ارشيف من :آراء وتحليلات
المشهد المصري... صورة ضبابية!
محمد منصور
- إذا أردنا إلقاء نظرة موضوعية واقعية شاملة على المشهد الحالي في مصر بعد 30 يونيو يجب أولا أن نعود إلى الوراء قليلا لنفهم طبيعة هذا المشهد في لحظة فوز الرئيس المعزول محمد مرسي بمنصبه وما قبلها. المشهد كان في حينه ببساطة، أن الاختيار في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة كان بين مرشحين اثنين فقط هما محمد مرسي مرشح الأخوان المسلمين و"أحمد شفيق" رئيس الوزراء الأسبق ومرشح ما يعرف بـ "الفلول" .
(1)
اجماع القوى الثورية على مرسي اوصله الى الحكم
(2)
- اختارت جموع المصريين يوم 30 يونيو الخيار الثاني وأعلنتها صريحة برفضها لحكم مرسي وجماعته ومن ثم قامت بتفويض وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي لمواجهة الإرهاب الذي كان محتملا بعد استجابته للأمر الشعبي لعزل مرسي. هذا الإرهاب الذي بات أهم ملامح مرحلة ما بعد 30 يونيو. فمصر دخلت منذ هذا اليوم في دوامة من العنف والدماء من قبل أنصار "الإخوان المسلمين"وحلفائهم من الجماعات التكفيرية في سيناء وفي العمق المصري. درج "الإخوان" على نفي صلتهم بهذا العنف، ولكن دلائل عديدة تؤكد ذلك من أهمها تصريح القيادي في الإخوان محمد البلتاجي أفاد فيه بأن ما يحدث من عمليات إرهابية في سيناء سيتوقف تماما في اللحظة التي يعود فيها المعزول مرسي إلى منصبه!اعلان خارطة الطريق ..بداية الطريق
(3)
- تسبب عزل مرسي في إحداث شرخ كبير بين القوى الثورية التي معظمها متفق سابقا على دعم مرسي ضد شفيق، هذا الشرخ أدى إلى سلسلة تحولات في التحالفات السياسية تشبه إلى حد كبير التحولات التي حدثت طوال فترة الحرب الأهلية اللبنانية. فبعد أن كان الجميع موحدين لحظة فوز مرسي بات الآن الانقسام هو سيد الموقف، فأطراف ثورية مثل " الاشتراكيين الثوريين" و"شباب 6 أبريل" باتت تجاهر بكراهيتها لما يرونه "حكما عسكريا لمصر" ورفضهم التام لكل ما تمخض عن 30 يونيو وما بعده. في حين أن أطرافا ثورية على رأسها "حركة تمرد" التي كانت من الأسباب الرئيسية لعزل مرسي إلى جانب قوى مدنية وحزبية ودينية ترى أن المعركة الآن هي بين الدولة والإرهاب ولا بد للدولة أن تنتصر.التفجيرات الارهابية ..احدى مظاهر بعد عزل مرسي
(4)
- إذاً التوصيف الدقيق للمشهد المصري هو "معركة النفس الطويل" بين الدولة المصرية التي أفرزتها ثورة 30 يونيو وجماعة الإخوان المسلمين التي لفظها المجتمع وعادت لتصبح "جماعة محظورة" مرة أخرى. المعركة تقع على عدة جبهات. داخليا تجري في الجامعات والشوارع وأقسام الشرطة وأرض سيناء، وخارجيا في مواجهة كل من قطر وتركيا اللتين اتخذتا قرارا استراتيجيا بدعم الإخوان حتى النهاية. يدعم مصر في هذه المواجهة دول الخليج التي تقع في تناقض تاريخي بحربها ضد " الإخوان" في مصر ودعمها لهم في سوريا! لحظة الذروة في هذه المعركة ستكون في الاستفتاء على مسودة الدستور والذي سيتم خلال الشهر المقبل. مرور هذا الاستفتاء بنجاح وحصول الدستور على ثقة المصريين، ومن ثم إجراء الانتخابات التشريعية أو الرئاسية بنجاح وإتمام خارطة الطريق كاملة سيعنى ببساطة "شهادة وفاة" لأي تحرك مقبل لـ"الإخوان" على الأرض المصرية . إذاً المعركة تقترب من منعطفها الأخير وصاحب النفس الأطول هو المنتصر ... لِننتظرْ ونَرَ.