ارشيف من :نقاط على الحروف
’هيدا حكي’: MTV شو هالحكي؟؟
على الشّاشة، لا مكان للصدفة. كلّ ما تشاهده، موجّه، مموّل، يستهدف جمهوراً محدّداً، ويبتغي رقماً واضحاً لنسبة أرباحه. لذا من المُحال أنّ تنشىء أيّ جهة، مهما حسُنت نواياها، مؤسسة إعلامية ريعيّة. ولكلّ مؤسسة الحق في نقد الواقع برمّته، ولكن مع مراعاة المصداقيّة، واحترام عقل المشاهد، دون التّحريض على الفتنة بإسم التّغيير والجرأة. ولدى محاولتك الوقوف عند أسلوب ضمني محترف للتحريض على الفتنة، لا يمكنك تجاهل برنامج "هيدا حكي".
يطلّ الممثل الكوميدي اللّبناني عادل كرم في برنامج "هيدا حكي" في محاولة تمزج بين أسلوب جيمي فالون الأميركيّ - ""Late night with Jimmy Fallon تعرضه قناة الـ NBC الأميركيّة - والمصريّ باسم يوسف مقدّم برنامج "البرنامج". ويشكّل "هيدا حكي" مجلة إخباريّة عمادها الكوميديا السّوداء.
احتلّت حلقة "هيدا حكي" ساعة و 24 دقيقة على هواء شاشة الـ MTV ليل الأحد الماضي، وقد بلغ حيّز الإعلانات فيها قرابة الـ 17 دقيقة. وهو أمرٌ يشير إلى تعويل القناة على نوعية البرامج هذه لجذب أعلى نسبة من المشاهدين والعائدات الإعلانيّة، إضافةً إلى تمرير رسائلها الضّمنيّة بطريقة سلسة.
يستهل حلقات "هيدا حكي" جينيريك أميركيّ الطابع مدموغ ببصمة الموسيقى الصّاخبة، وناطحات السّحب النيويوركيّة. يدخل كرم إلى الاستديو بأسلوب هوليوودي، عبر ممر منزلي الطابع، مما يعكس الدفء والحميميّة في نفس المشاهد.
على الحائط الجانبي بقرب كرم، تظهر صورتان الأولى لمار شربل، القديس اللّبناني المارونيّ الأشهر، وصورةٌ أخرى للرئيس كميل شمعون. كان من البديهيّ فهم وجود صّورة مار شربل لو كان البرنامج يتحدّث عن ميلاد المسيح أو عن جلجلة تضحياته، أو عن القديس نفسه. ولكن يبدو وكأنّ القناة - ذات الإدارة الأورثوذوكسيّة - تقول للموارنة، ولجميع اللّبنانيين المسيحيين، أنّها حاضنة المسيحيّة اللّبنانيّة على اختلاف مذاهبها. وكأنّك لن تكون مسيحيّاً إن خرجت عن أدبيّات وأفكار القناة.
أمّا صورة الرئيس كميل شمعون، فيبدو أنّها جاءت لنمذجة مواقفه، كمؤيّد لحلف بغداد، ورافضٍ للقوميّة العربيّة الناصريّة، والأهم كرجل استدعى تدخل الرئيس الأميركي أيزنهاور عبر إرسال قوات المارينز خاصّته، لدى اندلاع أزمة 1958.
يستهلّ كرم استعراضه بالحديث عن إشكال فريق عمل "تحت طائلة المسؤولية" في قناة الجديد مع عناصر الجمارك. يسخر قليلاً من الصحافي رياض قبيسي، ويخلص إلى أنّ "أصل البلى كلّه في الإعلام الموجّه ونشرات الأخبار". هل يفترض الأستاذ كرم وجود إعلام غير موجّه، أو نشرة أخبار عبثية الأهداف على وجه البسيطة؟ ممكن...
ثمّ يتحدّث المقدّم عن غياب "الأسلوب الحضاري" في ممارسة الحريّة الإعلاميّة، ساخراً من مقدمات نشرات الأخبار، وكانت معظم انتقاداته في محلّها. وحينما يصل الدّور للـ MTV، ستبدأ مسرحية يشترك فيها الجمهور إذ يصيح أحدهم "والـ MTV"؟ فيسأل كرم "مين قال MTV؟" ويجيبه الشّاب "أنا قلت"، في محاولة لإظهار مساحة الحريّة الكبيرة لدى القناة.
عندها، يؤكّد كرم أنّه "لا يركّز على المضمون" لأنّه يتلهى بجمال المذيعات، ممّا يكرّس سمعة الـ MTV كـ"تلفزيون نسوان". ويبدو كأن لا خطأ ولا عيب في مقدّمة نشرة القناة سوى أنوثة المذيعات الفائضة رغما عنهنّ. كما يوحي التّغاضي عن مضمون مقدمات نشرات الـ MTV بأنّه جاء لحماية هذا المضمون، والتّأكيد عليه.
ويختم كرم حديثه بالتّأكيد على كليشيه وقوف الحريّة الشّخصيّة عند حريّة الآخرين، مع تأكيده على ضرورة عدم التّورّط مع الصّحفيين لأنّ الأمر سيتحوّل "متل العلقان مع مرا مشلّفة ..."، في تشديد على خلفيّة القناة التي لا تجد في المرأة سوى سلعة لجذب المشاهدين.
إذن خصص البرنامج قرابة الـ 13 دقيقة، لتلقين الجمارك، والإعلام، خصوصاً قناة الجديد، درساً عن الحريّة. واعتبر كرم أنّه "صار فينا نقول اليوم وبكلّ فخر عنّا إعلام مرئي ومسموع ومكتوب ومضروب"، والضّرب هنا هو الفساد، جيّد. ولكن هل تشذّ الـ MTV عن قاعدة الفساد هذه؟
من محور الداون تاون إلى محور مونو-السوديكو
قرابة الـ 7 دقائق، خصّصتها حلقة "هيدا حكي" للحديث عن "معركة" جامعة القديس يوسف USJ، استهلّها عادل كرم بعبارة "من محور الداون تاون مننتقل لمحور مونو-السوديكو ومندخل على أرض المعركة، على جامعة اليسوعية". إذاً "الحروب الصّغيرة" في "بموضوعيّة"، شيّدت لها الـ MTV متاريسًا في "هيدا حكي".
يسأل كرم الطّلاب عن سبب دخولهم الجامعة، وإنّ كانوا يسعون ليصبحوا "قادة محاور" عبر نيل "رخصة سلاح مختلف" بدل الشّهادة الجامعيّة. ويعتبر أنّ ما جرى في الجامعة "أبعد بكثير من إنتخابات هيئات طلابيّة"، لا بل أنّ "القصة لها بعد جيوستراتيجي وجيوبوليتيكي". وهو أمرٌ استدعى استضافة الخبير العسكري والإستراتيجي الجنرال الياس حنا.
يستعرض كرم وحنّا خريطة جامعة القديس يوسف، فيسأل كرم عن "توزّع القوى في القلمون أي الجامعة"، ويؤكد الجنرال حنّا أنها ليست ببعيدة عن القلمون. يرسمان حدود ساحة المعركة، ومسرحها الأساسيّ الموزّع على "مربعات أمنية على الطريقة اللبنانية" بين جبهتيّ 8 و14 آذار.
يحدّد حنّا "خطوط التّماس، ويستخدم اللّون الأسود لـ "ذوي القمصان السود" بناءً على اقتراح كرم، لأنّه يريد الإبتعاد عن استخدام اللّون الأحمر المخصص للعدوّ. ويشرح كيف يقوم شباب 8 آذار بمنع شباب 14 آذار من التدخين في الحديقة لأنّها في نطاق سيطرتهم ولأنّهم "يخافون على صحة شباب 14 آذار" بأسلوب ساخر. فتتحوّل الحديقة إلى "منطقة غير آمنة" بالنّسبة لقوى 14 آذار بحسب الجنرال حنّا.
وعن يوم الإنتخابات الطّلابيّة، يقول حنّا أنّ "إنسحاب شباب 8 آذار كان في المنطقة الموازية لمنطقة تمركز قوى 14 آذار، وكانوا يرددون شعارات حزبيّة". هذا الإنسحاب يوحي بأنّ هناك أرضٌ احتلّها "ذوو القمصان السّود"، شاكراً الله لأنّ الإنسحاب كان إلى شارع مونو، حيث يتحدّث الجميع "بلغة شوي sophistique أي معقدة" والقصد أنّها الفرنسية الممزوجة بالإنكليزيّة، "ما حدا فهم على التاني ف ما صار المشكل". كليشيه "الجهل اللغوي" يوحي بأنّ الجنرال كرم، قد فاته أنّه لا يمكن دخول جامعة القديس يوسف إلاّ بعد تخطّي Test d'aptitude ، أي إمتحان دخول باللّغة الفرنسيّة.
يستكمل الجنرال حنّا شروحاته حول "التّخطيط لعمليّة اليسوعيّة"، فالرجل سلّم أنّها معركة، وانغمس في استغراقه. يتحدّث حنّا عن "إتصالات لوجيستية" و"خطوط مواصلات مفتوحة"، و"حصار" ، و"خطوط خلفية آمنة". كذلك يؤكّد على ضرورة استقدام "الإمدادات اللوجيستية من القاعدة"، و"تطويق المنطقة"، وهو " أمر خطير قد يؤدّي إلى تصادم على المدى البعيد". حقًا جنرال أمرٌ خطير أنّ يتحدّث ضابط سابق في جيش الوطن، كلّ الوطن، بهذه اللّهجة التّحريضيّة.
"إلعب وقاوم" و"خريطة الحرب القادمة"
حينما قرّر الأستاذ عادل كرم الحديث عن "إلعب وقاوم"، بدأ مضبطته الإتهاميّة بعرض "دورا"، النّموذج الأفضل للأطفال. نموذج مسالم، "يثقّف" الأطفال.
وبسخرية، ينتقل كرم للحديث عن ألعاب أخرى تثقيفية ومسلّية، كلعبة "إلعب وقاوم". ترافق تعداد مراحل اللّعبة التّي ترمز إلى مواجهات المقاومة البطولية (معركة العزية، إقتحام موقع سجد، معركة خلدة، إلخ...) مع ضحك الجمهور الساخر، مع تذكير كرم بأنّها موجّهة إلى الجميع ابتداءًا من عمر الـ 11 سنة. طبعاً من المعلوم أنّه من المعيب أنّ يتعرّف الأطفال على أمجاد حققّتها مقاومةٌ مزّقت أسطورة "الجيش الصهيوني الذّي لا يقهر"، ومن الضّروري تربيتهم على أفكار دورا السلميّة والإستسلاميّة، وقيم الغرب الماديّة الساميّة.
ويتحدّث كرم عن شخصيّة "أرزة" في مجلّة المسيرة، فيهدّدها بشاب "من هول تبع الحزب كان يلعب هوي وصغير بقاوم والعب"، وأنّ تصادمها مع شباب الحزب، قد يتسبب بحرب أهلية، في عودة إلى موشّح الحرب المعهود على شاشة الـ MTV . وينتهي كرم إلى الدّعاء بألاّ تقع الحرب "بوجود هالأحزاب الواعية لخطورة المرحلة"، سائلاً: "أصلاً مين بدو يحارب مين؟"
عندها، يشرح كرم على اللّوح ، خارطة العلاقات بين الأحزاب اللّبنانيّة، فتظهر أعلام تيّار المستقبل، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الحزب التّقدمي الإشتراكي، حركة أمل، والكتائب اللّبنانيّة. فيتنبّه كرم "آه نسينا حزب الله". ما هذه البراءة؟! حقاً، جميلة هي اسكتشات الممثّل عادل كرم. عندها، يختار كرم الممثل العتيد اللّوح لكتابة إسم حزب الله، ثمّ يشرح ما يريده عبر خطوط تتقاطع كلّها على اسم "حزب الله". ومن الواضح أنّ الرّسالة الضمنية لهذا الإختيار تتمحور حول أنّ:
1. كلّ العلاقات الحزبيّة تمرّ حتماً عبر حزب الله إذاً يدير الحزب دفة الحياة السياسية في لبنان.
2. يجب القضاء على حزب الله لأنّه خطر وجودي لكل الأحزاب موضوع الخارطة.
ثمّ، وبعد إتّهام حزب الله بـ"حصار" جامعة القديس يوسف، والسخرية من إنجازاته، حتّى التكنولوجيّة منها، يتحدّث كرم عن "إنجاز بيرفع راس كل عربي وبيكبر القلب وهيدا حكي" وهو استضافة دبي لمعرض اكسبو 2020 .
طبعاً كلّ إنجازات المقاومة لا تستحق الإنبهار، أمّا استضافة معرض دولي فهي أقصى طموح الأمم! لذا يصفّق الجمهور بحرارة بدل أن يضحك ساخراً. ويصرخ كرم "شو هيدا؟ شو هالقلب؟ فظيع". أمّا قلوب المقاومين المقدامة فلا يليق بها "شوفة الحال".
بعد فراغ كرم من استعراض "أخبار شبكات التّواصل الإجتماعيّة السّخيفة"، يخصّص "هيدا حكي" حوالي 20 دقيقة للحديث مع النائب نديم الجميل، ويستهلّ كرم لقاءه مع الجميّل بالسّؤال عن "إشكال اليسوعية"، وعن الخوف من طلاب حزب الله، والعونيين. فيجيبه الجميّل أنّه نزل "لمواجهة زعران حزب الله"، وأنّ "الجامعة جامعة بشير الجميل".
ويضيف النائب الجميّل أنّ "قيم وأخلاق بشير تتقاطع مع قيم وأخلاق الجامعة"، وبعد التّطرق إلى عدد من المواضيع، يعود كرم ليسأل عن علاقة الجميّل مع نوّاب حزب الله. في محاولة للتّأكيد على تأثير "معركة اليسوعيّة" وظلالها على علاقة النّائب اليافع مع نوّاب الحزب، وكأنّها خطأ لا يغتفر. وهو أمرٌ يوحي بأنّ سعادته يغفر "غزوة الأشرفيّة" بالسّواطير، ولا يتفهّم سوء الفهم الجامعي.
وفي الختام، تلقى كرم الهدايا (كتب عن سيرة الرئيس بشير الجميّل، وتسجيلات لخطاباته) من النائب الجميل، وبينها كتاب "باشو" للأطفال عن الرئيس الجميّل، ولكن دون امتعاض هذه المرّة.
يطلّ الممثل الكوميدي اللّبناني عادل كرم في برنامج "هيدا حكي" في محاولة تمزج بين أسلوب جيمي فالون الأميركيّ - ""Late night with Jimmy Fallon تعرضه قناة الـ NBC الأميركيّة - والمصريّ باسم يوسف مقدّم برنامج "البرنامج". ويشكّل "هيدا حكي" مجلة إخباريّة عمادها الكوميديا السّوداء.
احتلّت حلقة "هيدا حكي" ساعة و 24 دقيقة على هواء شاشة الـ MTV ليل الأحد الماضي، وقد بلغ حيّز الإعلانات فيها قرابة الـ 17 دقيقة. وهو أمرٌ يشير إلى تعويل القناة على نوعية البرامج هذه لجذب أعلى نسبة من المشاهدين والعائدات الإعلانيّة، إضافةً إلى تمرير رسائلها الضّمنيّة بطريقة سلسة.
يستهل حلقات "هيدا حكي" جينيريك أميركيّ الطابع مدموغ ببصمة الموسيقى الصّاخبة، وناطحات السّحب النيويوركيّة. يدخل كرم إلى الاستديو بأسلوب هوليوودي، عبر ممر منزلي الطابع، مما يعكس الدفء والحميميّة في نفس المشاهد.
على الحائط الجانبي بقرب كرم، تظهر صورتان الأولى لمار شربل، القديس اللّبناني المارونيّ الأشهر، وصورةٌ أخرى للرئيس كميل شمعون. كان من البديهيّ فهم وجود صّورة مار شربل لو كان البرنامج يتحدّث عن ميلاد المسيح أو عن جلجلة تضحياته، أو عن القديس نفسه. ولكن يبدو وكأنّ القناة - ذات الإدارة الأورثوذوكسيّة - تقول للموارنة، ولجميع اللّبنانيين المسيحيين، أنّها حاضنة المسيحيّة اللّبنانيّة على اختلاف مذاهبها. وكأنّك لن تكون مسيحيّاً إن خرجت عن أدبيّات وأفكار القناة.
أمّا صورة الرئيس كميل شمعون، فيبدو أنّها جاءت لنمذجة مواقفه، كمؤيّد لحلف بغداد، ورافضٍ للقوميّة العربيّة الناصريّة، والأهم كرجل استدعى تدخل الرئيس الأميركي أيزنهاور عبر إرسال قوات المارينز خاصّته، لدى اندلاع أزمة 1958.
يستهلّ كرم استعراضه بالحديث عن إشكال فريق عمل "تحت طائلة المسؤولية" في قناة الجديد مع عناصر الجمارك. يسخر قليلاً من الصحافي رياض قبيسي، ويخلص إلى أنّ "أصل البلى كلّه في الإعلام الموجّه ونشرات الأخبار". هل يفترض الأستاذ كرم وجود إعلام غير موجّه، أو نشرة أخبار عبثية الأهداف على وجه البسيطة؟ ممكن...
ثمّ يتحدّث المقدّم عن غياب "الأسلوب الحضاري" في ممارسة الحريّة الإعلاميّة، ساخراً من مقدمات نشرات الأخبار، وكانت معظم انتقاداته في محلّها. وحينما يصل الدّور للـ MTV، ستبدأ مسرحية يشترك فيها الجمهور إذ يصيح أحدهم "والـ MTV"؟ فيسأل كرم "مين قال MTV؟" ويجيبه الشّاب "أنا قلت"، في محاولة لإظهار مساحة الحريّة الكبيرة لدى القناة.
عندها، يؤكّد كرم أنّه "لا يركّز على المضمون" لأنّه يتلهى بجمال المذيعات، ممّا يكرّس سمعة الـ MTV كـ"تلفزيون نسوان". ويبدو كأن لا خطأ ولا عيب في مقدّمة نشرة القناة سوى أنوثة المذيعات الفائضة رغما عنهنّ. كما يوحي التّغاضي عن مضمون مقدمات نشرات الـ MTV بأنّه جاء لحماية هذا المضمون، والتّأكيد عليه.
ويختم كرم حديثه بالتّأكيد على كليشيه وقوف الحريّة الشّخصيّة عند حريّة الآخرين، مع تأكيده على ضرورة عدم التّورّط مع الصّحفيين لأنّ الأمر سيتحوّل "متل العلقان مع مرا مشلّفة ..."، في تشديد على خلفيّة القناة التي لا تجد في المرأة سوى سلعة لجذب المشاهدين.
إذن خصص البرنامج قرابة الـ 13 دقيقة، لتلقين الجمارك، والإعلام، خصوصاً قناة الجديد، درساً عن الحريّة. واعتبر كرم أنّه "صار فينا نقول اليوم وبكلّ فخر عنّا إعلام مرئي ومسموع ومكتوب ومضروب"، والضّرب هنا هو الفساد، جيّد. ولكن هل تشذّ الـ MTV عن قاعدة الفساد هذه؟
من محور الداون تاون إلى محور مونو-السوديكو
قرابة الـ 7 دقائق، خصّصتها حلقة "هيدا حكي" للحديث عن "معركة" جامعة القديس يوسف USJ، استهلّها عادل كرم بعبارة "من محور الداون تاون مننتقل لمحور مونو-السوديكو ومندخل على أرض المعركة، على جامعة اليسوعية". إذاً "الحروب الصّغيرة" في "بموضوعيّة"، شيّدت لها الـ MTV متاريسًا في "هيدا حكي".
يسأل كرم الطّلاب عن سبب دخولهم الجامعة، وإنّ كانوا يسعون ليصبحوا "قادة محاور" عبر نيل "رخصة سلاح مختلف" بدل الشّهادة الجامعيّة. ويعتبر أنّ ما جرى في الجامعة "أبعد بكثير من إنتخابات هيئات طلابيّة"، لا بل أنّ "القصة لها بعد جيوستراتيجي وجيوبوليتيكي". وهو أمرٌ استدعى استضافة الخبير العسكري والإستراتيجي الجنرال الياس حنا.
يستعرض كرم وحنّا خريطة جامعة القديس يوسف، فيسأل كرم عن "توزّع القوى في القلمون أي الجامعة"، ويؤكد الجنرال حنّا أنها ليست ببعيدة عن القلمون. يرسمان حدود ساحة المعركة، ومسرحها الأساسيّ الموزّع على "مربعات أمنية على الطريقة اللبنانية" بين جبهتيّ 8 و14 آذار.
يحدّد حنّا "خطوط التّماس، ويستخدم اللّون الأسود لـ "ذوي القمصان السود" بناءً على اقتراح كرم، لأنّه يريد الإبتعاد عن استخدام اللّون الأحمر المخصص للعدوّ. ويشرح كيف يقوم شباب 8 آذار بمنع شباب 14 آذار من التدخين في الحديقة لأنّها في نطاق سيطرتهم ولأنّهم "يخافون على صحة شباب 14 آذار" بأسلوب ساخر. فتتحوّل الحديقة إلى "منطقة غير آمنة" بالنّسبة لقوى 14 آذار بحسب الجنرال حنّا.
وعن يوم الإنتخابات الطّلابيّة، يقول حنّا أنّ "إنسحاب شباب 8 آذار كان في المنطقة الموازية لمنطقة تمركز قوى 14 آذار، وكانوا يرددون شعارات حزبيّة". هذا الإنسحاب يوحي بأنّ هناك أرضٌ احتلّها "ذوو القمصان السّود"، شاكراً الله لأنّ الإنسحاب كان إلى شارع مونو، حيث يتحدّث الجميع "بلغة شوي sophistique أي معقدة" والقصد أنّها الفرنسية الممزوجة بالإنكليزيّة، "ما حدا فهم على التاني ف ما صار المشكل". كليشيه "الجهل اللغوي" يوحي بأنّ الجنرال كرم، قد فاته أنّه لا يمكن دخول جامعة القديس يوسف إلاّ بعد تخطّي Test d'aptitude ، أي إمتحان دخول باللّغة الفرنسيّة.
يستكمل الجنرال حنّا شروحاته حول "التّخطيط لعمليّة اليسوعيّة"، فالرجل سلّم أنّها معركة، وانغمس في استغراقه. يتحدّث حنّا عن "إتصالات لوجيستية" و"خطوط مواصلات مفتوحة"، و"حصار" ، و"خطوط خلفية آمنة". كذلك يؤكّد على ضرورة استقدام "الإمدادات اللوجيستية من القاعدة"، و"تطويق المنطقة"، وهو " أمر خطير قد يؤدّي إلى تصادم على المدى البعيد". حقًا جنرال أمرٌ خطير أنّ يتحدّث ضابط سابق في جيش الوطن، كلّ الوطن، بهذه اللّهجة التّحريضيّة.
"إلعب وقاوم" و"خريطة الحرب القادمة"
حينما قرّر الأستاذ عادل كرم الحديث عن "إلعب وقاوم"، بدأ مضبطته الإتهاميّة بعرض "دورا"، النّموذج الأفضل للأطفال. نموذج مسالم، "يثقّف" الأطفال.
وبسخرية، ينتقل كرم للحديث عن ألعاب أخرى تثقيفية ومسلّية، كلعبة "إلعب وقاوم". ترافق تعداد مراحل اللّعبة التّي ترمز إلى مواجهات المقاومة البطولية (معركة العزية، إقتحام موقع سجد، معركة خلدة، إلخ...) مع ضحك الجمهور الساخر، مع تذكير كرم بأنّها موجّهة إلى الجميع ابتداءًا من عمر الـ 11 سنة. طبعاً من المعلوم أنّه من المعيب أنّ يتعرّف الأطفال على أمجاد حققّتها مقاومةٌ مزّقت أسطورة "الجيش الصهيوني الذّي لا يقهر"، ومن الضّروري تربيتهم على أفكار دورا السلميّة والإستسلاميّة، وقيم الغرب الماديّة الساميّة.
ويتحدّث كرم عن شخصيّة "أرزة" في مجلّة المسيرة، فيهدّدها بشاب "من هول تبع الحزب كان يلعب هوي وصغير بقاوم والعب"، وأنّ تصادمها مع شباب الحزب، قد يتسبب بحرب أهلية، في عودة إلى موشّح الحرب المعهود على شاشة الـ MTV . وينتهي كرم إلى الدّعاء بألاّ تقع الحرب "بوجود هالأحزاب الواعية لخطورة المرحلة"، سائلاً: "أصلاً مين بدو يحارب مين؟"
عندها، يشرح كرم على اللّوح ، خارطة العلاقات بين الأحزاب اللّبنانيّة، فتظهر أعلام تيّار المستقبل، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، الحزب التّقدمي الإشتراكي، حركة أمل، والكتائب اللّبنانيّة. فيتنبّه كرم "آه نسينا حزب الله". ما هذه البراءة؟! حقاً، جميلة هي اسكتشات الممثّل عادل كرم. عندها، يختار كرم الممثل العتيد اللّوح لكتابة إسم حزب الله، ثمّ يشرح ما يريده عبر خطوط تتقاطع كلّها على اسم "حزب الله". ومن الواضح أنّ الرّسالة الضمنية لهذا الإختيار تتمحور حول أنّ:
1. كلّ العلاقات الحزبيّة تمرّ حتماً عبر حزب الله إذاً يدير الحزب دفة الحياة السياسية في لبنان.
2. يجب القضاء على حزب الله لأنّه خطر وجودي لكل الأحزاب موضوع الخارطة.
ثمّ، وبعد إتّهام حزب الله بـ"حصار" جامعة القديس يوسف، والسخرية من إنجازاته، حتّى التكنولوجيّة منها، يتحدّث كرم عن "إنجاز بيرفع راس كل عربي وبيكبر القلب وهيدا حكي" وهو استضافة دبي لمعرض اكسبو 2020 .
طبعاً كلّ إنجازات المقاومة لا تستحق الإنبهار، أمّا استضافة معرض دولي فهي أقصى طموح الأمم! لذا يصفّق الجمهور بحرارة بدل أن يضحك ساخراً. ويصرخ كرم "شو هيدا؟ شو هالقلب؟ فظيع". أمّا قلوب المقاومين المقدامة فلا يليق بها "شوفة الحال".
بعد فراغ كرم من استعراض "أخبار شبكات التّواصل الإجتماعيّة السّخيفة"، يخصّص "هيدا حكي" حوالي 20 دقيقة للحديث مع النائب نديم الجميل، ويستهلّ كرم لقاءه مع الجميّل بالسّؤال عن "إشكال اليسوعية"، وعن الخوف من طلاب حزب الله، والعونيين. فيجيبه الجميّل أنّه نزل "لمواجهة زعران حزب الله"، وأنّ "الجامعة جامعة بشير الجميل".
ويضيف النائب الجميّل أنّ "قيم وأخلاق بشير تتقاطع مع قيم وأخلاق الجامعة"، وبعد التّطرق إلى عدد من المواضيع، يعود كرم ليسأل عن علاقة الجميّل مع نوّاب حزب الله. في محاولة للتّأكيد على تأثير "معركة اليسوعيّة" وظلالها على علاقة النّائب اليافع مع نوّاب الحزب، وكأنّها خطأ لا يغتفر. وهو أمرٌ يوحي بأنّ سعادته يغفر "غزوة الأشرفيّة" بالسّواطير، ولا يتفهّم سوء الفهم الجامعي.
وفي الختام، تلقى كرم الهدايا (كتب عن سيرة الرئيس بشير الجميّل، وتسجيلات لخطاباته) من النائب الجميل، وبينها كتاب "باشو" للأطفال عن الرئيس الجميّل، ولكن دون امتعاض هذه المرّة.