ارشيف من :نقاط على الحروف
قراءة في كتاب ’من الذي دفع للزمّار – الحرب الباردة الثقافية’
يتضمن كتاب "من الذي دفع للزمّار – الحرب الباردة الثقافية" للكاتبة البريطانية ف. اس. سوندرز الصادر في العام 1993 والذي ترجمه إلى العربية طلعت الشايب وصفاً مفصلاً للأساليب التي تستعملها وكالة المخابرات المركزية الأميركية في اختراق المنظمات الإنسانية والمؤسسات الثقافية. فقد تمكنت من اختراق العديد من المنظمات الثقافية والإنسانية والمنظمات الخيرية مثل تلك التابعة لـهنري فورد وجون روكفلر.
وتشرح المؤلفة لماذا وكيف أن وكالة الاستخبارات الأميركية تقوم برعاية مؤتمرات ومعارض وتنظيم حفلات موسيقية وندوات ولقاءات ثقافية وفكرية، كما تقوم بالنشر والترجمة والترويج للعديد من المثقفين المرموقين الذين يسوقون للسياسات الأميركية.
كما دعمت الوكالة الفنون لمواجهة أي مضمون اجتماعي يمكن أن تقدمه هذه الفنون يخالف الرؤى الأميركية، ودعمت المجلات والجرائد التي تنتقد الماركسية والشيوعية وثورات التغيير السياسية. وتشرح الكاتبة كيف تمكنت الاستخبارات الأمريكية من الاستفادة من أبرز دعاة الحرية الفكرية في الغرب لخدمة هذه السياسات إلى حد أنها كانت تشرف مباشرة على رواتب بعضهم، وكيف أن بعضهم كان على علم بتورطه في مشاريعها في حين أنكر بعضهم الآخر علمه بتورطه.
ومن الذين مولتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمويلاً مباشراً أو غير مباشر مثقفون ومنشقون وسياسيون، كما مولت حملات بعضهم الحزبية، ومن بين مَن مولتهم: إيرفينج كريستول ، أشعيا برلين، ستيفن سبندر، سيدني هوك، دوايت ماكدونالد، حنا ارنت وماري مكارثي وآخرون.
كما روجت المخابرات المركزية الاميركية لحركة اليسار الديمقراطي واليساريين السابقين ومنهم: اجناسيو سيلون، ستيفن سبندر، ريمون آرون ، وجورج أورويل.
والملفات أن دعم هؤلاء المثقفين الممولين من الوكالة يصوّر وكأنه يقدّم لهم لكونهم أحراراً باحثين عن الحقيقة، مضطهدين، فنانين من أجل الفن كقيمة، لا على أساس ميولهم السياسية كما هي الحقيقة.
وتصور الكاتبة قائمة النخبة في وكالة الاستخبارات الأمريكية وهي تضم نقاداً يهوداً ويساريين سابقين، ومنشقين عن اليسار مولت الوكالة نتاجهم الأدبي في مواجهة الشيوعية.
وتقدم لنا الكاتبة معلومات قيمة تجيب عن عدة أسئلة حول أساليب الوكالة في توظيف الثقافة للدفاع عن المصالح الامبريالية الأمريكية. كما تدحض الادعاءات القائلة إن الوكالة ومؤسساتها الصديقة قدمت دعماً غير مشروط ودون مقابل، مبينة أن الأفراد والمؤسسات التي دعمتها كان من المتوقع أن يُستخدموا كجزء من حرب دعائية. كما استغلت الوكالة محاولاتهم للإصلاح الاجتماعي في اليسار الديمقراطي ومحاربتهم الستالينية لمحاربة المفكرين الماركسيين في الغرب والكتّاب والفنانين السوفيات.
واهتمت الوكالة بالحرب الثقافية ضد الشرق خلال الحرب الباردة مركزة على أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فبعد تجربة عقدين من آلام الحرب والاحتلال كان معظم الرأي العام في أوروبا معادياً للرأسمالية ومنتقداً الهيمنة الأميركية، ولمواجهة نمو الأحزاب اليسارية وحصر المد الشيوعي خصوصاً في فرنسا وايطاليا، ابتكرت الوكالة برنامجاً من اتجاهين:
الاتجاه الأول جرى العمل على ترقية بعض الكتاب الأوروبيين كجزء من برنامج معادٍ للشيوعية. وكانت الوكالة حريصة على نشر أفكار لشيوعيين سابقين أمثال كويستلر وغيد ودعم العديد من الكتاب المعادين للشيوعية وتمويل مؤتمراتهم في باريس برلين و غيرهما وكان المستهدفون علماء وفلاسفة ومفكرين كباراً مثل اشعيا برلين ودانيال بيل وكزيسلو بيلوز الذين تغنوا بمزايا الحرية الفكرية والاستقلالية الثقافية الغربيتين ضد الشيوعية، وفق معايير صنعت في وكالة الاستخبارات الأميركية وبتمويلها.
كل هذا دون أن ينتقد هؤلاء أو يلفت نظرهم دعم أمريكا للمجازر والقتل الجماعي في الجزائر والهند الصينية وملاحقة مثقفي الرأي في الولايات المتحدة، فمثل هذه الأعمال هي فقط سمة الأنظمة الشيوعية في نظر هؤلاء المتلهفين للأموال ودعم أعمالهم الأدبية المفلسة.
الاتجاه الثقافي الثاني الذي عملت عليه الوكالة كان أكثر تأثيراً، حيث قامت بتشجيع الفنون من مسرح وموسيقى و باليه وشجعت إقامة المعارض والترويج للسيمفونيات، كما شجعت الأشخاص والمجموعات الشهيرة في الجاز والباليه بهدف تحييد المشاعر المناهضة للامبريالية في أوروبا وخلق الاهتمام والتقدير للثقافة والحكومة الأميركيتين.
وكانت الوكالة تركز خصوصاً على إرسال الفنانين السود إلى أوروبا كالمغني ماريون اندرسون والموسيقي لويس ارمسترونغ لإسكات الانتقادات الأوروبية ضد سياسات واشنطن العنصرية ضد السود والملونين وغيرهم. وكانوا يستبعدون من قوائمهم كل كاتب أسود لم يسر على خط واشنطن أو انتقد سياستها كالكاتب ريتشارد رايت.
كما تطرقت الكاتبة سندورز في كتابها إلى علاقة الوكالة وعملائها بمتحف الفن الحديث حيث تدفقت مبالغ طائلة لترقية فن التعبير التجريدي في محاولة لإفراغ الفن من كل مضمون اجتماعي. وفي سبيل ترقية هذا النوع من الفن قامت الوكالة بصد كل الأصوات اليمينية المناهضة له في الكونغرس حيث اعتبرت ترقيته في صالح مناهضة الفكر الشيوعي، على اعتبار أن الفن التجريدي نوع من التعبير الصحيح عن إرادة التحرر الوطني. وتم تمويل معارض كبيرة لهذا النوع الفني في جميع أنحاء أوروبا وجُنّد له نقاد فنيون كثر وامتلأت صفحات مجلات فنية كثيرة بمقالات مليئة بالمديح والإشادة به. هذا التمويل الضخم أدى إلى تعاون دور العرض الكبرى في أوروبا وبالتالي التأثير على علم الجمال في كل القارة.
وقد رمى مجلس الحريات الثقافية الذي هو واجهة الوكالة بكل ثقله لدفع فن الرسم التجريدي أمام الفن التصويري في فعل سياسي فاضح. وتعلق سندورز على الدور السياسي الذي لعبه فن التعبير التجريدي بقولها إن أحد الأدوار الأساسية الذي لعبه فن الرسم الأميركي في الحرب الثقافية إبان الحرب الباردة هو أنه زيادة على أنه صار جزءاً من مؤسسة دعائية أصبح راسماً لتوجه سياسي محدد.
وتذكر الكاتبة أنه بعد الحرب العالمية الثانية أدركت الوكالة أنه لتقويض المثقفين والنقابيين المعادين للناتو هناك حاجة لخلق ما يسمى اليسار الديمقراطي كأيديولوجيا لاستيعاب الصراع الطبقي والاجتماعي. وجند قطاع متخصص في الوكالة للالتفاف على المعارضين اليمينيين للمشروع في الكونغرس. وقد استُعمل اليسار الديمقراطي خصوصاً ضد اليسار الراديكالي وكستار للهيمنة الأمريكية على أوروبا.
وتذكر الكاتبة أنه فقط عندما ظهرت الاعتراضات الكبيرة على حرب فييتنام في الولايات المتحدة وأوروبا وبعد أن انكشف غطاء الوكالة عنهم بدأ بعض الفنانين والمثقفين بالخروج عن الدرب وانتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
إنه ملخص بسيط لكتاب استعرض الأسلوب الذي لجأت إليه وكالة المخابرات المركزية للعب في الميدان الثقافي متخذةً من الفنون والآداب غطاءً لها تسترت خلفه في عملها ضد الشيوعية والاتحاد السوفياتي.
وتشرح المؤلفة لماذا وكيف أن وكالة الاستخبارات الأميركية تقوم برعاية مؤتمرات ومعارض وتنظيم حفلات موسيقية وندوات ولقاءات ثقافية وفكرية، كما تقوم بالنشر والترجمة والترويج للعديد من المثقفين المرموقين الذين يسوقون للسياسات الأميركية.
كما دعمت الوكالة الفنون لمواجهة أي مضمون اجتماعي يمكن أن تقدمه هذه الفنون يخالف الرؤى الأميركية، ودعمت المجلات والجرائد التي تنتقد الماركسية والشيوعية وثورات التغيير السياسية. وتشرح الكاتبة كيف تمكنت الاستخبارات الأمريكية من الاستفادة من أبرز دعاة الحرية الفكرية في الغرب لخدمة هذه السياسات إلى حد أنها كانت تشرف مباشرة على رواتب بعضهم، وكيف أن بعضهم كان على علم بتورطه في مشاريعها في حين أنكر بعضهم الآخر علمه بتورطه.
ومن الذين مولتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمويلاً مباشراً أو غير مباشر مثقفون ومنشقون وسياسيون، كما مولت حملات بعضهم الحزبية، ومن بين مَن مولتهم: إيرفينج كريستول ، أشعيا برلين، ستيفن سبندر، سيدني هوك، دوايت ماكدونالد، حنا ارنت وماري مكارثي وآخرون.
كما روجت المخابرات المركزية الاميركية لحركة اليسار الديمقراطي واليساريين السابقين ومنهم: اجناسيو سيلون، ستيفن سبندر، ريمون آرون ، وجورج أورويل.
والملفات أن دعم هؤلاء المثقفين الممولين من الوكالة يصوّر وكأنه يقدّم لهم لكونهم أحراراً باحثين عن الحقيقة، مضطهدين، فنانين من أجل الفن كقيمة، لا على أساس ميولهم السياسية كما هي الحقيقة.
وتصور الكاتبة قائمة النخبة في وكالة الاستخبارات الأمريكية وهي تضم نقاداً يهوداً ويساريين سابقين، ومنشقين عن اليسار مولت الوكالة نتاجهم الأدبي في مواجهة الشيوعية.
وتقدم لنا الكاتبة معلومات قيمة تجيب عن عدة أسئلة حول أساليب الوكالة في توظيف الثقافة للدفاع عن المصالح الامبريالية الأمريكية. كما تدحض الادعاءات القائلة إن الوكالة ومؤسساتها الصديقة قدمت دعماً غير مشروط ودون مقابل، مبينة أن الأفراد والمؤسسات التي دعمتها كان من المتوقع أن يُستخدموا كجزء من حرب دعائية. كما استغلت الوكالة محاولاتهم للإصلاح الاجتماعي في اليسار الديمقراطي ومحاربتهم الستالينية لمحاربة المفكرين الماركسيين في الغرب والكتّاب والفنانين السوفيات.
واهتمت الوكالة بالحرب الثقافية ضد الشرق خلال الحرب الباردة مركزة على أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. فبعد تجربة عقدين من آلام الحرب والاحتلال كان معظم الرأي العام في أوروبا معادياً للرأسمالية ومنتقداً الهيمنة الأميركية، ولمواجهة نمو الأحزاب اليسارية وحصر المد الشيوعي خصوصاً في فرنسا وايطاليا، ابتكرت الوكالة برنامجاً من اتجاهين:
الاتجاه الأول جرى العمل على ترقية بعض الكتاب الأوروبيين كجزء من برنامج معادٍ للشيوعية. وكانت الوكالة حريصة على نشر أفكار لشيوعيين سابقين أمثال كويستلر وغيد ودعم العديد من الكتاب المعادين للشيوعية وتمويل مؤتمراتهم في باريس برلين و غيرهما وكان المستهدفون علماء وفلاسفة ومفكرين كباراً مثل اشعيا برلين ودانيال بيل وكزيسلو بيلوز الذين تغنوا بمزايا الحرية الفكرية والاستقلالية الثقافية الغربيتين ضد الشيوعية، وفق معايير صنعت في وكالة الاستخبارات الأميركية وبتمويلها.
كل هذا دون أن ينتقد هؤلاء أو يلفت نظرهم دعم أمريكا للمجازر والقتل الجماعي في الجزائر والهند الصينية وملاحقة مثقفي الرأي في الولايات المتحدة، فمثل هذه الأعمال هي فقط سمة الأنظمة الشيوعية في نظر هؤلاء المتلهفين للأموال ودعم أعمالهم الأدبية المفلسة.
الاتجاه الثقافي الثاني الذي عملت عليه الوكالة كان أكثر تأثيراً، حيث قامت بتشجيع الفنون من مسرح وموسيقى و باليه وشجعت إقامة المعارض والترويج للسيمفونيات، كما شجعت الأشخاص والمجموعات الشهيرة في الجاز والباليه بهدف تحييد المشاعر المناهضة للامبريالية في أوروبا وخلق الاهتمام والتقدير للثقافة والحكومة الأميركيتين.
وكانت الوكالة تركز خصوصاً على إرسال الفنانين السود إلى أوروبا كالمغني ماريون اندرسون والموسيقي لويس ارمسترونغ لإسكات الانتقادات الأوروبية ضد سياسات واشنطن العنصرية ضد السود والملونين وغيرهم. وكانوا يستبعدون من قوائمهم كل كاتب أسود لم يسر على خط واشنطن أو انتقد سياستها كالكاتب ريتشارد رايت.
كما تطرقت الكاتبة سندورز في كتابها إلى علاقة الوكالة وعملائها بمتحف الفن الحديث حيث تدفقت مبالغ طائلة لترقية فن التعبير التجريدي في محاولة لإفراغ الفن من كل مضمون اجتماعي. وفي سبيل ترقية هذا النوع من الفن قامت الوكالة بصد كل الأصوات اليمينية المناهضة له في الكونغرس حيث اعتبرت ترقيته في صالح مناهضة الفكر الشيوعي، على اعتبار أن الفن التجريدي نوع من التعبير الصحيح عن إرادة التحرر الوطني. وتم تمويل معارض كبيرة لهذا النوع الفني في جميع أنحاء أوروبا وجُنّد له نقاد فنيون كثر وامتلأت صفحات مجلات فنية كثيرة بمقالات مليئة بالمديح والإشادة به. هذا التمويل الضخم أدى إلى تعاون دور العرض الكبرى في أوروبا وبالتالي التأثير على علم الجمال في كل القارة.
وقد رمى مجلس الحريات الثقافية الذي هو واجهة الوكالة بكل ثقله لدفع فن الرسم التجريدي أمام الفن التصويري في فعل سياسي فاضح. وتعلق سندورز على الدور السياسي الذي لعبه فن التعبير التجريدي بقولها إن أحد الأدوار الأساسية الذي لعبه فن الرسم الأميركي في الحرب الثقافية إبان الحرب الباردة هو أنه زيادة على أنه صار جزءاً من مؤسسة دعائية أصبح راسماً لتوجه سياسي محدد.
وتذكر الكاتبة أنه بعد الحرب العالمية الثانية أدركت الوكالة أنه لتقويض المثقفين والنقابيين المعادين للناتو هناك حاجة لخلق ما يسمى اليسار الديمقراطي كأيديولوجيا لاستيعاب الصراع الطبقي والاجتماعي. وجند قطاع متخصص في الوكالة للالتفاف على المعارضين اليمينيين للمشروع في الكونغرس. وقد استُعمل اليسار الديمقراطي خصوصاً ضد اليسار الراديكالي وكستار للهيمنة الأمريكية على أوروبا.
وتذكر الكاتبة أنه فقط عندما ظهرت الاعتراضات الكبيرة على حرب فييتنام في الولايات المتحدة وأوروبا وبعد أن انكشف غطاء الوكالة عنهم بدأ بعض الفنانين والمثقفين بالخروج عن الدرب وانتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
إنه ملخص بسيط لكتاب استعرض الأسلوب الذي لجأت إليه وكالة المخابرات المركزية للعب في الميدان الثقافي متخذةً من الفنون والآداب غطاءً لها تسترت خلفه في عملها ضد الشيوعية والاتحاد السوفياتي.