ارشيف من :آراء وتحليلات

روسيا وكازاخستان توحدان إستراتيجية الدفاع الجوي

روسيا وكازاخستان توحدان إستراتيجية الدفاع الجوي

في مطلع هذه السنة تم في "أستانا" عاصمة كازاخستان التوقيع على اتفاقية تكوين نظام دفاع جوي موحد بين الجمهورية الفيديرالية الروسية وجمهورية كازاخستان، من قبل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ووزير الدفاع الكازاخستاني عادلبيك جاكسوبيكوف. ومما تتضمنه هذه الوثيقة: السماح للطيارين العسكريين باجتياز الحدود الجوية بين البلدين، بدون الحصول على قرارات سياسية مسبقة. وحيال أي غزو دخيل لاجواء كل من روسيا وكازاخستان، باستثناء حالات القوة القاهرة (Force Majeure)، فإن كل من موسكو وأستانا تمتلك صلاحيات الرد. اي انه جرى تبسيط كبير لعملية مواجهة اختراق المدى الجوي في المناطق الحدودية. ولا يمكن لاي وثيقة خطية اخرى قد يوقعها وزيرا دفاع البلدين ان تعطي الطيارين الحربين ما تعطيه هذه الوثيقة من صلاحيات في الحالات الاستثنائية. ولا شك ان اجتياز الحدود الوطنية، وتبادل المعلومات العسكرية، هو موضوع تم تناوله بشكل موسع. وإن المشاركة الجزئية في السيادة الوطنية، تصب في مصلحة الامن الوطني، مما هو غير متاح لاي دولة كانت. وهذا العنصر لعب دوره في المحادثات الطويلة بين البلدين حول الاتفاق المتعلق بإستراتيجية الدفاع الجوي والتي استمرت ست سنوات.

ولكن روسيا وكازاخستان كانتا خلال هذه المدة تحت العين الساهرة لانظمة الدفاع الجوي لـ"اتحاد الدول المستقلة"، (وهو الاتحاد الذي يضم دول الاتحاد السوفياتي السابقة). وتقوم على حراسة اجواء هذه الدول القوات الجوية، الوحدات الصاروخية المضادة للطيران، والوحدات الرادارية، المشاركة في المناوبات القتالية في اطار اتفاق الامن الجماعي لدول "اتحاد الدول المستقلة". فلماذا اذن يتم بناء خطوط وبنى دفاعية جديدة؟

على هذا السؤال يجيب العسكريون: لنبدأ من واقع ان بعض وحدات الدفاع الجوي الاختصاصية لا يمكن ان تعمل من ذاتها. ويتعلق ذلك بالمناوبات القتالية المشتركة، تنسيق فعالياتنا في مختلف الاوضاع، تبادل المعلومات، اجراء مناورات تدريب مشتركة، وتدريب اجهزة الادارة والطواقم واجهزة الرصد. وهذه هي ممارسة عادية، وقد استخدمت في السنوات السابقة بما في ذلك في اطار "اتحاد الدول المستقلة".

كما ان هناك قضية اخرى وهي ان الاتفاق بين الدولتين الروسية والكازاخستانية وسعت امكانية العمل المشترك وبسّطت عملية اتخاذ القرارات من قبل أمـّار الوحدات المسلحة.

روسيا وكازاخستان توحدان إستراتيجية الدفاع الجوي

وبموجب هذا الاتفاق سيتشكل نوع من مظلة مضادة للطيران المعادي لحماية اجواء البلدين. ولهذه الغاية ليس هناك ضرورة لتطويق موسكو وأستانا بمطارات حربية اضافية للطائرات المطاردة وبقواعد للصواريخ المضادة المحمولة من طراز "ستريلا" (السهم) و"إيغلا" (الابرة) على امتداد الحدود الخارجية للبلدين. كما انه ليس من حاجة لانتقال الوحدات العسكرية من احد البلدين الى الاخر ولا تشكيل وحدات قتالية مشتركة من الجيش الوطني للبلدين. فقيادات الاركان، ووحدات الرصد الالكترونية والطواقم القتالية، التابعة للقوات المسلحة الروسية والكازاخستانية التي سيتم ضمها الى النظام الاقليمي الموحد للدفاع الجوي، سيتم نشرها في المواقع السابقة، والاختصاصيون يبقون في جيوشهم ووحداتهم القتالية. ولكنه سيتم فقط توسيع دائرة مهماتهم، بما في ذلك اجراء المناورات التدريبية المشتركة، والى حد ما يتم تغيير جغرافية المهمات الموكولة اليهم. كما جرى سابقا، حينما تم تشكيل البنى العسكرية المشابهة في اطار النظام الاقليمي الموحد للدفاع الجوي بين روسيا وبيلاروسيا، وبين روسيا وارمينيا.

ومن جهة ثانية اتفقت روسيا وكازاخستان على تجديد تجارب اطلاق صواريخ "بروتون ـ M" من قاعدة "بايكونور" الفضائية. وقد اعلن عن هذا الاتفاق دميتريي روغوزين، نائب رئيس الوزراء الروسي، معلقا على نتائج الزيارة التي قام بها وفد روسي الى العاصمة الكازاخستانية أستانا.

وعلق على ذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بالقول "في الواقع لقد توصلنا الى تفاهم متبادل لتجديد اطلاق صواريخ "برتون" من القاعدة الفضائية في بايكونور"، كما نقلت عنه وكالة ريا نوفوستي.

وبالاضافة الى ذلك، وحسب تصريح روغوزين، جرت محادثات حول المسائل المتعلقة بالمشروع المستقبلي الروسي ـ الكازاخستاني ـ الاوكراني المسمى "بايتيريك"، والخاص باطلاق الصاروخ الروسي ـ الاوكراني المشترك "زينيت ـ 3 إف" من قاعدة بايكونور الفضائية.

روسيا وكازاخستان توحدان إستراتيجية الدفاع الجوي

كما اشار نائب رئيس الوزراء الى نقطة اخرى تم البحث فيها خلال الزيارة بالقول "لقد بحثنا ايضا في مسائل تساقط اجزاء الصاروخ ـ الحامل من طراز "سويوز" (الاتحاد)".

وحسب تصريح المدير العلمي للنادي الفضائي في موسكو ايفان موييسيف فإن المباحثات المكثفة بين روسيا وكازاخستان حول قاعدة بايكونور الفضائية "السوفياتية" السابقة، التي تقع في الاراض الكازاخستانية، قد بدأت في كانون الاول من العام الفائت، حيث تم التوصل الى قرار مشترك لتجديد عمل اللجنة الحكومية المشتركة الخاصة بمجمع "بايكونور". وفي جلسة للبرلمان الكازاخستاني تحدث مدير الوكالة الفضائية لكازاخستان طلعت موسابايف مؤيدا استبدال الصاروخ الحامل "أنغارا" بالصاروخ الحامل "زينيت" المصنوع في اطار برنامج "بايتيريك" الصاروخي ـ الفضائي المشترك.

وقد وافقت وكالة الفضاء الروسية على الاقتراح وعلى النظر فيه عمليا.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد وجهت قبل ذلك مذكرة الى الجانب الكازاخستاني حول مسائل استخدام القاعدة الفصائية بايكونور. وطالبت المذكرة كازاخستان باعادة النظر في قرار التقييدات حول استخدام قاعدة بايكونور، وتضمنت سلسلة من الاجراءات، التي يمكن لروسيا القيام بها. وذكر بعض المعلقين ان المذكرة كانت حادة واشبه بإنذار. وتشمل التدابير جميع المشاريع الفضائية المشتركة.

ويقول الخبراء ان احتمال تخلي روسيا عن التعاون في استخدام قاعدة بايكونور سيؤدي حتما الى توقف القاعدة عن العمل، والى خسارة كازاخستان لجميع الفوائد التي تجنيها من القاعدة. ولكن هذا الاحتمال بعيد جدا. وفي النهاية تم التوصل الى الاتفاق بالعمل المشترك كما كان في السابق.

2014-01-22