ارشيف من :آراء وتحليلات
’الكتاب الأسود’ للمرزوقي يثير جدلا في الخضراء
لا حديث في تونس هذه الأيام إلا عما يسمى "الكتاب الأسود" الذي أصدرته رئاسة الجمهورية وفضحت من خلاله بعض الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية التي تعاملت مع نظام بن علي. هذا الكتاب ملأ الدنيا وشغل الناس في أرض الخضراء وأثار الكثير من الجدل ورحبت بصدوره جهات موالية للفريق الحاكم فيما انتقده وانتقد الجهة التي أصدرته جانب كبير من الرأي العام الوطني.
وقد غطى الجدل الدائر بشأنه على الحدث الأهم والأبرز على الساحة التونسية وهو تعطل الحوار الوطني وعدم حصول التوافق بشأن رئيس الحكومة القادم. وهو ما جعل البعض يذهب باتجاه اتهام المرزوقي وجماعته في مؤسسة رئاسة الجمهورية بإصدار هذا الكتاب، وفي هذا الظرف تحديدا، للتغطية على فشل الحوار الوطني وإلهاء الرأي العام وخصوصا الإعلاميين عن الشأن العام.
تهليل
ولعل أبرز المستفيدين مما جاء في الكتاب هو فريق الموالاة الذي يعتقد جازما أنه وجه صفعة لبعض الإعلاميين الذين امتهنوا التشهير بإخفاقاته في الحكم، وبالتالي يعتقد هؤلاء أنه، وبعد صدور هذا الكتاب، لن يتجرأ الإعلاميون الذين وردت أسماؤهم على صفحاته على انتقاد حركة "النهضة" وحليفيها في الحكم حزبا "التكتل" و"المؤتمر". لذلك هلل كثير من المسؤولين والإعلاميين الموالين للفريق الحاكم لهذا الكتاب واعتبروه ضرورة لوضع الأمور في إطارها في غياب العدالة الإنتقالية التي تعطلت حتى فقدت جدواها.
المرزوقي يتصفح كتابه
ويشار إلى أن تسريبات من هذا الكتاب خرجت إلى العلن قبيل صدوره بصحف وقنوات الفريق الحاكم على أساس أنها سبق صحفي لهذه المؤسسات الإعلامية دون سواها. وهدد بعض الإعلاميين الموالين بعض زملائهم المعارضين ممن وردت أسماؤهم بالكتاب بفضحهم واستغلال ما بحوزتهم من معلومات للتشهير بهم أمام الرأي العام الوطني خاصة فيما يتعلق بمن قبض مبالغ مالية من نظام بن علي بغاية تلميع صورة النظام.
انتقادات واسعة
في المقابل يلقى هذا الكتاب الذي قيل أنه تم تأليفه بالإعتماد على أرشيف بن علي في رئاسة الجمهورية انتقادات واسعة من قبل من الرأي العام التونسي. فالبعض تساءل كيف يمكن للرئيس المرزوقي ومستشاريه أن يجدوا الوقت لتأليف الكتب فيما البلاد غارقة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها في المشاكل. وتساءل آخرون كيف تنفق أموال رئاسة الجمهورية وترصد عائدات للمطبعة الرسمية للبلاد التونسية ليتم طبع هذا الكتاب من مال الشعب التونسي وقوته اليومي، فقد كانت المناطق الداخلية المنكوبة والتي تكاد تنعدم فيها التنمية، وفقراء القوم، أولى بهذه الأموال بنظر هؤلاء.
وذهب البعض إلى حد المطالبة بمحاسبة الرئيس المرزوقي على تبديد المال العام في هذا الظرف الإقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد التونسية. فالأمر في نظرهم لا يعدو أن يكون سوى تصفية حساب من حزب "المؤتمر"، الذي يسيطر بمعية رئيسه المرزوقي على قصر قرطاج، مع خصومه الإعلاميين ممن لم يأتوا إلى "بيت الطاعة"، أي يعلنوا ولاءهم لحزبي "النهضة" و"المؤتمر". وبالفعل فإن عددا من المحامين سيتولون رفع دعاوى بالمرزوقي ومستشاريه لدى النيابة العمومية بسبب تبديد المال العام وفقا لما يتم تداوله.
تغاضي
ولعل ما يؤكد فرضية تصفية الحسابات هو عدم وجود أسماء إعلاميين في هذا الكتاب يعرف القاصي والداني في تونس انخراطهم في السابق في تمجيد بن علي ومدح أصهاره مقابل تلقي مبالغ مالية، والسبب أنهم غيروا ولاءهم من حكام الأمس المطاح بهم إلى المتربعين الجدد على عروش قرطاج والقصبة وباردو، وكانوا في الماضي مداحين لنظام بن علي وصاروا اليوم مدافعين شرسين عن حركة "النهضة" وحلفائها فتمت مكافأتهم بعدم تضمين أسمائهم في هذا الكتاب.
كما أن إعلاميين آخرين معارضين للحكم الجديد زج بهم في هذا الكتاب زوراً وبهتانا وتم التشهير بهم وذكرت لهم أفعال لا ترقى لأن تكون "تعاملا" مع النظام السابق. أحد هؤلاء تم التشهير به وتضمين إسمه في كتاب المرزوقي الأسود لأنه بعث برسالة إلى بن علي من منفاه في أوروبا طالبا منح والده جواز سفر!. فقد حرم هذا الوالد من جواز سفر لأن إبنه كان معارضا منفيا في صقيع أوروبا.
غلاف الكتاب .. منظكومة الدعاية تحت حكم بن علي
كما اعتبر مؤلفو الكتاب عفو بن علي عن هذا الصحفي المعارض وإسقاط عقوبة السجن بحقه جرما من هذا الأخير الذي صار اليوم لامعا بمقالاته المنتقدة لحكم "النهضة". وبالتالي فإن ما يميز كتاب المرزوقي هو التغاضي عن مداحي بن علي الذين غيروا الولاءات وصاروا في صف الرئيس الجديد، والتشهير بالإعلاميين الذين ينتقدون الحكم الجديد وتلفيق التهم لبعضهم أو اعتبار اتصالهم ببن علي للإحتجاج على وضعيات من قبيل عدم منحهم جواز سفر جريمة لا تغتفر.
العدالة الإنتقالية
كما أن المرزوقي ومستشاريه ليس من حقهم بحسب البعض توظيف أرشيف الرئاسة. ففي الحالات العادية تكون للقضاء وحده صلاحية وضع اليد على هذه الوثائق، أما في الحالات الإستثنائية كالتي تعيشها تونس فإن هيئة العدالة الإنتقالية وحدها من يخول لها القانون مسك هذا الأرشيف. وفي تونس تم إستحداث وزارة مكلفة بالعدالة الإنتقالية على رأسها الحقوقي سمير ديلو وهو من قيادات الصف الأول في حركة "النهضة"، وقد عبر ديلو ضمنيا في تصريح له وبديبلوماسيته المعهودة عن عدم رضاه بما أتاه المرزوقي.
ويشار إلى أن نقابة الصحافيين التونسيين عبرت عن استنكارها لما حصل وكثير من المنظمات والجمعيات. لكن مؤسسة الرئاسة يبدو أنها مقتنعة بما أقدمت عليه ومصرة على المضي قدما في التشهير بمعارضي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يسيطر على قصر الرئاسة ويُعتقد أنه انطلق مبكرا في حملته الإنتخابية.
وقد غطى الجدل الدائر بشأنه على الحدث الأهم والأبرز على الساحة التونسية وهو تعطل الحوار الوطني وعدم حصول التوافق بشأن رئيس الحكومة القادم. وهو ما جعل البعض يذهب باتجاه اتهام المرزوقي وجماعته في مؤسسة رئاسة الجمهورية بإصدار هذا الكتاب، وفي هذا الظرف تحديدا، للتغطية على فشل الحوار الوطني وإلهاء الرأي العام وخصوصا الإعلاميين عن الشأن العام.
تهليل
ولعل أبرز المستفيدين مما جاء في الكتاب هو فريق الموالاة الذي يعتقد جازما أنه وجه صفعة لبعض الإعلاميين الذين امتهنوا التشهير بإخفاقاته في الحكم، وبالتالي يعتقد هؤلاء أنه، وبعد صدور هذا الكتاب، لن يتجرأ الإعلاميون الذين وردت أسماؤهم على صفحاته على انتقاد حركة "النهضة" وحليفيها في الحكم حزبا "التكتل" و"المؤتمر". لذلك هلل كثير من المسؤولين والإعلاميين الموالين للفريق الحاكم لهذا الكتاب واعتبروه ضرورة لوضع الأمور في إطارها في غياب العدالة الإنتقالية التي تعطلت حتى فقدت جدواها.
المرزوقي يتصفح كتابه
انتقادات واسعة
في المقابل يلقى هذا الكتاب الذي قيل أنه تم تأليفه بالإعتماد على أرشيف بن علي في رئاسة الجمهورية انتقادات واسعة من قبل من الرأي العام التونسي. فالبعض تساءل كيف يمكن للرئيس المرزوقي ومستشاريه أن يجدوا الوقت لتأليف الكتب فيما البلاد غارقة من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها في المشاكل. وتساءل آخرون كيف تنفق أموال رئاسة الجمهورية وترصد عائدات للمطبعة الرسمية للبلاد التونسية ليتم طبع هذا الكتاب من مال الشعب التونسي وقوته اليومي، فقد كانت المناطق الداخلية المنكوبة والتي تكاد تنعدم فيها التنمية، وفقراء القوم، أولى بهذه الأموال بنظر هؤلاء.
وذهب البعض إلى حد المطالبة بمحاسبة الرئيس المرزوقي على تبديد المال العام في هذا الظرف الإقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد التونسية. فالأمر في نظرهم لا يعدو أن يكون سوى تصفية حساب من حزب "المؤتمر"، الذي يسيطر بمعية رئيسه المرزوقي على قصر قرطاج، مع خصومه الإعلاميين ممن لم يأتوا إلى "بيت الطاعة"، أي يعلنوا ولاءهم لحزبي "النهضة" و"المؤتمر". وبالفعل فإن عددا من المحامين سيتولون رفع دعاوى بالمرزوقي ومستشاريه لدى النيابة العمومية بسبب تبديد المال العام وفقا لما يتم تداوله.
تغاضي
ولعل ما يؤكد فرضية تصفية الحسابات هو عدم وجود أسماء إعلاميين في هذا الكتاب يعرف القاصي والداني في تونس انخراطهم في السابق في تمجيد بن علي ومدح أصهاره مقابل تلقي مبالغ مالية، والسبب أنهم غيروا ولاءهم من حكام الأمس المطاح بهم إلى المتربعين الجدد على عروش قرطاج والقصبة وباردو، وكانوا في الماضي مداحين لنظام بن علي وصاروا اليوم مدافعين شرسين عن حركة "النهضة" وحلفائها فتمت مكافأتهم بعدم تضمين أسمائهم في هذا الكتاب.
كما أن إعلاميين آخرين معارضين للحكم الجديد زج بهم في هذا الكتاب زوراً وبهتانا وتم التشهير بهم وذكرت لهم أفعال لا ترقى لأن تكون "تعاملا" مع النظام السابق. أحد هؤلاء تم التشهير به وتضمين إسمه في كتاب المرزوقي الأسود لأنه بعث برسالة إلى بن علي من منفاه في أوروبا طالبا منح والده جواز سفر!. فقد حرم هذا الوالد من جواز سفر لأن إبنه كان معارضا منفيا في صقيع أوروبا.
غلاف الكتاب .. منظكومة الدعاية تحت حكم بن علي
العدالة الإنتقالية
كما أن المرزوقي ومستشاريه ليس من حقهم بحسب البعض توظيف أرشيف الرئاسة. ففي الحالات العادية تكون للقضاء وحده صلاحية وضع اليد على هذه الوثائق، أما في الحالات الإستثنائية كالتي تعيشها تونس فإن هيئة العدالة الإنتقالية وحدها من يخول لها القانون مسك هذا الأرشيف. وفي تونس تم إستحداث وزارة مكلفة بالعدالة الإنتقالية على رأسها الحقوقي سمير ديلو وهو من قيادات الصف الأول في حركة "النهضة"، وقد عبر ديلو ضمنيا في تصريح له وبديبلوماسيته المعهودة عن عدم رضاه بما أتاه المرزوقي.
ويشار إلى أن نقابة الصحافيين التونسيين عبرت عن استنكارها لما حصل وكثير من المنظمات والجمعيات. لكن مؤسسة الرئاسة يبدو أنها مقتنعة بما أقدمت عليه ومصرة على المضي قدما في التشهير بمعارضي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يسيطر على قصر الرئاسة ويُعتقد أنه انطلق مبكرا في حملته الإنتخابية.