ارشيف من :آراء وتحليلات
’حرد’ السعودية = توتر في طرابلس وعقد في السياسة
تأتي زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى السعودية في لحظة انتقالية وانتظار حذر. يواجه لبنان استحقاقات صعبة مدخلها تشكيل حكومة والمشاركة في مؤتمر جنيف لاهمية تداعياته ، فضلا عن المسائل الاقتصادية الاجتماعية السياسية العالقة وأخطرها انتخاب رئيس جمهورية او الدخول في محذور الفراغ. كيف يبدو المشهد اللبناني اليوم في ظل التجاذبات الاقليمية والدولية في ظل مرحلة خطيرة وغامضة؟
دعا أمين عام حزب لله السيد حسن نصر الله فريق 14 آذار الى القبول بحكومة 9-9-6 . لكن سرعان ما جاء الرفض من " المستقبل " لصيغة الاستقرار والتهدئة. ورفعوا لائحة الشروط بانتظار الترياق من السعودية . ومن مخاطر الشروط المفروضة التهديد بفك الشراكة الوطنية ، وقد حددها النائب نھاد المشنوق بشكل واضح اذ قال:"ھناك قاعدتان محددتان للشراكة في الوطن وليس في الحكومة. القاعدة الأولى ھي انسحاب حزب الله من سوريا... والقاعدة الثانية ھي التزام إعلان بعبدا بما يعني حياد لبنان عن الأزمات الاقليمية دون التخلي عن قضية العرب الأولى أي فلسطين".
أن تفرض قوى 14 آذار شرطين غير قابلين للتحقق للقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية، مجرد تضييع للوقت بانتظار ان تتوضح التوجهات السعودية الجديدة، فحزب الله لن ينسحب من سوريا، واعلان بعبدا غير قابل للتطبيق. المفارقة الجديدة أن الخلاف بين السعودية والولايات المتحدة حول الملفين السوري والمصري انعكس بدوره على الملف اللبناني، وأبرز تجليات ھذا الأمر ھو خروج النائب وليد جنبلاط من "عباءة" السعودية وتموضعه الجديد تحت "المظلة" الأميركية. وذكرت المصادر ان واشنطن تفضل حكومة 9-9-6 على قاعدة "أھون الشرين" : في حال حصول فراغ رئاسي تسلم الحكومة الراھنة البلاد ما يعني أن مقاليد السلطة ستكون بيد 8 اذار ، ولذلك تفضل واشنطن مشاركة 14 آذار في حكومة جديدة لخلق حد أدنى من التوازن.
لذلك تشكيل الحكومة معلق بانتظار ان تنجلي تجاذبات السعودية واميركا . ويراهن البعض على ارضاء السعودية من نكستها باعطائها جائزة ترضية في لبنان . من هنا هذا الفريق يصعد وينتظر عله ينال ثمنا بخسا من التسوية القادمة . فهل يتمكن رئيس الجمهورية في السعودية من جلاء موقفها وحل بعض العقد والالتباسات؟ ام ستكون مجرد زيارة استطلاعية لرفع العتب والمجاملة وجس النبض؟
من جهة أخرى، تتجه الانظار الى جنيف لمعرفة اين وصلت التسوية في سوريا ومدى انعكاسها على لبنان ، وكيف ستكون مشاركة لبنان فيه .
يلاحظ المراقب بعض التفاوت والتباين بين كبار المسؤولين اللبنانيين الذي يتفقون على ضرورة مشاركة لبنان في "جنيف 2" في حال وجھت الدعوة إليه، لأنه معني مباشرة بتداعيات الأزمة السورية وله مصلحة مباشرة في إيجاد حل لھا، وبالتالي فإن سياسة النأي بالنفس لا تعني أن ينأى لبنان عن عملية الحل السياسي للأزمة في سوريا:
الرئيس نبيه بري مع مشاركة لبنان في "جنيف 2" على مستوى وزارة الخارجية ليكون لبنان الرسمي ممثلا بالوزير عدنان منصور... مقابل تريث الرئيس نجيب ميقاتي الذي يوافق على مبدأ المشاركة ولكن يفضل الاطلاع على مضمون الدعوة قبل تحديد الموقف النھائي منها .
أما لجهة مستوى تمثيل لبنان في "جنيف 2"، فيبدو أن الرئيسين سليمان وميقاتي يريان أن تمثيل لبنان ليس محسوما، وأنه يعود لھما تقرير مستوى التمثيل وما إذا كان على مستوى وزير أم على مستوى أعلى ليكون الرئيس نجيب ميقاتي ھو من يمثل لبنان في ھذا المؤتمر الدولي الحساس، خصوصا وأن ھناك انقساما داخليا حول الوزير عدنان منصور الذي وضع عليه فيتو من قبل فريق 14 آذار ...
وهذه المسألة مرتبطة الى حد بعيد بموقف السعودية التي تعارض مؤتمر جنيف وتمنع مناصريها المشاركة قبل ان تحسم امرها مع واشنطن ، من هنا سعيها الى خلط الاوراق خاصة في لبنان من اجل لفت اهتمام اميركا باتجاهها . وفي هذا المجال تحدثت مصادر عن سعي أميركي لدى السعودية لإقناع الفريق الحليف لھا في لبنان بقبول حكومة وظيفتھا تمرير الفترة المتبقية من ولاية سليمان والإشراف على الانتخابات الرئاسية.
وعلى هذا الاساس توقعت مصادر بعبدا أن تحقق الزيارة نتائج إيجابية لأن المملكة ھي من طلب الموعد بعدما كانت ألغت الموعد السابق حرصا منھا على أن لا يعود سليمان من زيارته لھا خالي الوفاض.
وبعض المهتمين ينتظرون عودة الرئيس من اجل البناء على "الوفاض " مقتداه. وآخرون يعتبرون ان المسألة تقرأ من عنوانها : التصعيد في طرابلس رسالة سعودية في عدة اتجاهات. والايام المقبلة توضح المسار.