ارشيف من :نقاط على الحروف
حزب الله واغتيال الوزير شطح: ’حقيقة اجتماعية’
بحسب أحد الاتجاهات الفلسفية المعاصرة "التصورات هي الواقع"، أو على قول آخر "التصورات هي تسعة أعشار الواقع" وهذا يعني بالمجمل عدم وجود "واقع موضوعي". ما تقبله شريحة من المجتمع باعتباره واقعاً يتحول الى "حقيقة اجتماعية". إذاً "الواقع يبنى اجتماعياً" بشكل تفاعلي متبادل بين الأفراد، وليس محتوماً أو محدداً بحسب طبيعة الأشياء. هذه القاعدة تسري على الثقافة، على المعنى، على الشرعية، وعلى صورة ووعي الآخر، وسواها من الظواهر الاجتماعية، السياسية وغير السياسية. إلا أن هذا "التواصل المتبادل" التفاعلي بين الأفراد لا يحصل بصورة متساوية وتلقائية، بل أيضاً يعكس موازين قوى داخلية، أي هناك قوى متنوعة متنافسة تستعمل موارد وإستراتيجيات لتتمكن من تحويل "تصوراتها وتفسيراتها الخاصة" الى "رأي عام".
الخطاب الإعلامي- السياسي هو القالب الذي يحوي الرسائل المراد توجيهها من خلال وسائل الإعلام المتعددة، وكل هذا يكون ضمن إستراتيجية محددة من "التواصل المتبادل".
من هنا، ليس مهماً لأنصار هذه المدرسة، إن كان حزب الله مسؤولاً عن اغتيالات قيادات من قوى 14 آذار، المهم هل أصبحت هذه التهمة "حقيقة اجتماعية" عند شريحة محددة، أم لا؟ إن اقتنع جمهور قوى 14 آذار، وبعض الجمهور العربي، بأن حزب الله هو "ميليشيا اغتيالات ومنظمة إرهابية وإجرامية"، فمن ناحية سياسية، لا يعود مهماً أبداً إن كان ذلك صحيحاً أم لا.
منذ العام 2005، أي لحظة القرار بالانتقال لمواجهة حزب الله من خلال الانقسامات الداخلية، وبدء تدعيم "جدار الكراهية المذهبي" لعزل إيران وحلفائها، جرى تدرج دقيق في بناء "بنية تحتية إدراكية" عند جمهور "العرب السنة"، تكون خصبة لقبول أي تهمة تلصق بحزب الله، حتى لو كانت المسؤولية عن غرق مركب أندونيسي يقل العشرات من "فقراء عكار" الفارين من "نعيم" تيار "المستقبل". لذلك مهما بدا خطاب السعودية وأدواتها في المنطقة تجاه حزب الله سطحياً وبسيطاً للوهلة الأولى، ولكنه يلقى آذاناً صاغية عند شرائح اجتماعية جرى "التلاعب" بمنطقها وحسها السليم.
من اللحظة الأولى لاغتيال الوزير محمد شطح، لم يجد هؤلاء مثل الثنائي الملائكي سعد – السنيورة، حرجاً بالاتهام المباشر لحزب الله، لا داعي لأي جهد أو دليل أو حتى التذاكي بحجج مبتكرة، حزب الله قتل محمد شطح، هذه "حقيقة اجتماعية" عند بيئة 14 آذار. عبد الرحمن الراشد، بدوره في صحيفة "الشرق اﻻوسط" كتب: "أمس، اغتال حزب الله شخصية مدنية مسالمة أخرى.... وكل الذين قتلهم حزب الله منذ اغتياله رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من فريق سياسي واحد منافس له..." ويختم "لا أحد يشك أبداً أن حزب الله هو من قتل الدكتور شطح"، لا أحد، قالها "الوهابي الليبرالي".
قد يحاجج البعض بأن كلا الفريقين يعمل بأسلوب متشابه، مع افتراض صحة ذلك جدلاً، ولكن لا مجال أبداً للمقارنة بين المقدرات والإستراتيجيات الإعلامية لكلا الفريقين. من المحطات الثلاث الأولى في لبنان، لا سيما على صعيد الأخبار والبرامج السياسية، اثنتان محسوبتان على قوى 14 آذار، فيما الثالثة لا يمكن احتسابها على قوى 8 آذار. من باب المقارنة، تمهل سماحة السيد حسن نصر الله شهوراً بعد التفجير الإرهابي الأول في الضاحية، وبعد صدور تقارير رسمية عن المجموعات المتورطة، قبل ان يوجه اتهاماً مباشراً للمخابرات السعودية في سياق عرض تسلسلي منهجي استدلالي.
مصطلحات فريق 14 آذار تعج بالرموز والدلالات، "نحب الحياة"، "القمصان السود"، "الشادور"، "ولاية الفقيه"، "الفلاحة وشك الدخان"، "الروافض، الفرس، المجوس"، "العمائم السود"، "الكابتاغون"، "القتلة، التطرف"، "ميليشيا حزب الله"، "7 أيار"، "فائض القوة"، "الفارون من المحكمة الدولية"، "محمود الحايك، بدرالدين، عياش"، "سامر حنا"، "التهريب"، "لا يستعمون لغناء فيروز"، "وكيل إيران"، "دعم النظام العلوي"، "التمدد الشيعي"، وغيرها الكثير. مصطلحات بسيطة، سهلة الحفظ، مباشرة، بارزة، استفزازية ومقلقة، تكررها من دون كلل وملل عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات والإذاعات والألسن الفصيحة. إعادة إنتاج حزب الله اجتماعياً في مجتمعات محددة كانت المهمة الأقدس لواشنطن وحلفائها منذ العام 2005 ، وكله في سبيل هدف "جليل" عبر عنه الراشد في خاتمة مقاله اليوم:"مع هذا في النهاية، لن يصح إلا الصحيح، سيتذكر العالم هذا الحزب بجرائمه، لا بمزاعم بطولاته من مواجهة "إسرائيل"، وتحرير ما احتل من لبنان". البطولات الحقيقة في مواجهة "إسرائيل" من اختصاص أمراء آل سعود وغلمانهم في لبنان، تلك أيضاً "بديهة وحقيقة اجتماعية" أخرى قد تتكرس يوماً ما في عقول منهكة مسكينة.
الخطاب الإعلامي- السياسي هو القالب الذي يحوي الرسائل المراد توجيهها من خلال وسائل الإعلام المتعددة، وكل هذا يكون ضمن إستراتيجية محددة من "التواصل المتبادل".
من هنا، ليس مهماً لأنصار هذه المدرسة، إن كان حزب الله مسؤولاً عن اغتيالات قيادات من قوى 14 آذار، المهم هل أصبحت هذه التهمة "حقيقة اجتماعية" عند شريحة محددة، أم لا؟ إن اقتنع جمهور قوى 14 آذار، وبعض الجمهور العربي، بأن حزب الله هو "ميليشيا اغتيالات ومنظمة إرهابية وإجرامية"، فمن ناحية سياسية، لا يعود مهماً أبداً إن كان ذلك صحيحاً أم لا.
منذ العام 2005، أي لحظة القرار بالانتقال لمواجهة حزب الله من خلال الانقسامات الداخلية، وبدء تدعيم "جدار الكراهية المذهبي" لعزل إيران وحلفائها، جرى تدرج دقيق في بناء "بنية تحتية إدراكية" عند جمهور "العرب السنة"، تكون خصبة لقبول أي تهمة تلصق بحزب الله، حتى لو كانت المسؤولية عن غرق مركب أندونيسي يقل العشرات من "فقراء عكار" الفارين من "نعيم" تيار "المستقبل". لذلك مهما بدا خطاب السعودية وأدواتها في المنطقة تجاه حزب الله سطحياً وبسيطاً للوهلة الأولى، ولكنه يلقى آذاناً صاغية عند شرائح اجتماعية جرى "التلاعب" بمنطقها وحسها السليم.
من اللحظة الأولى لاغتيال الوزير محمد شطح، لم يجد هؤلاء مثل الثنائي الملائكي سعد – السنيورة، حرجاً بالاتهام المباشر لحزب الله، لا داعي لأي جهد أو دليل أو حتى التذاكي بحجج مبتكرة، حزب الله قتل محمد شطح، هذه "حقيقة اجتماعية" عند بيئة 14 آذار. عبد الرحمن الراشد، بدوره في صحيفة "الشرق اﻻوسط" كتب: "أمس، اغتال حزب الله شخصية مدنية مسالمة أخرى.... وكل الذين قتلهم حزب الله منذ اغتياله رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري من فريق سياسي واحد منافس له..." ويختم "لا أحد يشك أبداً أن حزب الله هو من قتل الدكتور شطح"، لا أحد، قالها "الوهابي الليبرالي".
قد يحاجج البعض بأن كلا الفريقين يعمل بأسلوب متشابه، مع افتراض صحة ذلك جدلاً، ولكن لا مجال أبداً للمقارنة بين المقدرات والإستراتيجيات الإعلامية لكلا الفريقين. من المحطات الثلاث الأولى في لبنان، لا سيما على صعيد الأخبار والبرامج السياسية، اثنتان محسوبتان على قوى 14 آذار، فيما الثالثة لا يمكن احتسابها على قوى 8 آذار. من باب المقارنة، تمهل سماحة السيد حسن نصر الله شهوراً بعد التفجير الإرهابي الأول في الضاحية، وبعد صدور تقارير رسمية عن المجموعات المتورطة، قبل ان يوجه اتهاماً مباشراً للمخابرات السعودية في سياق عرض تسلسلي منهجي استدلالي.
مصطلحات فريق 14 آذار تعج بالرموز والدلالات، "نحب الحياة"، "القمصان السود"، "الشادور"، "ولاية الفقيه"، "الفلاحة وشك الدخان"، "الروافض، الفرس، المجوس"، "العمائم السود"، "الكابتاغون"، "القتلة، التطرف"، "ميليشيا حزب الله"، "7 أيار"، "فائض القوة"، "الفارون من المحكمة الدولية"، "محمود الحايك، بدرالدين، عياش"، "سامر حنا"، "التهريب"، "لا يستعمون لغناء فيروز"، "وكيل إيران"، "دعم النظام العلوي"، "التمدد الشيعي"، وغيرها الكثير. مصطلحات بسيطة، سهلة الحفظ، مباشرة، بارزة، استفزازية ومقلقة، تكررها من دون كلل وملل عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات والإذاعات والألسن الفصيحة. إعادة إنتاج حزب الله اجتماعياً في مجتمعات محددة كانت المهمة الأقدس لواشنطن وحلفائها منذ العام 2005 ، وكله في سبيل هدف "جليل" عبر عنه الراشد في خاتمة مقاله اليوم:"مع هذا في النهاية، لن يصح إلا الصحيح، سيتذكر العالم هذا الحزب بجرائمه، لا بمزاعم بطولاته من مواجهة "إسرائيل"، وتحرير ما احتل من لبنان". البطولات الحقيقة في مواجهة "إسرائيل" من اختصاص أمراء آل سعود وغلمانهم في لبنان، تلك أيضاً "بديهة وحقيقة اجتماعية" أخرى قد تتكرس يوماً ما في عقول منهكة مسكينة.