ارشيف من :آراء وتحليلات

ليبيا.. بين كتابة دستور جديد أو إحياء القديم

ليبيا.. بين كتابة دستور جديد أو إحياء القديم
يستعد الليبيون لخوض غمار استحقاق انتخابي جديد هو الثاني بعد إنهيار النظام السابق من أجل اختيار لجنة لصياغة دستور البلاد تتألف من ستين شخصا. ويشكك جلُّ الخبراء والمحللين في نجاح هذا الموعد في ظل الأوضاع الأمنية المتردية التي تعيشها البلاد منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي منذ أكثر من سنتين.

فالمليشيات تصول وتجول في جميع أنحاء البلاد وتهدد أمن المواطنين و"جماعة الحكم" على حد سواء ولا ترغب في تسليم سلاحها الموروث من معارك الإطاحة بـ"النظام الجماهيري". والحكومة عاجزة عن السيطرة على الأوضاع وعلى حماية مقرات مسؤوليها بما في ذلك مقر رئيس الحكومة، وهو ما يجعل الحديث عن إجراء إنتخابات في هذا الظرف ضربا من الجنون.

عزوف

ونتيجة لهذه الأوضاع المزرية التي يعيشها بلد عمر المختار، فإن مكاتب تسجيل الناخبين سجلت عزوفا من المواطنين الليبيين على التسجيل في القائم الإنتخابية رغم مرور وقت طويل نسبيا على انطلاق عملية التسجيل. حيث يرجح أن لا تتجاوز نسبة الناخبين المسجلين العشرة بالمائة فما بالك بالمقترعين. فمن المتوقع أن لا يصوت جميع المسجلين مثلما جرت العادة في الإستحقاقات الإنتخابية.
ليبيا.. بين كتابة دستور جديد أو إحياء القديم
الميليشيات المسلحة تصول وتجول في ليبيا

ويؤكد جل المراقبين على أن حالة من اليأس والإحباط أصابت الليبيين كما جيرانهم التونسيين جراء عجز الطبقة السياسية الجديدة التي صعدت إلى سدة الحكم إثر الإطاحة بالقذافي وبن علي عن تحقيق أهداف "الثورتين". فما كان سائدا قبل الإطاحة بالديكتاتورية، يراه شق كبير من الليبيين،ـ بحسب استطلاع رأي أجري مؤخرا ـ أفضل بكثير من الأوضاع الراهنة، وهو ما جعل البعض يؤكد بأنه لو استمر الحال على ماهو عليه فإن الغالبية العظمى من أفراد الشعب الليبي ستشعر بالحنين لأيام القذافي.

مقاطعة

وتقاطع هذه الإنتخابات قبائل الأمازيغ والتبو الذين لم يتم تضمين مطالبهم في الإعلان الدستوري الأخير. ويطالب الأمازيغ بعدة حقوق ثقافية من بينها اعتبار لغتهم لغة رسمية إلى جانب العربية أسوة بما حصل في المغرب والجزائر. كما يتوقع جل المحللين مقاطعة دعاة الفدرالية لهذه الإنتخابات الراغبين في أن يستأثر الشرق الليبي بثرواته وبحكم ذاتي يجعله مستقلا عن طرابلس غير خاضع لها في عديد المسائل.

وقد مثلت انتخابات المجلس البلدي لمدينة البيضاء التي تم إجراؤها مؤخراً جرس إنذار للحكومة الليبية قد يجعلها تتراجع عن إجراء الإنتخابات المشار إليها. إذ لم يصوت في هذه الإنتخابات سوى سبعة آلاف شخص من أصل خمسة وعشرين ألفا. فانتخاب المسؤولين والممثلين في شتى المجالس والهيئات لم يعد ضمن دائرة اهتمامات عموم الليبيين حيث بات الأمن في صدارتها.

دستور 1951

لذلك تطالب بعض الجهات في طرابلس الغرب بإعادة إحياء دستور 1951 الذي تمت صياغته خلال الفترة الملكية مباشرة بعد استقلال ليبيا أي قبل وصول معمر القذافي إلى سدة الحكم على إثر انقلاب عسكري أطلق عليه تسمية ثورة الفاتح. لكن أصحاب هذا الرأي لا يرغبون في اعتماد الدستور المشار إليه كما هو بل يرغبون في تغيير بعض بنوده حتى يواكب المتغيرات التي شهدتها ليبيا خلال أكثر من ستة عقود، و يتم عرض هذه التعديلات على استفتاء الشعب حتى يحظى بالشرعية.
ليبيا.. بين كتابة دستور جديد أو إحياء القديم
الامازيغ يقاطعون الانتخابات والتبو
ويجد هذا الرأي آذانا صاغية وأنصارا يتزايدون وينتمون في أغلبهم إلى جهات فاعلة ومؤثرة في المشهد الليبي. وبالتالي فإن هذا الضغط الشعبي المتزايد المدعوم من بعض القوى الفاعلة، مع استحالة إجراء الإنتخابات نتيجة للمعوقات المذكورة قد يجعل حكومة زيدان كما المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي) يتراجعان عن خيار انتخاب لجنة الستين التي من المفروض أن تصيغ دستور البلاد الجديد.
2013-12-22