ارشيف من :آراء وتحليلات
لبنان وسوريا: سباق بين التسوية السياسية والحسم العسكري
تشهد الساحة السورية تغيرات متلاحقة وسباق بين التسوية السلمية في اطار جنيف 2 وبين الحسم العسكري في الميدان .
ومن التطورات البارزة التي طفت مؤخرا على المشهد السياسي العسكري :
1-شكلت المعارضة السورية أول حكومة لھا في المنفى برئاسة أحمد طعمه. وهي محاولة للهروب الى الامام بعد ان اجبر "الائتلاف الوطني المعارض" على القبول بالمشاركة في جنيف . فاستعاض عن تراجعه السياسي باتصار اعلامي مزعوم وسوف يتجه وزراء " الحكومة السورية المؤقتة "، الى مدينة غازي عنتاب التركية لممارسة مهامهم الافتراضية وتقديم المساعدات الإغاثية للنازحين، و ضبط الأمن وتنظيم عمل المعابر الحدودية.
2– أعلن "المجلس الوطني الكردي" عن تشكيل اول إدارة مدنية ذاتية موقتة لتسيير شؤون مناطق ذات غالبية كردية في شمال البلاد وشمالھا الشرقي. على ان تجري انتخابات عامة خلال ثلاثة أشھر تؤدي إلى مجلس منتخب إلى حين وجود حل نھائي للأزمة السورية التي ستأخذ وقتاً طويلا .
3-تقدم الجيش السوري في حلب وريف دمشق لا سيما القلمون وتتجه الانظار خصوصا الى مخيم اليرموك . يقع مخيم اليرموك في ضاحية دمشق وتحوّل الى ساحة من ساحات المواجھة بين الجيش السوري النظامي ومعه مقاتلو الجبھة الشعبية القيادة العامة من جھة والجيش الحر ومعه عناصر من حركة حماس من جھة ثانية.
ويقيم في مخيم اليرموك حاليا ما بين 20 و25 ألف لاجئ فلسطيني من أصل 185 ألف لاجئ، نزح القسم الأكبر منھم إلى مناطق داخل سوريا، فيما توجه القسم الآخر إلى لبنان، وتوزع على عدد من المخيمات فيه. وشھد مخيم اليرموك في الأيام الأخيرة حركة نزوح كبيرة، غداة أنباء عن حملة عسكرية قد تشنھا القوات النظامية على المخيم تمھيدا لاستعادة سيطرتھا بشكل كامل على العاصمة .
ارسلت حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وفدا الى دمشق . حمل الوفد المرسل من الرئيس محمود عباس مبادرة لتحييد اليرموك عن الحرب وتجنيبه معركة مدمرة وحتى لا يتحول الى "نھر بارد ثانٍ " ...
وتقوم مبادرة "فتح" على إخلاء المخيم من المسلحين المتمركزين في داخله ومحيطه وفتح ممرات إنساينة لإغاثة سكانه، وتشكيل لجنة فلسطينية مشتركة لإدارة المخيم لا تشارك فيھا "حماس"، وتحييد المخيم في شكل كامل عن الحرب والأزمة في سوريا انسجاما مع الموقف الفلسطيني العام بأن الفلسطينيين ليسوا طرفا في الصراع السوري.
مشروع التسوية ما زال متعثرا ويتعرض الى انتكاسات وتجاذبات بسبب خلافات الفصائل الفلسطينية من جهة وتداخل المعارك وقوات المعارضات المسلحة من جهة اخرى .
وما زال مصير المخيم معلقا بين التسوية السلمية والحسم العسكري خاصة وان النتائج الدراماتكية لها انعكاس خطير على لبنان ايضا . من هنا تنشط وساطات مختلفة لتفادي مر الكاس .
وعلى صعيد آخر متصل، أشار تقرير نشر مؤخرا الى توقعات بأن يصل عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان خلال بدايات العام المقبل الى نحو مئة ألف نازح. وكشف التقرير معلومات تفيد بأن معركة اليرموك اذا وقعت سوف تؤدي الى تھجير العدد الاكبر من الفلسطينيين من سوريا على ان يبقى منهم 50 ألفا ، ھم تحديدا أبناء الأسر الفلسطينية الثرية الذين لديھم علاقات اقتصادية و يشكلون منظومة اجتماعية مساھمة في اقتصاد العاصمة القائم على شراكة ماليةبين كبار تجار سوق مخيم اليرموك وسوق الحميدية. وكانت ھذه الشراكة نشأت خلال السنوات العشرين الأخيرة . وخلال ھذه الفترة أصبح لدى المحال الھامة في سوق اليرموك فروع لھا في سوق الحميدية والعكس صحيح...
ويقول التقرير إن نسبة كبيرة من نازحي اليرموك يقصدون مخيم عين الحلوة حصرا، ويبدي التقرير قلقه من أن ھذاالمخيم الذي يختنق أصلا بالمقيمين فيه، لن يكون بمقدوره تحمل اللاجئين الجدد من سوريا وخاصة أنھم يقدرون بعشرات الآلاف.
وفي حال حصول ھذا السيناريو فسيؤدي ذلك حتما الى اتساع الرقعة الجغرافية لمخيم عين الحلوة بحيث يتمدد باتجاه محيطه اللبناني المجاور وھو أمر سيخلق أمام الدولة اللبنانية مشكلة أمنية واجتماعية حساسة.
هذه الوقائع تؤكد ما ذهب اليه تقرير دبلوماسي أوروبي أن "ھناك على الأرجح ثلاثة احتمالات من الحرب الأھلية السورية من شأنھا أن تؤدي إلى سيناريوھات مختلفة ستجد في لبنان مساحات شاسعة للعبث.
السيناريو الأول: يقوم على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيفوز في الصراع الحاصل، مما يتھدد، بشكل ملحوظ، بخطر الحرب الأھلية في لبنان. ويمكن أن يؤدي رد المجموعات الجھادية والسلفية الساخطة على فوز الأسد، إلى عنف طائفي بالجملة. علماً بأن ھذه المجموعات عثرت راھناً على ملاذ آمن في لبنان.
السيناريو الثاني: يقوم على فوز المعارضة السورية . عندھا، سيفقد حزب لله حليفاً استراتيجياً رئيسياً ، مما يمكن أن يشعل حرباً أھلية أخرى.
السيناريو الثالث: يحافظ لبنان على الستاتيكو الراھن، وتستمر سوريا على اضطرابھا، ويبقى الجيش اللبناني ركناً رئيسياً في الاستقرار. ويخلص التقرير: " " من دون قوات مسلحة لبنانية قادرة على الحل والربط، ينحدر لبنان إلى الھاوية من دون فرامل او معوقات".
ويزيد من ماساوية هذه السناريوهات تدهور الوضع في القلمون السورية خاصة وان طلائع الهجرة بدات تصل الى لبنان .
الافق السياسي ما زال مقفلا والابواب العسكرية مشرعة على كل الاحتمالات .