ارشيف من :نقاط على الحروف
الإعلام الأزرق منشغل بمحاربة المقاومة
يصبّ إعلام تيار المستقبل جلّ تركيزه على محاربة المقاومة. يجتهد في محاولات كي الوعي الجماعي لجمهور المقاومة وتزييف المفاهيم المرتبطة بالجهاد والشهادة. فيما جمهوره سارح على قارعة التيه، وقد بدأ الإنفصام يغزو هويته الوطنية والقومية.
في جلسة دُبّرت بشكل عفوي، ضمّت زملاء دراسة سابقين، إلتمّ مستقبليون وزملاء لهم من مختلف التيّارت والتوجّهات السياسية في لبنان. كانت الأزمة السياسية وتشعّباتها الداخلية والخارجية طبقاُ رئيسياً تناوله الشباب المثقّف بالتحليل والتمحيص والاستدلال والاستبيان. أدلى الجميع بدلوه في تلك الجلسة. تحدّثوا عن آداء فريقهم الحزبي، عن الثغرات ونقاط القوة، والنظرة الى المستقبل.. أي المقبل من الأيام.
يبدو تيّار المستقبل كمن لا يملك رؤية واضحة لمسار الأحداث في لبنان والإقليم. لا تماس بين القيادة والقاعدة، والشباب متروكون ليواجهوا المستجدات بما يحصّلونه من معلومات عبر وسائل الإعلام. كلام يبدو للوهلة الأولى طبيعي ومُستهلك. لكن الجديد فيه واللافت أنه صادر عن أحد منتسبي تيّار المستقبل.
يتحدّث الشاب الثلاثيني عن "حالة بالوَيل". ماذا يعني أن يتحلّق الشباب والمنتسبون حول شاشة المستقبل بانتظار وجبة التهكّم الأسبوعية التي يقدّها لنا نديم قطيش؟ هل نواجه منطق الآخرين بكمية من المنطق الساذج والمعلومات المفبركة والمضّخمة؟ يتساءل. ويضيف "أصلاً نحن مش قابضينوا جَد للنديم كيف هنّي!".
يقوم خطاب التيّار على أساس واحد هو الرد على حزب الله وفريقه واتهامه بكل الاتهامات الممكنة. "بدّون ياني صدّق أنّ حزب الله وإيران مسؤولان عن غرق العبّارة الإندونيسية!".
لا يدافع الشاب عن حزب الله. يقول إنه ينتظر قرار المحكمة الدولية التي تنظر باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فالحزب بنظره متهم أول ومِن خلفه سوريا. يعود الى تساؤلاته ويسأل هذه المرة "ماذا فعلنا في قضية الشهيد رفيق الحريري نحن والمحكمة؟"، قبل أن يجيب نفسه بنفسه "متل العادة.. وَلا شي!".
يحاول الشاب ألا يبدو كمن يجلد نفسه. خصوصاً وأن زميلاً له في المنسقية ذاتها، كان حاضراً في تلك الجلسة، وقد أشبعه نظرات استنكار واستهجان. يستجمع الشاب قواه. وبعد عملية شهيق وزفير متكررة وشاقة يقول بصوت لا يخلو من العتب "أيه بس جرحتونا بـ7 أيار!". لا يأتي على ذكر قرارات حكومة السنيورة في 5 أيار، تدمير سلاح الإشارة التابع للمقاومة، كسبب رئيسي لأحداث 7 أيار عام 2008. يحتج بعض الحضور من فريق المقاومة. يصحّح الشاب الموقف "أيه بس أنا لا أقول عنه احتلال لبيروت، ولا غزوة، ولا أي من تلك الأوصاف. هو عمل محدود ومعزول وقد تجاوزناه رغم صعوبته". يطمئن الحضور الى "توازن" الخطاب لينتقل الجميع بالحديث الى آخر المستجدات الإقليمية، وخصوصاً الأزمة السورية.
شبّه أحدهم كثافة الأدخنة المنبعثة من النراجيل المنتشرة في المكان، بكثافة دخان المعارك المنتشرة على أرض سوريا، وصوت تقلّب المياه في الزجاجات، بصوت أزيز الرصاص و دوي القنابل. يتدخّل الشاب المستقبلي مقاطعاً "موقفنا مما يجري في سوريا أخلاقي وديني قبل أن يكون سياسياً.. فسّروا لي كيف يمكنكم أن تكونوا ضد إرادة شعب أعزل ينشد الحرية؟".
بداية أرادها الشاب نارية على عكس مواقفه في الشأن الداخلي. يحتدم النقاش. ينقسم الشباب الى فريقين. شيشان، تمويل، حرية، السعودية، بندر، متورّطون، أنتم، لأ أنتم. عاصفة من الكلمات تملأ المكان، يلتفت كل من كان حاضراً في الحلقات القريبة، الى طاولة الشباب.. يسود صمت مطبق، قبل يستعيد الجميع أنفاسه.
أعرف أن الثورة انحرفت عن مسارها، وأعرف أن دولاً وجهات عدّة تحاول استثمار دماء السوريين في السياسة. مؤتمر جنيف -2 المزمع عقده قريباً بين ممثلين عن النظام والمعارضة خير دليل على كلامي. لكن، ماذا تريدون أن نفعل؟ حزب الله لا يريد الخروج من سوريا، وساحاتنا في لبنان يحتلها السلفيّون. أتعرفون أنه في بعض قرى طرابلس وعكّار لا نستطيع أن نجمع خمسة شباب لعقد جلسة لمنسقية المنطقة؟ هل تعرفون أن بعض المنسقيات صارت مكاتب لمسلّحين سلفيّين وغيرهم من الإسلاميين المتشدّدين المرتبطين بتنظيم القاعدة؟
لم تعد الساحة لنا. هل تصدّق يوماً أن خطاب تيّار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان ذلك الخطاب الذي يخرج من فم خالد الضاهر مثلاً أو معين المرعبي أو محمد كبّارة؟ لا يستطيع التيّار التبرؤ منهم. نريد أن نحافظ على حضورنا الشعبي وسط خطاب يقوم على الغرائز والتجييش المذهبي. هذا ما يطلبه الجمهور على تلك البقعة من الأرض. مضّطرون أن نسير خلف القاعدة الشعبية الى أن نستعيد قدرتنا على تسييرها.
لا شك أن كلام الشاب المستقبلي لا يمثّل الخط العريض لسياسة تيّار السمتقبل في لبنان. ولا شك أيضاً أن قرار تيّار آل الحريري مرهون لخدمة سياسات خارجية تُطبخ في جدّة والرياض. لكن، الأكيد أن هذه القراءة النقدية ليست ناجمة عن طفرة ديمقراطية يتمتّع بها التيّار المدعوم من مملكة آل سعود. هي "تنفيس" عن شعور بالغربة عمّا يجب أن يكون عليه تيّار "العِلم والقلم" وما هو عليه اليوم.
وبين الواقع المرير والخيال الوردي، يبحث جمهور التيار الأزرق بين الوجوه المعروضة من خلال إعلامه "الجَبري" ليل نهار، عن قدوة يسد فيها نهم الريادة والقيادة لديه. النماذج المتوفرة لا تلبي طموح الكثيرين في عداد هذا الجمهور. الأسماء اللامعة منها والباهتة إمّا مدعاة للخجل أو داعية للتكفير.
في جلسة دُبّرت بشكل عفوي، ضمّت زملاء دراسة سابقين، إلتمّ مستقبليون وزملاء لهم من مختلف التيّارت والتوجّهات السياسية في لبنان. كانت الأزمة السياسية وتشعّباتها الداخلية والخارجية طبقاُ رئيسياً تناوله الشباب المثقّف بالتحليل والتمحيص والاستدلال والاستبيان. أدلى الجميع بدلوه في تلك الجلسة. تحدّثوا عن آداء فريقهم الحزبي، عن الثغرات ونقاط القوة، والنظرة الى المستقبل.. أي المقبل من الأيام.
يبدو تيّار المستقبل كمن لا يملك رؤية واضحة لمسار الأحداث في لبنان والإقليم. لا تماس بين القيادة والقاعدة، والشباب متروكون ليواجهوا المستجدات بما يحصّلونه من معلومات عبر وسائل الإعلام. كلام يبدو للوهلة الأولى طبيعي ومُستهلك. لكن الجديد فيه واللافت أنه صادر عن أحد منتسبي تيّار المستقبل.
يتحدّث الشاب الثلاثيني عن "حالة بالوَيل". ماذا يعني أن يتحلّق الشباب والمنتسبون حول شاشة المستقبل بانتظار وجبة التهكّم الأسبوعية التي يقدّها لنا نديم قطيش؟ هل نواجه منطق الآخرين بكمية من المنطق الساذج والمعلومات المفبركة والمضّخمة؟ يتساءل. ويضيف "أصلاً نحن مش قابضينوا جَد للنديم كيف هنّي!".
يقوم خطاب التيّار على أساس واحد هو الرد على حزب الله وفريقه واتهامه بكل الاتهامات الممكنة. "بدّون ياني صدّق أنّ حزب الله وإيران مسؤولان عن غرق العبّارة الإندونيسية!".
لا يدافع الشاب عن حزب الله. يقول إنه ينتظر قرار المحكمة الدولية التي تنظر باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فالحزب بنظره متهم أول ومِن خلفه سوريا. يعود الى تساؤلاته ويسأل هذه المرة "ماذا فعلنا في قضية الشهيد رفيق الحريري نحن والمحكمة؟"، قبل أن يجيب نفسه بنفسه "متل العادة.. وَلا شي!".
يحاول الشاب ألا يبدو كمن يجلد نفسه. خصوصاً وأن زميلاً له في المنسقية ذاتها، كان حاضراً في تلك الجلسة، وقد أشبعه نظرات استنكار واستهجان. يستجمع الشاب قواه. وبعد عملية شهيق وزفير متكررة وشاقة يقول بصوت لا يخلو من العتب "أيه بس جرحتونا بـ7 أيار!". لا يأتي على ذكر قرارات حكومة السنيورة في 5 أيار، تدمير سلاح الإشارة التابع للمقاومة، كسبب رئيسي لأحداث 7 أيار عام 2008. يحتج بعض الحضور من فريق المقاومة. يصحّح الشاب الموقف "أيه بس أنا لا أقول عنه احتلال لبيروت، ولا غزوة، ولا أي من تلك الأوصاف. هو عمل محدود ومعزول وقد تجاوزناه رغم صعوبته". يطمئن الحضور الى "توازن" الخطاب لينتقل الجميع بالحديث الى آخر المستجدات الإقليمية، وخصوصاً الأزمة السورية.
شبّه أحدهم كثافة الأدخنة المنبعثة من النراجيل المنتشرة في المكان، بكثافة دخان المعارك المنتشرة على أرض سوريا، وصوت تقلّب المياه في الزجاجات، بصوت أزيز الرصاص و دوي القنابل. يتدخّل الشاب المستقبلي مقاطعاً "موقفنا مما يجري في سوريا أخلاقي وديني قبل أن يكون سياسياً.. فسّروا لي كيف يمكنكم أن تكونوا ضد إرادة شعب أعزل ينشد الحرية؟".
بداية أرادها الشاب نارية على عكس مواقفه في الشأن الداخلي. يحتدم النقاش. ينقسم الشباب الى فريقين. شيشان، تمويل، حرية، السعودية، بندر، متورّطون، أنتم، لأ أنتم. عاصفة من الكلمات تملأ المكان، يلتفت كل من كان حاضراً في الحلقات القريبة، الى طاولة الشباب.. يسود صمت مطبق، قبل يستعيد الجميع أنفاسه.
أعرف أن الثورة انحرفت عن مسارها، وأعرف أن دولاً وجهات عدّة تحاول استثمار دماء السوريين في السياسة. مؤتمر جنيف -2 المزمع عقده قريباً بين ممثلين عن النظام والمعارضة خير دليل على كلامي. لكن، ماذا تريدون أن نفعل؟ حزب الله لا يريد الخروج من سوريا، وساحاتنا في لبنان يحتلها السلفيّون. أتعرفون أنه في بعض قرى طرابلس وعكّار لا نستطيع أن نجمع خمسة شباب لعقد جلسة لمنسقية المنطقة؟ هل تعرفون أن بعض المنسقيات صارت مكاتب لمسلّحين سلفيّين وغيرهم من الإسلاميين المتشدّدين المرتبطين بتنظيم القاعدة؟
لم تعد الساحة لنا. هل تصدّق يوماً أن خطاب تيّار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان ذلك الخطاب الذي يخرج من فم خالد الضاهر مثلاً أو معين المرعبي أو محمد كبّارة؟ لا يستطيع التيّار التبرؤ منهم. نريد أن نحافظ على حضورنا الشعبي وسط خطاب يقوم على الغرائز والتجييش المذهبي. هذا ما يطلبه الجمهور على تلك البقعة من الأرض. مضّطرون أن نسير خلف القاعدة الشعبية الى أن نستعيد قدرتنا على تسييرها.
لا شك أن كلام الشاب المستقبلي لا يمثّل الخط العريض لسياسة تيّار السمتقبل في لبنان. ولا شك أيضاً أن قرار تيّار آل الحريري مرهون لخدمة سياسات خارجية تُطبخ في جدّة والرياض. لكن، الأكيد أن هذه القراءة النقدية ليست ناجمة عن طفرة ديمقراطية يتمتّع بها التيّار المدعوم من مملكة آل سعود. هي "تنفيس" عن شعور بالغربة عمّا يجب أن يكون عليه تيّار "العِلم والقلم" وما هو عليه اليوم.
وبين الواقع المرير والخيال الوردي، يبحث جمهور التيار الأزرق بين الوجوه المعروضة من خلال إعلامه "الجَبري" ليل نهار، عن قدوة يسد فيها نهم الريادة والقيادة لديه. النماذج المتوفرة لا تلبي طموح الكثيرين في عداد هذا الجمهور. الأسماء اللامعة منها والباهتة إمّا مدعاة للخجل أو داعية للتكفير.