ارشيف من :آراء وتحليلات

’طالبان’ حركة إستخباراتية برعاية أميركية سعودية

’طالبان’ حركة إستخباراتية برعاية أميركية سعودية

تشكل حركة "طالبان" في الوقت الراهن محور الجدل الأبرز على قائمة الأولويات الحكومية الباكستانية. أوراق الحكومة الباكستانية للمفاوضات باتت مكشوفة على طاولة الحوار إلا أن غارات الطائرات الأميريكية بدون طيار التي تستهدف المناطق القبلية ومعاقل الإرهابين بين الحين و الآخر ما زالت العائق الأكبر أمام إجراء محادثات سلام تضمن من خلالها الحكومة الباكستانية وقف العمليات الإرهابية التي تشنّها "طالبان" ضد الأبرياء.


على أن ذلك يأتي بالتزامن مع رفض بعض الأحزاب الداخلية لهذه المحادثات التي تعكس وهن السلطة الباكستانية أمام القضاء على هذه الحركة الإرهابية أو الأمر الذي يعكس تواطؤ البعض من رجال السياسة الباكستانيين الذين يماطلون بغية إخماد الحماس المشتعل لدى الباكستانين الهادف للقضاء على التنظيم الإرهابي لتحقيق أطماع ورغبات من تكمن مصلحتهم في إنشغال الناس بالفتنة والتفرقة، حيث يتم ذلك بمشاركة أطراف خارجية لها ذات الأهداف من خلال حفظ الإرهاب وتغذيته!!

وفي إطار المساعي الحكومية الباكستانية لمفاوضة "طالبان"، إستدعى رئيس الحكومة نواز شريف رئيس تجمع علماء الإسلام مولانا سميع الحق لكي يكون صلة الوصل بين الحكومة الباكستانية و"طالبان" وإنجاح المفاوضات، وذلك للتقدير والإحترام الذي يكنّه أبناء "طالبان" وزعاماتها لسميع الحق.

وبحسب المعلومات، وصفت الجلسة بالسرية والخطيرة، حيث دامت لأكثر من ساعتين. وبعد اللقاء كشف سميع الحق أنه كلّف من قبل رئيس الحكومة شريف بالمحادثات، معتبراً أن من واجب الحكومة الباكستانية إستيعاب عمليات "طالبان"، لأنها ناتجة عن الضغوط التي تمارس عليها من قبل أميركا. تصريح خطير يحمل في طياته شرعنة غير مباشرة لأعمال "طالبان" الإرهابية والتكفيرية، لا سيما وأن ما تقوم به "طالبان" تعدّى مرحلة ردات الفعل حتّى طالت عملياتهم أجهزة الأمن الباكستانية دون أي حرمة لأجهزة الدولة.

من هنا، لا بد من التذكير بالهجمات الارهابية لـ"طالبان" وكانت على أشكال متعددة، حيث أن أغلبها وقع عند المناطق الحدودية أو حواجز الأمن والشرطة بالإضافة إلى إستهداف المدنيين حتّى وصلت إحصائية شهداء مدينة كويتا لعام 2013 أكثر من 700 شهيد ناهيك عن التفجيرات التي طالت المدن الأخرى مخلفة العديد من المجازر والإعتداءات بحق الإنسانية جمعاء، وذلك بمعزل عن الإغتيالات التي قضى ضحيتها أبناء الإعتدال الإسلامي الهادف لتوحيد المسلمين وليس آخرهم مرشحي مجلس وحدة المسلمين الذين أغتيلوا في مدينة كراتشي في الأسبوع الأخير من العام المنصرم 2013.

كما إننا لا نستطيع تجاهل تهديداتهم المتكررة لأبناء المذاهب والطوائف الأخرى التي من شأنها إفساد الطقوس الدينية وتدمير دور العبادة (كتفجير كنيسة راولبندي وحوزة الشهيد السيد عارف الحسيني في بلوشستان، والتهديد الأخير الذي جرى في أربعينية الإمام الحسين (ع) حيث هدد مسؤول في "طالبان" بتلقين من يحيي هذه المناسبة درساً لن ينساه لمئة عام من الزمن).

’طالبان’ حركة إستخباراتية برعاية أميركية سعودية

وانطلاقاً مما سبق، من المؤسف أن يستخف أحد بعقول الناس ليحاول في نهاية المطاف تأكيد أحقية الجماعات التكفيرية الإرهابية في إثارة الفتنة وإستحلال دماء المسلمين وغيرهم، من خلال وضع هذه الأعمال في اطار "الضغوط وردات الفعل" !!! أما الأكثر خزياً، فهو أن تُحمّل الحكومة الباكستانية أوزار العقلية الإلغائية للجماعات التكفيرية، وتفرض المفاوضات كحلّ بديل عن مجابهة وإبادة التكفيرين ممن يسعون لنشر الفتنة والإقتتال بين المسلمين. الاقتتال الذي ستكون عاقبته وخيمة، من خلال تحوير القضية الإسلامية الأساس "القضية الفلسطينية" عن إتجاهها الصحيح، سعياً لتحقيق أهداف جماعات معينة دون مصلحة الإسلام والمسلمين.

وكما أن لكل دولة سمة سياسية تمتاز بها عن الدول الأخرى، فإن سمة الولايات المتحدة هو الوصولية. فأميركا تخضع الجميع لخدمتها كي تنعم في تحقيق مصالحها و أطماعها، ومما لا شك فيه بأن حركة "طالبان" لم تأت من العدم، بل أوجدها من له مصلحة من أدائها. وبالتالي فإن أكثر المستفيدين من وجودها هي الولايات المتحدة الأميريكية بلا منازع، لأن "طالبان" كانت بوابة العبور الأميريكي لأفغانستان.

وبحسب مصادر إستخباراتية باكستانية، فإن تشكيل "طالبان" كان عملاً إستخباراتياً محضاً بقرار أميريكي وتمويل سعودي، حيث اختيرت الأيدولوجية التكفيرية انطلاقاً من سياسة الولايات المتحدة الأميريكية التي تعتمد على الفتنة الداخلية قبل التدخل الخارجي بحيث يقلص ذلك من العمل والجهد الأميريكي.

وتبعاً لذلك، تعتبر المصادر أن كل ما يجري اليوم في المنطقة من أحداث كان مخططاً لها من قبل، لإخضاعها للتبعية الأميريكية بعد أن تنشغل الدول المتناحرة بالإقتتال مع بعضها البعض، فتأتي أميركا بثوب الإصلاح لنشر "العدالة الإجتماعية"، وتظهر بعد ذلك كالمخلّص الذي يجمع الأطراف المتنازعة تحت رعايته. كلّ ذلك على حساب الدول المستضعفة التي لا تقوى على الصمود في وجه دول الإستكبار ومؤامراته، ونتيجة لغفلة بعض الدول العربية والإسلامية، وتآمر البعض الآخر، حتى وصلت الدول الإسلامية الى ما هي عليه اليوم من تفرق وشرذمة.

وفي ظلّ هذا الواقع المرير التي تعيشه الأمّة الإسلامية، لا بدّ من إستنهاضها للارتقاء لمستوى المجتمع الإسلامي الذي أعدّه النبي محمد(ص) من أجل الحفاظ على الإسلام والمسلمين.

2014-01-14