ارشيف من :نقاط على الحروف
لبنان .. شكراً شهداء الدفاع المقدس
يقر خصوم حزب الله السياسيون في لبنان، عملياً بالحد الأقل، أنهم لم يعودوا في وارد التفكير في نزع سلاح المقاومة والنقاش في مبدأ العداء مع إسرائيل والمواجهة العسكرية معها، ذلك لسببين، الأول إثبات الجدارة في المواجهة مع إسرائيل بإقرار لجنة فينوغراد بعد حرب 2006 ناهيك عن إنجاز التحرير عام 2000، والثاني أنهم الآن بصدد وظيفة جديدة، هي المطالبة بخروج الحزب من سوريا كشرط لدخوله في الحكومة، بعد أن أثر هذا التواجد في موازين المعركة منذ تحرير القصير من التكفيريين في أيار الماضي.
يستعيد الخصوم الواقعية بشكل تدريجي في خطابهم و مقاربتهم لوظيفتهم، ولكنهم يحتاجون لمزيد من وقعنة لغتهم، لغة من "جاب الدب إلى كرمه" في الضنية وأطعمه من لحم الجيش اللبناني في نهر البارد وصيدا أحمد الأسير، وفشل حتى الآن في ترويض هذا الدب فضلاً عن إخراجه من الكرم، كما فشلت قبله الولايات المتحدة في مختلف تجاربها مع التكفيريين، وكما فشلت السعودية الدولة المصدرة للإرهاب في السيطرة عليه داخل أراضيها، رغم انها استطاعت تصديره إلى دول الجوار خصوصاً أفغانستان والعراق حيث لا يزال يعيث فساداً وقتلاً بلا هوادة، وكما يحصل في كل البلاد التي غزتها الجحافل التكفيرية الهمجية، وهو ما يحصل الآن في سوريا حيث تهاجم القوى المتخلفة ما كان يسمى الجيش الحر أو حتى الفصائل ذات التسمية الإسلاموية في حلب ممن كان يتلقى الدعم التركي أو القطري.. أول العودة إلى الواقعية الإعتراف بأن الدب ليس قطاً أليفاً، وبأنهم قد وقعوا في الفخ مرات كثيرة، وينبغي أن تكون هذه هي الأخيرة.
حينما تمس أقدام هؤلاء الأرض سيعرفون أن خطر التكفيريين لا يمكن أن يتم تجميله بمسميات الثورة والديموقراطية وحقوق الإنسان والألبسة الوردية التي يلبسها إياهم الإعلام الأمريكي وصحف النفط. يحاول بعض المتذاكين تخويف اللبنانيين من الوقوف إلى جانب حزب الله في معركته ضد قوى الظلام الهمجي، فإن عاد منتصراً من هذه الحرب سيسيطر على لبنان، وكأن تجربة ثلاثين عاماً وأكثر لا تكفي لإثبات طريقة تفكير وسلوك الحزب. عاد الحزب من كل الإنتصارات ولم يستغلها في السيطرة على الدولة، رغم قدرته، فيما خصومه الآن يشترطون، وهم في حال العجز والضعف، شروطاً مبالغاً فيها على دخول الحزب للحكومة، فكيف إذا كانوا في موقع قوة، أظن أنهم لن يسمحوا للحزب حتى بوجود سياسي لو استطاعوا.. تلك أضغاث أحلامهم البائدة.
حظ كبير لخصوم الحزب الذي لم يوظف واحداً بالمائة مما يسمونه فائض القوة في مواجهتهم، بل وجه كل هذا الفائض لمواجهة الخطر الهمجي المحدق بلبنان والمنطقة، رغم الإعلان في بداية "الثورة" وقبل أن يصرح حزب الله بموقفه من الأزمة السورية بأن الموقع التالي للفوضى الخلاقة هو لبنان.
يستعيب البعض من الخصوم الإستفادة من نجاحات الحزب الإستراتيجية، والإستماع إلى نصائح قيادة تاريخية أنجزت التحول في الصراع العربي الإسرائيلي، ربما عليهم الإعراض عن مواجهة الحزب، وذلك لمصلحتهم أولاً، ولصالح المواطن اللبناني ثانياً الذي لا يزال بانتظار العبور إلى الدولة، لا عبور التكفيريين بغطاء أشرف ريفي إلى أحضان الدولة.
أمنيات اردوغان انتهت، لا صلاة في المسجد الأموي، وكذلك أمنيات من يريد العودة إلى لبنان عبر مطار دمشق، ولا داعي لسيطرة الرغبة على العقل، نعم حزب الله يصنع التاريخ في سوريا، وأنتم تعرفون ذلك، كما صنع التاريخ في الجنوب، وسيصنعه إن شاء الله في فلسطين، وكما قال قائد الدفاع المقدس، سيأتي يوم، مهما تأخر، وسيشكر الخصوم ما فعله الحزب في سوريا، وستعطى الدماء التي بذلت في تلك الأرض حقها.