ارشيف من :آراء وتحليلات

إعتراض فرنسي على أميركا بشأن النووي الايراني

إعتراض فرنسي على أميركا بشأن النووي الايراني


لم تخرج فرنسا عن سياستها المألوفة اتجاه ايران في اجتماعات الخمسة زائد واحد التي عقدت خلال الأيام الماضية في جنيف في سويسرا وبدت المعرقل الوحيد لاتفاق تاريخي كان يمكن أن يتم لولا اعتراضها هذا إذا ما اردنا الحديث عن الشكل دون الدخول في تفاصيل الموضوع الداخلية بين الدول الغربية من جهة وبين فرنسا وإيران من جهة ثانية.


هناك عدة أسباب لما ظهر من العرقلة الفرنسية للاتفاق بين ايران ودول (5+ 1) أولها هو الانزعاج الفرنسي الكبير من قرار أصدره باراك اوباما الأسبوع الماضي يسمح من خلاله لشركات السيارات الأمريكية بالتعاون مع ايران ودخول السوق الإيرانية ما أغضب باريس التي اضطرت تحت الضغوط الأمريكية السنة الماضية الى وقف التعاون بين شركتي (رينو وسيتراون ) الفرنسيتين وبين ايران وكانت شركة (بيجو سيتراون) قد اعلنت أن سوقها الايراني وصل الى حجم 450 الف سيارة سنويا حيث ترسل الشركة قطع السيارات الى معامل في ايران تقوم بتجميعها بناء على عقد بين الشركة وإيران منذ العام 1974.

وقد اعتبرت الحكومة الفرنسية أن قرار اوباما هذا هدف الى استبدال السيارات الأمريكية في ايران مكان السيارات الفرنسية ونقلت الصحف الاقتصادية الفرنسية الاسبوعين الماضيين كلاما عن بدء مفاوضات سرية بين شركة (جنرال موتورز) الأمريكية التي تلعب دورا بشعا حسب تقرير صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية عبر اجراء مباحثات مع ايران على حساب وجود شركات صناعة السيارات الفرنسية. وذكرت صحيفة "لوفيغارو" في تقرير لها منذ أسبوعين أن السلطات الايرانية تفضل التعامل مع الولايات المتحدة في مجال صناعة السيارات بسبب ما تسميه الحكومة الايرانية الخيانة الفرنسية في موضوع ايقاف (بيجو سيتروان) مدها شركة (خوردو ) الايرانية لصناعة السيارات بالقطع اللازمة للتجميع.

بعد قطاع السيارات الايراني الذي يشكل السوق الاكبر لصناعة السيارات الفرنسية في ظل السيطرة الألمانية على السوق الأوروبية للسيارات مع الصعوبات الكبيرة التي تواجهها هذه السوق يأتي قطاعا صناعة النفط والغاز الايرانية في صدارة اهتمامات فرنسا التي رأت نفسها في العام 2008 مضطرة لإلغاء عقد بين شركة (توتال) وإيران لاستثمار حقل نفطي في ايران بسبب العقوبات الأمريكية وترى باريس ان الايرانيين والأمريكيين سوف يتفقون بالنهاية على حسابها في قطاع النفط كما يتفقون الان في قطاع السيارات.

كانت فرنسا قد صعدت مواقفها البارحة في جنيف من باب مفاعل (آراك) النووي حيث طالبت بوقف كل النشاطات فيه فورا. وتنقل مصادر فرنسية مطلعة ان لوران فابيوس قال لنظرائه الاوروبيين ان "هذا المفاعل سوف يدخل حيز العمل قريبا وهذا ما يعرقل اي إمكانية لقصفه عسكريا بسبب خطر تسرب الاشعاعات النووية منه لذلك يجب وقف كل الانشطة فيه حاليا حتى لا تصل ايران الى مرحلة تشغيله".

وكان أحد البنود التي تم التوافق إليها قبل الاعتراض الفرنسي يشير الى قيام ايران بتجميد تخصيب اليورانيوم بنسبة عشرين بالمائة لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد ثلاثة أشهر إضافية حتى تتأكد الدول (5 زائد 1) من سلمية البرنامج النووي الايراني وخلال هذه الفترة تتم عملية التقدم في وضع اتفاق نهائي موضع التنفيذ برفع العقوبات الغربية عن طهران مقابل الاعتراف بحقها بالتقنية النووية لأغراض سلمية.

ولا يبدو ان هذه العرقلة الفرنسية سوف تستمر طويلا في حال كان الرئيس الأمريكي باراك اوباما جادا في التوصل الى اتفاق شامل مع ايران ومن ورائها مع روسيا حول الملف النووي الايراني وبالتالي حول الملفات الأخرى العالقة وأهمها ملف الحرب في سوريا، وقد تقرر عقد جولة مباحثات جديدة بين إيران و(5 +1 ) في جنيف يوم 20 الشهر الحالي ويبدو أن نتيجة هذه الجولة من الحوار سوف تحدد مسار مؤتمر جنيف 2 بينما تنتظر فرنسا اشارة ايجابية امريكية إيرانية على رصيف السوق الايرانية تغير من اعتراضاتها وتدخلها في لعبة الكبار التي تناستها باريس بسبب تبعيتها للصغار في الدوحة وفي الرياض خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

2013-11-11