ارشيف من :نقاط على الحروف
نصر الله وفيروز والداعشية الثقافية
كشف زياد الرحباني في مقابلته التي أجرتها معه الزميلة لطيفة الحسيني ونشرها موقع العهد الإخباري أمس أن والدته المطربة فيروز تحب السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله. إلى هنا الموضوع عادي، أن يحب فنانٌ شخصية سياسية أو دينية أو اجتماعية أو ثقافية، أو العكس أن تحب شخصية سياسية أو دينية أو اجتماعية أو ثقافية. وطبعاً ليس من الضروري أن يكون الحب متبادلاً بين الشخصيتين.
السيد نصر الله شخصية عامة، يحبها كثيرون ويكرهها كثيرون، وأحبها أناس ثم كرهوها، وكرهها ناس ثم أحبوها، متأثرين بحبهم أو كرههم بمواقف السيد نصر الله ومواقف حزبه العسكرية والسياسية سابقاً وحالياً. كل هذا طبيعي. ومن هنا كان حب السيدة فيروز للسيد نصر الله. كونها ربما رأت فيه رجلاً يمثل مواقفها السياسية لكونه مقاوماً ضد العدو، ذا مبادئ إنسانية تحبها، وذا مواقف سياسية تقدّرها.
ربما لو أعلن زياد أن فيروز تكره السيد نصر الله لمرّ الأمر عادياً. وربما استغله المصطادون في الحبر العكِر ليذيعوا هذا الأمر وكأنه مسبة للسيد نصر الله. لكن أن تحب فيروز السيد نصر الله فهذا لا يجوز.
فجأة يتحول كثيرون من الكتّاب والصحافيين والناشطين إلى حاقدين. أو فجأة يُظهرون ما كانوا يضمرونه من حقد، سواء على السيدة فيروز أو على السيد نصر الله أو على كليهما معاً. فجأة يصبح تراث الرحابنة الفني تراثاً منحطاً، رديئاً، تافهاً، وفجأة لا تعود فيروز طير هؤلاء الصباحي الشادي، ولا يعود صوتها رفيقهم الصباحي في عملهم وسياراتهم وفناجين قهوتهم، وفجأة تصبح فيروز ربما إرهابية شمولية قاتلة لأطفال سوريا.
منذ يومين تحولت صفحات بعض هؤلاء الكتاب والناشطين إلى ميدان لسباب فيروز، وإلى المطالبة ببيان توضيحي منها، وإلى إخبارها حتى بأن السيد نصر الله ورجاله يكرهون الغناء والمغنين، وأنه لا يستمع لا إليها ولا إلى غيرها من أهل الغناء، فكيف تحبهم وهي سيدة الغناء؟
لقد أثار زياد بكشفه لحب والدته للسيد نصر الله، من حيث كان يدري أو لا يدري، داعشية هؤلاء المبطنة، وتكفيريتهم الثقافية لمخالفيهم، وهم الذين يدعون في العلن إلى رفض الداعشية والتكفير وإلى قبول الرأي الآخر.
تحية لزياد، تحية للسيدة فيروز وإن كنا لا نستمع إلى غنائها، وتحية لكل محب للسيد نصر الله ورجاله، رجال الله في الميدان.