ارشيف من :نقاط على الحروف
عندما يصبح للإرهاب محام جديد اسمه ’المستقبل’
هي التبريرات نفسها التي يقدمها فريق 14 آذار للتكفيريين بعد كل عمل اجرامي يستهدف المدنيين في شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت. فلو شاهدت القنوات الإخبارية الآذارية يوم تفجير "بئر العبد" أو "الرويس" أو "بئر حسن" أو قرأت صحفهم التي نشرت في اليوم التالي لوجدت أن "سيناريو التعليل والتبرير" لا يختلف إلا من حيث الزمان والمكان.
ففي حين لا تزال عائلات الشهداء مفجوعةً على ضحاياها والجرحى يتهافتون الى المستشفيات والدماء لا تزال ساخنة، يطل إعلام "المستقبل" بحجج "واهية" ليبرر أن سبب التفجير هو "تدخل حزب الله في سوريا"، وأن من حق "المعارضة السورية" وما يسمونه بـ "المجاهدين الثوار" أن يردوا على "معاقل حزب الله" بما يرونه مناسباً.
عندما يصبح للإرهاب محام جديد اسمه المستقبل
بدايةً من تفجير "بئر العبد". حينها شخّص حزب "المستقبل" التفجير بأنه رسالة مباشرة من "الفصائل المقاتلة في سوريا" إلى "حزب الله" يطالبه فيها بوقف دعم الحكومة السورية، خصوصاً أنه كان قد سبق إطلاق صواريخ من جبل لبنان طالت أطراف الضاحية. تلفزيون "المستقبل" أمعن باستقبال نواب كتلة المستقبل ومحللين سياسين عزوا سبب التفجير إلى الأزمة السورية واعتبروا أن على حزب الله تحمل دماء المدنيين، والانفلات الأمني في بيروت.
ضيوف التلفزيون تناسوا أن الإرهاب لا يفرق بين طائفة وأخرى فصبوا جام غضبهم على حزب الله معتبرين أن الأخير سيفتح على لبنان أبواب "الجحيم"، وكأنهم يتوعدون بمزيد من التفجيرات إذا استمر الحال على وضعه.
صحيفة "المستقبل" حاولت أن تبرّر للتكفيريين فعلتهم، على مدى يومين عقب التفجير، معتبرةً أن على المقاومة ان ترضخ للتهديدات الإرهابية كشرط لعدم انتقال شرارة الأزمة السورية الى لبنان.
ما نشرته صحيفة "المستقبل" بعد تفجير بئر العبد
حقد فريق "المستقبل" على حزب الله والحكومة السورية، الذي بناه على قرارات ظنية وشهود زور، أنساه أن ضرب المدنيين والسيارات المفخخة لا ينسجم مع مبادئ "السلمية" التي يدعي "المستقبل" أنه يدعمها في سوريا، بل ان هذه الأعمال الإرهابية هي صنيعة "التكفيريين" والمرتزقة الذين لطالما مُدوا بالدعم العسكري والمادي، وفتحت لهما الحدود في جرود عرسال وحدود لبنان الشمالية.
وبالعودة الى الاعتداءات على الضاحية الجنوبية لبيروت، حين ضربت يد الإرهاب مجدداً منطقة "الرويس" بتفجير دام راح ضحيته عشرات الشهداء المدنيين الأبرياء ومئات الجرحى، حمل ذاك الإعلام، نفسه، على عاتقه مهمة الدفاع عن التكفيريين مجدداً بتبريره لهم العمل الإجرامي، فشرّع تلفزيون "المستقبل" يومها شاشته لكل نائب أو وزير أحب أن يحمّل حزب الله وجمهور المقاومة مسؤولية التفجير.
ما نشرته صحيفة "المستقبل" بعد تفجير الرويس
ناسياً دماء الشهداء، سارع فريق "المستقبل" للربط بين تداعيات الأزمة السورية والتفجير، فحملت صحيفة "المستقبل" في أعدادها اللاحقة على حزب الله معتبرةً أنه لا يمكن إيقاف "الخروق الأمنية" إلا إذا انسحبت المقاومة من سوريا. ولم تكتف بهذا بل راحت تبرر ما يقوم به التكفيريون في الضاحية، بأن ذلك مرده إلى "تنفيس" عن غضب "المعارضين السوريين" وكرد مباشر على انجازات الجيش السوري.
كتلة المستقبل النيابية، أطلت يومها على كل الوسائل الإعلامية برسالة مشتركة الى جمهور المقاومة: "التفجيرات ستطالكم، أوقفوها بالضغط على حزب الله ليوقف مساندته للحكومة السورية". وبين الترهيب والترغيب لم ينفك المستقبل عن استعماله "البروباغندا" الإعلامية.
هذه التبريرات والاسلوب "الساذج" نفسه استخدم من قبل "المستقبل" إعلامياً وسياسياً بعد التفجير الإرهابي الأخير الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت. فبعيد التفجير استضاف تلفزيون "المستقبل" على شاشته على مدار اليوم عدداً من النواب والوزراء والمحللين والسياسيين، حيث أمعن كل واحد منهم بتحميل حزب الله مسؤولية التفجير، وأن الأخير هو من جرّ تداعيات الأزمة السورية إلى لبنان، وبدا واضحاً انفراد كل واحد من ضيوف الشاشة الرزقاء بتقديم دفاعه عن "القاعدة" والتكفيريين بطريقة خاصة.
أحد الضيوف كان يبرر استهداف السفارة بأنه "انتقام" من سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دفاعها عن الحكومة السورية وتصديها للمجموعات التكفيرية التي تقاتل في سوريا، آخر يجتهد في التبرير، فيعتبر أن من حق "المعارضة السورية" أن ترد على دعم حزب الله للجيش السوري بتفجير مقرات ومصالح لحلفائه في المنطقة، وبعذر اقبح من ذنب، يقول : "واحد راح يقتلك ببيتك، ما بترد عليه برصاصة!". وبينما يستدرك محاوره بأن على "المعارضة" الرد في أرض المعركة (داخل سوريا)، يصمت ذاك "الفصيح" قليلاً، ثم يقول "عندما يدخل حزب الله الى سوريا فإنه يفتح الباب "لمين ما كان" بأن يدخل الى لبنان".
وعلى هذا المنوال تستمر قناة "المستقبل" بنقلها وقائع التفجير، متناسيةً فاجعةً أصابت لبنان في عمقه، وفي خلاصة النهار تفتح القناة نشرتها المسائية بمقدمة تتجاهل كل آلام عائلات الضحايا ويقول فيها المقدم عن التفجير: "وإن راح ضحيته مدنيون ابرياء إلا أنه لا يمكن عزله عما يجري في سوريا". وتكمل المقدمة تبريرها الذي تبنته جهة تابعة "للقاعدة" بالزّعم أن سبب التفجير هو دعم حزب الله لمن كان خلف تفجيرات طرابلس الأخيرة، وتصديه الدائم لفرع المعلومات، الذي يعرف الجميع الفئة السياسية التي ينتمي اليها.
إذاً لا ينكفئ "التيار الأزرق" عن تبريراته لعبث الارهابيين بأمن لبنان وسيادته، فمن تتطابق مصالحه مع مصالح التكفيريين، إن لم نقل دعمه لهم بشكل مباشر في محاولة اسقاط النظام السوري، ولا يترك محفلا للدفاع عنهم، يفتح على نفسه أبواب التساؤلات عن حقيقة موقفه من الإرهاب في لبنان، ويثير الشكوك في دوره بدخول هؤلاء الى الأراضي اللبنانية، خصوصاً أن حدود الشمال باتت مشرعة، ليبقى السؤال من هي الجهة التي سهّلت لهم الحركة ومدتهم بعبوات الإجرام والقتل !؟