ارشيف من :أخبار لبنانية

العمالة السورية في لبنان: حاجة مشتركة

العمالة السورية في لبنان: حاجة مشتركة
تعتبر هجرة اليد العاملة إلى لبنان تقليدا قديما، إذ إن الحاجة الى اليد العاملة مرتبطة بكل مرحلة يشهد فيها لبنان أي تقدم أو توسع لأحد قطاعاته التنموية، ان كانت صناعة أو زراعة أو سياحة أو قطاع البناء.
ويأتي العمال السوريون في مقدمة العمال الذين يأتون الى لبنان للعمل تاريخياً في مزارع كبيرة في السهول المجاورة، ومنها سهلا البقاع وعكار.
ويعمل السوريون في مجالات لا تتطلب مؤهلات كبيرة فهم يشكلون القسم الأكبر من اليد العاملة في قطاعي البناء والزراعة، وفي قطاعي الفنادق والمطاعم يتشاركون مع المصريين.
العمالة السورية في لبنان: حاجة مشتركة وأغلب العمال السوريين هم من الذكور، ومن يصطحب معه عائلته هم فقط حجّاب البنايات او الذين يشكلون مجموعات عمل في الزراعة، ويتزعمهم وكيل أو "ريّس"، وهؤلاء يقيمون في مساكن من الخيش يتحملون فيها المصاعب والمتاعب الطبيعية والحياتية، حيث لا يمكنهم استئجار مساكن، خصوصا أنهم يأتون كجماعات فيها النساء والأطفال حيث يشترك الجميع في العمل الزراعي, وهي بالغالب هجرة موقّتة تقتصر على المواسم وتهدف إلى تحسين الظروف المعيشية أو تأمين بعض المداخيل الإضافية للعائلة، الإيجارات للمساكن مع الأجور التي يتقاضونها.
خلال الأحداث التي عصفت بالبلاد بعد اغتيال الرئيس الحريري تعرض العمال السوريون في لبنان لاعتداءات أدت إلى  مقتل أكثر من عشرين عاملا سوريا حسب تقرير منظمة العفو الدولية، عن طريق حرق مساكنهم أو طعنهم في الشارع أو رميهم من المباني التي يعملون فيها. ووصل الأمر إلى حد تحميل هؤلاء العمال مسؤولية الوضع الاقتصادي وديون الدولة، وذهب البعض إلى تعدادهم بمليون عامل.
وإن كان عدد العمال السوريين في لبنان غامضا لافتقادهم إلى إجازات العمل أو وثائق الإقامة، إلا أن المعنيين يتعمدون هذا الغموض من أجل إعطاء الواقع طابعا مأساويا عند الضرورة السياسية، وبأحسن الحالات قدرت منظمة العفو الدولية عدد العمال السوريين في لبنان سنة 2005 بـ400 الى 600 الف، وفي العام 2003 وحين كان الجيش السوري منتشرا في لبنان قدمت مجلة( le commerce du levant ) رقم 400 الف، ما يعني أننا بعيدون عن رقم المليون الشائع.
ويمثل هؤلاء العمال نسبة 80% من اليد الأجنبية العاملة في لبنان، يليهم المصريون والسريلنكيون والأثيوبيون، ولكن بخلاف كل الجنسيات فإن عدد السوريين يتأرجح كثيرا وباستمرار وفق المواسم والمشاكل السياسية والأوضاع الاقتصادية التي يعيشها لبنان، بحيث انه نظرا للاعتداءات الإسرائيلية وارتفاع أسعار مواد البناء توقفت حركة الاعمار ما قلص عدد العمال السوريين إلى أدنى المستويات.
ويرى معلمو البناء وأصحاب المزارع انه لا يمكن الاستغناء عن هذه العمالة، ليس لأنه لا يوجد من يقوم بهذه الأعمال في لبنان، إنما لسهولة التعامل ماليا وإداريا معها، إن لجهة الأجور المتدنية نسبة إلى العامل اللبناني، أو بالنسبة للضمانات الاجتماعية وما يترتب عليها. من هنا الحاجة إلى هذه العمالة دون أن ننكر تأثيرها على العمال اللبنانيين الذين يقبلون في الغالب البطالة على أن يقبلوا بالعمل سخرة بأجور لا قيمة لها مع الارتفاعات الجنونية في كافة الأسعار. 
لا شك أن لبنان وسوريا يكملان بعضهما سياسيا واقتصاديا، فوجود لبنان يمنع ضغط العاطلين عن العمل في سوريا، إذ يجدون ضالتهم في هذا البلد، في حين أن في لبنان يسمح اللجوء إلى اليد العاملة السورية باستمرار الضغط على الأجور استبعادا للطبقة العاملة اللبنانية التي لا يبقى لها خيار سوى اللجوء إلى أي رب عمل مستغل أو الالتحاق بالدورات المفتوحة في جيش العاطلين عن العمل.
عصام البستاني
2008-06-16