرَد" السعودي ـ الأميركي المستجد. آراء مختلفة حول طريقة مقاربة الموضوع، وطريقة احتواء تأثيره على مكوّنات فريق الرابع عشر من آذار المتعدّدة الولاءات. لكن الثناء على الموقف السعودي من "إسرائيل والقضايا العربية" ثابت يُجمع عليه كل "مستقبلي" تستطلع رأيه حول الأمر، بصرف النظر عن باقي التفاصيل.
يقول مصدر نيابي في حزب "المستقبل" إن خلاف السعودية مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، يتمحوّر حول نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلّق بخذلان أميركا للشعب السوري، فيما تتعلّق الثانية بـ"تدليع" أميركا الزائد لإسرائيل وموقفها من القضية الفلسطينية.
تنَكّر الإدارة الأميركية لمعاناة الشعب السوري وعدم تدخّلها عسكرياً ضد دمشق، ليسا السببين الوحيدين اللذين يستدعيان موقفاً سعودياً من أميركا. بل الأهم، عَمَلها على تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، بما تمثّله من سلاح وازِن في وجه إسرائيل.
ليس بالضرورة أن يُقنع الكلام الجديد سامِعه، ولا جدوى إن جادَلتَ قائله ببعض الوقائع التاريخية لسياق المواقف السعودية من المقاومة والقضية الفلسطينية.
يعتبر المصدر "المستقبلي" أن أداء أميركا في الملف السوري بيّن أنها تعمل كل ما من شأنه أن يصب في مصلحة إسرائيل. يستدل على صحة موقفة بالاتفاق الذي أبرمه وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول نزع الكيميائي السوري.
لطالما نأى حزب "المستقبل" بنفسه عن الخوض في تفاصيل تتعلّق بالصراع مع إسرائيل. كان مسؤولوه يَعْبُرون عَرَضياً في بياناتهم على "مثل تلك الأمور"، لكن اليوم، بعد الموقف السعودي من أميركا، حدثت بعض التغيّرات الجوهرية على خطاب الفريق الذي يوصَف في لبنان بأنه سعودي.
بالانتقال الى النقطة الثانية، يرى المصدر "المستقبلي" أن الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية متخاذل. إدارة أوباما لا تدعم الشعب الفلسطيني.. بل هي تقدّم الدعم اللا محدود لإسرائيل رغم أنها دولة احتلال.
يتكرّر على لسان "المستقبليين" مضمون بيان وزارة الخارجية السعودية الذي اعتذرت فيه عن قبول المملكة المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، يحمّل هؤلاء الإدارات الأميركية المتعاقبة مسؤولية الأمم المتحدة في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية طيلة 65 عاماً. فلأول مرّة يحدّثك "مستقبليون" عن "الفيتو الأميركي الظالم بحق القضية الفلسطينية"، وفي معرض السعي لتبيان صوابية الموقف السعودي، يخبرونك، ولأول مرة أيضاً، عن سياسة التهويد والاستيطان التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي. لكن، هل من يصدّق؟
نَفَس عروبي نضالي جديد تستشفّه من محدّثك "المستقبلي". تخال للوهلة الأولى أنك أمام تصريح لأحد نواب كتلة الوفاء المقاومة. لكن لازمة التنويه بموقف الملك السعودي بوصفه "حامي القضية الفلسطينية وداعمها الأول" يُنبّهك الى الهوية السياسية لصاحب تلك المواقف.
إذاً، لا خلاف مع حزب الله حول المقاومة والعداء لإسرائيل؟ هنا يكتمل الإبهار "المستقبلي".. "حزب الله والمحور السوري الإيراني هم حلفاء موضوعيون لإسرائيل". لا ينحصر هذا الفكر في بعض القاعدة الشعبية للتيار الأزرق، يتساءل المصدر المستقبلي عمّا فعله حزب الله لأهالي غزة خلال العدوان الإسرائيلي عام 2009 يذكّر بأن الملك السعودي تبرّع خلال القمة العربية الاقتصادية في الكويت بمليار دولار للبرنامج الخاص بإعادة إعمار غزة.
يحاذر الحديث عن مواقف للملك السعودي نفسه وصف فيها المقاومة بالمغامرة. يشكّك في عشرات الفتاوى السعودية التي صدرت إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان تموز 2006 تُحرّم حتى الدعاء بالنصر للمقاومين. المهم اليوم أن "حزب الله أصبح عميلاً لأميركا وإسرائيل في المنطقة، وينفّذ سياساتهما العدائية ضد الدول العربية" على حد تعبيره.
ينطق "المستقبليون" وأنصارهم من خارج السياق المنطقي للأحداث. يحاولون ولوج الخلاف مع الولايات المتحدة، وعدم ملامسة الخلاف السعودي – السعودي بين جيلين يتنازعان السلطة في الممكلة، يسعى أحدهما الى تقديم وثائق اعتماده دولياً وعربياً لا سيّما من خلال موقفه من الأزمات الكبرى وخاصة في الملف السوري، فيما يسعى الآخر الى الحد من آثار عجزه عن متابعة القضايا الداخلية والخارجية، لا سيّما أن الدولة الخليجية الأكبر باتت تعاني من ترهّل على مستوى القيادة، وهو ما ينعكس سلباً على أدائها.
اما المشكلات الكبرى التي تعيشها المملكة داخلياً فغائبة او مغيبة عند التيار الازرق . لا يعترف الزرق من قريب او بعيد بوجود مطالب فئة كبيرة من الشعب السعودي من كافة الأطياف . ولا يعترف المستقبل بامكانية ان تعاني المملكة من آثار رياح عاتية تهب عليها داخلياً، على خلفية المطالب الإصلاحية والتي لم يعد بالإمكان تجاهلها بالرغم من المقدّرات الإقتصادية الكبرى التي تمتلكها. مقدرات تبقى مندثرة بين "الطمع والمُلك" من جهة، وإغراء الأميركيين باستثمارها في مصارفهم من جهة أخرى.
لقد بات الأميركيون مقتنعين أن المملكة يجب أن تخضع لـ"إرهاصات" التغيير الذي ضرب المنطقة، وهذا ما تبني الولايات المتحدة مواقفها حيال السعودية على أساسه لكن من دون معرفة المدى الذي ستصله.
أما في لبنان، فيبدو أن حزب "المستقبل" سيعتمد في الفترة المقبلة سياسة "تعدّد الألسُن" لتظهير مواقفه من مختلف القضايا الداخلية والخارجية. وفيما يأكل السعوديون الحصرم، "يَزرَّق" تيّار آل الحريري أكثر فأكثر.
مرّة جديدة يجد حزب "المستقبل" نفسه في موقف غير مألوف. وكأن الأزمات المتتابعة منذ هجرة زعيمه سعد الحريري، مروراً بالضائقة المالية المستمرة، وصولاً الى تداعيات إرساله "البطّانيات والحليب" الى الجماعات المسلحّة في سوريا، لم تشدّ عضده بعد.
لا قراءة موحّدة في صفوف "التيّار الأزرق" حيال "الحَرَد" السعودي ـ الأميركي المستجد. آراء مختلفة حول طريقة مقاربة الموضوع، وطريقة احتواء تأثيره على مكوّنات فريق الرابع عشر من آذار المتعدّدة الولاءات. لكن الثناء على الموقف السعودي من "إسرائيل والقضايا العربية" ثابت يُجمع عليه كل "مستقبلي" تستطلع رأيه حول الأمر، بصرف النظر عن باقي التفاصيل.
يقول مصدر نيابي في حزب "المستقبل" إن خلاف السعودية مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، يتمحوّر حول نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلّق بخذلان أميركا للشعب السوري، فيما تتعلّق الثانية بـ"تدليع" أميركا الزائد لإسرائيل وموقفها من القضية الفلسطينية.
تنَكّر الإدارة الأميركية لمعاناة الشعب السوري وعدم تدخّلها عسكرياً ضد دمشق، ليسا السببين الوحيدين اللذين يستدعيان موقفاً سعودياً من أميركا. بل الأهم، عَمَلها على تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية، بما تمثّله من سلاح وازِن في وجه إسرائيل.
ليس بالضرورة أن يُقنع الكلام الجديد سامِعه، ولا جدوى إن جادَلتَ قائله ببعض الوقائع التاريخية لسياق المواقف السعودية من المقاومة والقضية الفلسطينية.
يعتبر المصدر "المستقبلي" أن أداء أميركا في الملف السوري بيّن أنها تعمل كل ما من شأنه أن يصب في مصلحة إسرائيل. يستدل على صحة موقفة بالاتفاق الذي أبرمه وزير الخارجية الأميركية جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول نزع الكيميائي السوري.
لطالما نأى حزب "المستقبل" بنفسه عن الخوض في تفاصيل تتعلّق بالصراع مع إسرائيل. كان مسؤولوه يَعْبُرون عَرَضياً في بياناتهم على "مثل تلك الأمور"، لكن اليوم، بعد الموقف السعودي من أميركا، حدثت بعض التغيّرات الجوهرية على خطاب الفريق الذي يوصَف في لبنان بأنه سعودي.
بالانتقال الى النقطة الثانية، يرى المصدر "المستقبلي" أن الموقف الأميركي من القضية الفلسطينية متخاذل. إدارة أوباما لا تدعم الشعب الفلسطيني.. بل هي تقدّم الدعم اللا محدود لإسرائيل رغم أنها دولة احتلال.
يتكرّر على لسان "المستقبليين" مضمون بيان وزارة الخارجية السعودية الذي اعتذرت فيه عن قبول المملكة المقعد غير الدائم في مجلس الأمن، يحمّل هؤلاء الإدارات الأميركية المتعاقبة مسؤولية الأمم المتحدة في إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية طيلة 65 عاماً. فلأول مرّة يحدّثك "مستقبليون" عن "الفيتو الأميركي الظالم بحق القضية الفلسطينية"، وفي معرض السعي لتبيان صوابية الموقف السعودي، يخبرونك، ولأول مرة أيضاً، عن سياسة التهويد والاستيطان التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي. لكن، هل من يصدّق؟
نَفَس عروبي نضالي جديد تستشفّه من محدّثك "المستقبلي". تخال للوهلة الأولى أنك أمام تصريح لأحد نواب كتلة الوفاء المقاومة. لكن لازمة التنويه بموقف الملك السعودي بوصفه "حامي القضية الفلسطينية وداعمها الأول" يُنبّهك الى الهوية السياسية لصاحب تلك المواقف.
إذاً، لا خلاف مع حزب الله حول المقاومة والعداء لإسرائيل؟ هنا يكتمل الإبهار "المستقبلي".. "حزب الله والمحور السوري الإيراني هم حلفاء موضوعيون لإسرائيل". لا ينحصر هذا الفكر في بعض القاعدة الشعبية للتيار الأزرق، يتساءل المصدر المستقبلي عمّا فعله حزب الله لأهالي غزة خلال العدوان الإسرائيلي عام 2009 يذكّر بأن الملك السعودي تبرّع خلال القمة العربية الاقتصادية في الكويت بمليار دولار للبرنامج الخاص بإعادة إعمار غزة.
يحاذر الحديث عن مواقف للملك السعودي نفسه وصف فيها المقاومة بالمغامرة. يشكّك في عشرات الفتاوى السعودية التي صدرت إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان تموز 2006 تُحرّم حتى الدعاء بالنصر للمقاومين. المهم اليوم أن "حزب الله أصبح عميلاً لأميركا وإسرائيل في المنطقة، وينفّذ سياساتهما العدائية ضد الدول العربية" على حد تعبيره.
ينطق "المستقبليون" وأنصارهم من خارج السياق المنطقي للأحداث. يحاولون ولوج الخلاف مع الولايات المتحدة، وعدم ملامسة الخلاف السعودي – السعودي بين جيلين يتنازعان السلطة في الممكلة، يسعى أحدهما الى تقديم وثائق اعتماده دولياً وعربياً لا سيّما من خلال موقفه من الأزمات الكبرى وخاصة في الملف السوري، فيما يسعى الآخر الى الحد من آثار عجزه عن متابعة القضايا الداخلية والخارجية، لا سيّما أن الدولة الخليجية الأكبر باتت تعاني من ترهّل على مستوى القيادة، وهو ما ينعكس سلباً على أدائها.
اما المشكلات الكبرى التي تعيشها المملكة داخلياً فغائبة او مغيبة عند التيار الازرق . لا يعترف الزرق من قريب او بعيد بوجود مطالب فئة كبيرة من الشعب السعودي من كافة الأطياف . ولا يعترف المستقبل بامكانية ان تعاني المملكة من آثار رياح عاتية تهب عليها داخلياً، على خلفية المطالب الإصلاحية والتي لم يعد بالإمكان تجاهلها بالرغم من المقدّرات الإقتصادية الكبرى التي تمتلكها. مقدرات تبقى مندثرة بين "الطمع والمُلك" من جهة، وإغراء الأميركيين باستثمارها في مصارفهم من جهة أخرى.
لقد بات الأميركيون مقتنعين أن المملكة يجب أن تخضع لـ"إرهاصات" التغيير الذي ضرب المنطقة، وهذا ما تبني الولايات المتحدة مواقفها حيال السعودية على أساسه لكن من دون معرفة المدى الذي ستصله.
أما في لبنان، فيبدو أن حزب "المستقبل" سيعتمد في الفترة المقبلة سياسة "تعدّد الألسُن" لتظهير مواقفه من مختلف القضايا الداخلية والخارجية. وفيما يأكل السعوديون الحصرم، "يَزرَّق" تيّار آل الحريري أكثر فأكثر.