ارشيف من :آراء وتحليلات

هلع إسرائيلي إزاء تحولات في منطقة الشرق الأوسط

هلع إسرائيلي إزاء تحولات في منطقة الشرق الأوسط
من حق الإسرائيليين أن يستولي عليهم الهلع إزاء ما تشهده المنطقة من تحولات تنذر، بعد الهزائم العسكرية المباشرة التي مني بها جيشهم في لبنان وغزة، بانبثاق أوضاع من شأنها أن تشكل تهديداً جدياً للوجود الإسرائيلي من أساسه. فبعد تراجع الولايات المتحدة عن ضرب سوريا، وعدم إقدامها على ضرب إيران كمهمة ظلت موضوعة على طاولة الحسابات الأميركية منذ سنوات عديدة، وخصوصاً بعد بروز التوجه الأميركي الأخير نحو التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي وتداعيات ذلك على الساحتين الإقليمية والدولية، لم يعد بإمكان الإسرائيليين أن يقولوا بكل ثقة بأن هنالك من يقاتل أعداءهم بالنيابة عنهم.

ومن الطبيعي، والحال تلك، أن يستشعر وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الحاجة إلى البحث عن حلفاء جدد رغم التطمينات الأميركية التي شددت على الطبيعة الاستراتيجية للعلاقة مع "إسرائيل" ووضعت التحولات الأخيرة في السياسة الأميركية تحت العنوان التكتيكي.

وسواء كان ليبرمان قد عبر عن وجهة نظره هذه على سبيل العتب أو الاستياء، وهي وعلى كل حال وجهة نظر لا يوافقه عليها كثير من المسؤولين الإسرائيليين، فإن قلقه يظل في محله. لأن ما بعد الاتفاق الأخير حول النووي الإيراني لن يكون مشابهاً بالنسبة للكيان الصهيوني لما كان قبله. أقله لأن هذا الاتفاق لم يقر بحقوق إيران في امتلاك الطاقة النووية السلمية وحسب، بل أقر أيضاً بموقع إيران السياسي بين القوى الكبرى. وقد لا نفاجأ في المستقبل القريب إذا ما أصبحت معادلة 5+2 حاضرة في أي مسعى دولي لمعالجة أي من القضايا الإقليمية، وفي طليعتها القضية الفلسطينية.
هلع إسرائيلي إزاء تحولات في منطقة الشرق الأوسط
نتنياهو ..الاتفاق النووي خطأ تاريخي !
وبالطبع، لا نحتاج إلى كبير جهد لمعرفة هوية "الحلفاء الجدد" الذين يدعو ليبرمان إلى البحث عنهم خارج الولايات المتحدة وأوروبا المنهمكتين بما يعصف بهما من أزمات. فالحقيقة أن جزءاً كبيراً من الفضل في قيام "إسرائيل" ثم في استمرارها وجموحها الاستكباري اللاحق إنما يعود بالتحديد إلى حلفائها من العرب.

وإذا كان ارتباط بعض الأنظمة والعروش العربية غير العلني بـ "إسرائيل" منذ العام 1948 وما قبله قد أصبح جزءاً مكملاً للثقافة الشعبية التي يتداولها الناس في الشوارع تحت أسماء العمالة والخيانة، فإن العمالة والخيانة قد ظهرتا على المكشوف في اللحظة التي انهالت فيها التوسلات العربية على "إسرائيل" لمواصلة ضرب لبنان حتى القضاء على حزب الله في حرب العام 2006.

ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، تراكمت المعطيات حول المبادلات التجارية والتعاون في المجالات الثقافية والأمنية بين الكيان الصهيوني والعديد من البلدان العربية والخليجية تحديداً. وباتت زيارات بندر بن سلطان التنسيقية إلى "إسرائيل" أخباراً عادية تتناقلها وسائل الإعلام.

ولا يخفي كثير من المراقبين اعتقادهم بأن استشراء موجات التكفير التي تترجم نفسها بتفجيرات دموية تستهدف المدنيين في العراق وسوريا ومصر ولبنان، ولا سيما التفجير الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت هي من ثمار ذلك التنسيق.

وفي ظل حالة السعار التي تعيشها كل من "إسرائيل" والسعودية منذ بروز الاتجاه نحو حل سلمي حول الملف النووي الإيراني، بات التحالف الإسرائيلي ـ السعودي في حكم الأمر الواقع.
هلع إسرائيلي إزاء تحولات في منطقة الشرق الأوسط
اوباما يدافع عن الاتفاق النووي
وفي هذا المجال، لم تبق صحيفة أو وسيلة إعلام في العالم إلا وتحدثت عن التعاون بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ( موساد) والسلطات السعودية من أجل وضع خطة عسكرية لضرب إيران. كما تحدثت عن استعداد الرياض لوضع قواعدها العسكرية بتصرف الجيش الإسرائيلي ولتمكينه من استخدام أجواء السعودية ومطاراتها وما تمتلكه من طائرات تجسس ونقل وغيرها لهذه الغاية. كما لم نعدم أخباراً عن تلويحات سعودية باستجلاب قنابل نووية من باكستان لاستخدامها إذا ما دعت الحاجة.

وسواء تعلق الأمر بالسعودية أو بـ "إسرائيل"، فإن مثل هذه التهديدات لا تعدو كونها هلوسات مرضية تفرضها طبيعة التطورات التي تشهدها المنطقة باتجاه تثمير حالة الانكفاء الأميركي والغربي عموماً لمصلحة شعوب المنطقة وقواها الصاعدة.

وإذا ما حدث للرعونة أن تحتل مقدم المسرح، فيما لو كانت السعودية و"إسرائيل" تمتلكان قدرة على القرار المستقل، فإنهما لن تنجحا في إعاقة حركة التاريخ. لذا فإنه من الأجدى لهما سلوك الطريق الذي سلكه من هو أقدر منهما على اتخاذ القرار وأن لا تقفا عقبة أمام حق شعوب المنطقة، وفي طليعتها الشعب الفلسطيني، في التحرر والانعتاق.
2013-11-26