ارشيف من :آراء وتحليلات

أخيرا.. اتفق التونسيون على رئيس حكومة!

أخيرا.. اتفق التونسيون على رئيس حكومة!
بعد مفاوضات ماراتونية وحوار وطني شاق شهد عقبات بالجملة، اتفق التونسيون على أن يكون السيد المهدي جمعة وزير الصناعة في حكومة علي العريض رئيسا للحكومة القادمة. ورغم أن الإجماع لم يحصل على جمعة باعتبار أن هناك من هو أكفأ على مستوى السيرة الذاتية من بين المرشحين لهذا المنصب، إلا أن هناك شعوراً عاماً بالإرتياح لدى الشارع التونسي باعتبار أن البلاد تجنبت الإنزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية التي كانت قاب قوسين أو أدنى.
أخيرا.. اتفق التونسيون على رئيس حكومة!
رئيس الحكومة التونسية المهدي جمعة

ولعل المستفيد الأكبر من هذا الإتفاق، إلى جانب التونسيين، هو الإتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الوطنية الثلاثة الأخرى الراعية للحوار الوطني وهي اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة الأعراف أصحاب الأعمال) والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. فقد أثبتت هذه المنظمات قدرة عالية على إدارة الحوار، وسعة صدر، وصبر مكنها من النجاح، كما أثبتت أن التونسيين ليسوا قُصرا وقادرون على إدارة حوار دون الإستعانة بالخارج.

تكنوقراط

وينتمي رئيس الحكومة الجديد إلى فئة الوزراء التكنوقراط في حكومة علي العريض إذ لم يعرف له أي انتماء حزبي رغم قربه من حزب "التكتل" من أجل العمل والحريات الذي يتزعمه رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر. وهو خريج المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس وهاجر إلى الخارج خلال فترة حكم بن علي وأدار مؤسسات بفرنسا ونجح وكان بامتياز واحدا من الكفاءات الوطنية في المهجر.

وينتظر أن يختار السيد المهدي جمعة تركيبة حكومية من التكنوقراط أيضا وفقا للإتفاق الحاصل بين الفرقاء السياسيين وأن يلتزم بمعية فريقه الحكومي بعدم الترشح إلى الإنتخابات القادمة لضمان حياديتها. وينتظر أيضا أن يتم اختيار بعض الأسماء التي كانت مرشحة لرئاسة الحكومة لمنحها حقائب وزارية بالنظر إلى معيار الكفاءة خاصة مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي السابق الذي يحظى بثقة المؤسسات المالية الدولية والإقليمية وهو كفاءة وطنية رفعت بوجهها حركة "النهضة" الفيتو وحالت دونها وترأس الحكومة.  لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هل سيقبل مصطفى كمال النابلي ومن هو بحجمه العمل تحت إمرة رئيس حكومة شاب يفتقر إلى الخبرة السياسية؟

مخاطر

ورغم هذا التفاؤل الذي شاب التونسيين فإن هناك تخوفات من مخاطر قد تحف بما تبقى من مرحلة انتقالية. فالوفاق لم يكن تاما على المهدي جمعة، فحزب "نداء تونس" أكبر أحزاب المعارضة وأكثر حزب ترشحه استطلاعات الرأي للفوز بالإنتخابات القادمة، والذي يرأسه رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السبسي، لم يكن من بين الأحزاب التي صوتت بنعم على المهدي جمعة وكذا "الجبهة الشعبية" وهي تجمع الأحزاب اليسارية والقومية الذي ينتمي إليه شهيدا تونس شكري بلعيد ومحمد البراهمي. ويخشى بالتالي أن تواصل هذه الأحزاب معارضة حكومة المهدي جمعة في وقت ينشد فيه الجميع التوافق والتسيير المشترك لدواليب الدولة.
أخيرا.. اتفق التونسيون على رئيس حكومة!
رئيس الاتحاد التونسي للشغل يعلن الاتفاق على رئيس الحكومة
كما يتساءل التونسيون عن مصير رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي، هل سيشمله التغيير أم أنه سيواصل خلال ما تبقى من مرحلة انتقالية بضغط من فرنسا التي يشاع أنها كانت وراء اعتلائه عرش قرطاج؟ لقد طالب حزب "نداء تونس" ممثلا برئيسه قائد السبسي بضرورة أن يشمل التغيير الرئاسة الأولى ويبدو أن هذا المطلب سيتدعم خاصة بعد الكتاب الأسود الذي أصدره المرزوقي والذي مس من شخصيات وطنية وأبطالا عالميين وأولمبيين تونسيين ونوادي رياضية كبرى على غرار الترجي الرياضي التونسي الملقب بشيخ النوادي التونسية وأيضا "غول أفريقيا" فجماهير هذا النادي العريق والذي يعتبر إلى جانب الأهلي المصري أكبر النوادي الرياضية الأفريقية غاضبة من المرزوقي وتتوعده بالويل والثبور ما جعل المسؤولين يمنعون جماهير الترجي من ارتياد الملاعب خشية من الفوضى.
2013-12-16