ارشيف من :ترجمات ودراسات

هل يشرب نتنياهو من الكأس الذي اذاقه لشارون؟

هل يشرب نتنياهو من الكأس الذي اذاقه لشارون؟

المحرر الاقليمي

تشهد الساحة الإسرائيلية والاقليمية والدولية حالة من الترقب بانتظار ما ستتضمنه كلمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المرتقبة في مركز بيغن السادات، في جامعة بار ايلان، والتي سيحدد فيها الموقف الإسرائيلي من المطالب الاميركية بخصوص اعتماد صيغة "الدولتين" كأساس للحل على المسار الفلسطيني وبخصوص تجميد البناء في المستوطنات.

وفيما تتوالى التقارير الاعلامية الإسرائيلية حول ما قد يتضمنه خطاب نتنياهو، ترجح بعض المصادر ان يشمل تبنيا مشروطا لخارطة الطريق، الا ان ما نود تسليط الضوء عليه حاليا هو الخيارات التي تمثل امام نتنياهو في ظل تركيبته الحكومية وما قد يترتب على المواقف التي سيعلن عنها.

بعدما اظهر الرئيس الأميركي الحزم الكافي لإفهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مدى تصميم الولايات المتحدة على تنفيذ المطالب المحددة من إسرائيل لدفع عملية التسوية على المسار الفلسطيني، وفشل الاخير، عبر القنوات الدبلوماسية، في تليين الموقف الاميركي وجد نفسه ملزما في تحديد موقفه النهائي.

لكن نتنياهو وجد نفسه امام خيارين: الاول انه في حال استجاب بشكل مباشر وواضح لمطالب الولايات المتحدة فسيعرض ائتلافه الحكومي إلى التفكك.

والثاني انه في حال تناغم مع توجهات بعض الاطراف اليمينية في حكومته، ومواقف اخرين داخل حزب الليكود الذي يترأسه، فسيعرض إسرائيل وحكومته لمزيد من الضغوط الاميركية، في وقت حرج للغاية على مستوى المنطقة يُضاف اليها ما تواجهه الولايات المتحدة من ازمات اقتصادية داخلية وسياسية خارجية.

من هنا كان تقدير بعض المحللين الاسرائيليين أنه "من الممكن التخمين ان الصيغة السياسة التي سيقترحها نتنياهو ستكون ضبابية بدرجة تكفيه ايضا للحفاظ على اليمين في الائتلاف وكذلك الفوز بثناء باراك وشمعون بيرس على الانعطافة السريعة".

الخيار الامثل بالنسبة لنتنياهو يتمثل باتخاذ موقف يرضي الادارة الاميركية، ويتم صياغته بطريقة لا تحرج شركائه اليمينيين في الحكومة ويوفر لهم الذريعة التي تسمح لهم بتبرير مشاركتهم في الحكومة. وبذلك يكون نتنياهو قد نجا من اختبار كان يمكن ان يطيح بحكومته اليمينية.

في كل الأحوال لو توفرت لدى نتنياهو النية الحقيقية للإلتزام بأولويات وضوابط الادارة الاميركية على صعيد التسوية، متجاوزا بعض المواقف التقليدية، فلديه لاعب احتياط يقف خارج الملعب بانتظار اشارة الدخول إلى الملعب الحكومي، ممثلا بحزب كديما، الذي بالتأكيد سوف يبتزه ويحاول انتزاع تنازلات منه من اجل الموافقة على المشاركة في حكومة تتبنى اجندة سياسية مغايرة لتلك لقائمة الان. وربما يشكل وجود هذا اللاعب دافعا للقوى اليمينية في الحكومة ان تخفف من ضغوطها وترضى بما سيقدمه نتنياهو لأنه في نهاية المطاف قادر على رميها خارجا واستبدالها بحزب كديما.

لكن المشكلة الاساسية والحاسمة لنتنياهو ستكون داخل حزبه وفي هذه الحالة ستتكرر تجربة ارييل شارون الذي واجه تمردا شرسا من داخل الليكود يترأسه بنيامين نتنياهو، عندما قرر الانسحاب من قطاع غزة، الامر الذي اضطره في نهاية الامر إلى الانشقاق وتشكيل حزب كديما.

فهل يشرب نتنياهو من الكأس الذي اذاقه لشارون؟.

الامر المؤكد ان نتنياهو سيبدو، مهما حاول تغليف موقفه، في موقع الخاضع لضغوط الرئيس الاميركي باراك اوباما، في حين كان بامكانه ان يبادر إلى تبني هذا الخيار والتخفيف من حدة انكساره، لكن الغرور الاسرائيلي والقراءة الخاطئة اوقعته في هذا الفخ.

2009-06-12