لا جديد تحت شمس فريق 14 اذار وتيار المستقبل . كل الضجيج والصراخ الصادر من الاقطاب والنواب والتوابع ليس الا استكمال طبيعي لمشروع هذا الفريق المرتبط ارتباطا وثيقا وعضويا بالمشروع الاقليمي والدولي . جوهر القضية هو معاداة ثقافة المقاومة ومن يمثلها ويدعمها . قبل التحرير وبعده .

قبل الـ 2006 وبعدها قبل مشاركة حزب الله في سوريا وبعده . التصريحات الاخيرة لسمير جعجع وسامي الجميل ونهاد المشنوق التي تحمل تبريرا وتشجيعا لارهاب التكفيريين لا تشذ عن السياق . لم يتردد هؤلاء بالتحالف مع اسرائيل عمليا اوقلبيا لمواجهة المقاومة . والارهاب التكفيري ليس اكثر شيطنة من الدولة العبرية . 

مسلسل علاقة هذا الفريق بالتكفيريين طويل . فصوله تنبىء بما لايقبل الشك  عن حالة انسجام مع التكفيريين و تعاطف الى حد الرعاية والاحتضان  . تتأكد يوما بعد  يوم حقائق   التمويل والتسليح . يصبح الاستنتاج  المنطقي بأن  التكفيريين هم جزء من مشروع الزرق وادوات اساسية من ادواتهم. عودة سريعة الى التعاطي الاعلامي  الاذاري مع ظاهرة الاسير تقدم نموذجا واضحا عن متانة التحالف . 

 منذ بداية ما بات يعرف ب"ظاهرة الاسير" بدا تلفزيون المر هو المتعهد الملتزم تسويق وترويج حالة الاسير  . ومن بين اشكال اعلامية متعددة كان الابرز والاكثر وضوحا برنامج "تحقيق" الذي تعده وتقدمه كلود ابو ناضر الهندي . العودة الى مضمون التحقيق وشكله واسلوبه توضح الكثير من الملابسات .الهدف هو تسويق شخصية الاسير وتطبيعها في المجتمع اللبناني . لم يختف الهدف بين الصور او في طيات المشاهد . كان مباشرا وواضحا .

14 اذار والتكفيريون ... والرقص مع الشيطان

الاسير الذي وجه فيما بعد الضربات الدموية للجيش اللبناني ما ادى الى سقوط عشرات الشهداء من المؤسسة العسكرية والذي يرسل هذه الايام الانتحاريين لاستهداف عناصر الجيش كان في تحقيق ال mtv  " حالة دينية بتطلعات ومواقف سياسية 14 اذرية " بحسب ما قال القيادي في 14 اذار شارل جبور . يجهد "التحقيق"  لتثبيت هذه الفكرة من خلال الصور والمضمون والربط والاستنتاجات .

 

 البداية من  البورتريه الذي اراد البرنامج تكريسه . الاسير عند ال mtv  ليس شخصا عاديا بل استثنائي فهو "  الناطق باسم كل من لا يتجرأ على النطق بنفس القناعات والافكار المكتومة " هو صاحب " المركز الموقر " " صاحب الخطاب الجريء والصريح والعفوي الشامل " وهو " الامام الذي يجتمع حوله مئات المؤمنين المنتظرين للخطاب والخطابة  "  صاحب المحاضرات "التي تخرق العقول والقلوب " . هذا في بداية التحقيق  اما في الختام فتقول المعدة والمقدمة بكل ثقة ان  الاسير " تحول من امام مسجد الى نجم تلفزيوني مثير ومدهش "  وكأنها تعلن بطريقة غير مباشرة ان مهمتها انجزت وهدفها تحقق .

الصور في  التحقيق  تسويقية بحتة . تشبه ما ينشره الاعلام الاميركي لتسويق شخص الرئيس !  تحضر كل عدة الماركيتينغ. الاطفال  والشيوخ وحتى الكلاب ! تجول الكاميرا مع الاسير  , من الغرفة الاعلامية حيث يتابع كل التطورات الى غرفة المكتبة حيث ينهل من العلم والمعرقة . لا يتردد الاسير في  ادخال الكاميرا الى  غرفة نومه الخاصة كما غرفة نوم اولاده .تتحدث المذيعة عن جيران الاسير المسيحيين . تظهر صورة سيدة غير محجبة تجلس في احد شرفات الابنية . يريد التحقيق تطمين المسيحيين على طريقة كلام جعجع تعليقا على ما  سمي بغزوة الاشرفية . " الاسير حليفنا لا داعي للخوف " .في وقت لاحق من التحقيق يقف الاسير امام مبنى احدى الكنائس وبطريقة استعراضية  وغير عفوية يعلن استعداده للدفاع عنها بدمه .

بين صورة واخرى    تتم عملية  الربط . تصريحات ومواقف لشخصيات 14 اذار . محمد شطح احدهم وهو  يؤكد ان " معظم الاسلاميين في لبنان ليسوا جهاديين والذين يذهبون الى التكفير قلة قليلة ومرفوضة في لبنان " . طبعا احمد الاسير ليس من هذه القلة . يريد التحقيق ان يقنعنا بسلمية الاسير وحضاريته والاهم تعبيره " عن مظلومية السنة في لبنان وهيمنة حزب السلاح عليهم ". 

لا تتوقف الامور عند هذا الحد يذهب التحقيق الى اثارة النعرات الطائفية بشكل لا يحتمل اي تأويل   . تجول المذيعة مع الشيخ في سيارته . يستعرض معها جغرافية المنطقة والتوزع الديمغرافي فيها والاهم الطائفي .يسوق الاتهامات فيتحدث عن " الاستفزازات التي يتعرض لها اهل السنة من الشيعة " .  عمليات شراء يقوم بها الشيعة للمحلات " .هنا تبدأ لعبة ال"نحن" وال"هم" .  مجموعة عبارات مبتذلة وشعارات فارغة متعلقة بال "نحن" وال"هم" . "مدينة الملاهي لهم " " وقت اذانهم غير وقت اذاننا"  . "هم يهينونا ويتعدون علينا " " يهينون كرامتنا " . وللهم والنحن وظيفة خطيرة بدت الmtv منسجمة ومتماهية معها .

وظيفة تحويل الرأي العام الى جوقة تردد نفس الكلام الطائفي والمذهبي والعدائي تجاه الشريك الاخر .انها الطريقة الامثل التي تدفع الى مزيد من التفكير الحاد والى شعور لاعقلي باننا "نحن" مهددون من جانبهم "هم" . والنتيجة مزيد من التعصب والخوف حيث لا مجال للتدقيق في المعطيات المطروحة .  من اين يأتي التدقيق والرأي الاخر غائب . والموافقة من قبل المعدة سيدة الموقف . رواية الاسير وسردياته هي الحقيقة التي لا تقبل اي شك ! كيف لا ,  والهدف شيطنة المقاومة حتى ولو من خلال الاستعانة بالشيطان . 

اما النهاية فكما البداية . عودة الى خصوصية الاسير التي اعلنت المذيعة انها " حققت سبقا من خلال اختراقها " . الشيخ النجم يحمل الطفلة "نور" احدى قريباته ويرمي بها الى احضان ابيها . 

هكذا صنعت القناة التلفزيونية  صورة تجميلية  لنموذج التكفيريين  في لبنان. تكفيريون يتلاعبون بوطن باكمله . تكفيريون هم النتيجة الطبيعية  لاجتماع المال والسياسة والاعلام والمصالح الضيقة في لبنان ؟  اجتماع لديه هواية الرقص مع النجوم حتى لو كانوا شياطين.