ارشيف من :آراء وتحليلات

Government of Syria

Government of Syria

Government of Syria... بهذه العبارة حصلت الحكومة السورية مجدداً، على اعتراف دولي بشرعيتها، خلال مشاركتها في مؤتمر جنيف2، الذي يعالج النزاع الدائر في البلاد منذ ثلاث سنوات. ويعتبر الاعتراف الجماعي، خلال المؤتمرات الدولية، أحد الأشكال التي يتم فيها الاعتراف بالحكومات كما بالدول.

Government of Syria

وإن كان مفهوم الدولة من الناحية النظرية، يكتمل بمجرد إكتمال عناصر تكوينها (الأرض، الشعب، والسيادة)، لتبدأ عندها بممارسة سلطانها الداخلي وتكتسب تصرفاتها صفة الشرعية الداخلية. فإنه لا بد لها من الحصول على الاعتراف من قبل المجتمع الدولي لكي تمارس سلطاتها فعلياً على المستوى الدولي. وبعدها يبقى على الدولة الحديثة النشوء أن تحصل على اعتراف بحكومتها لكي تبدأ ببناء علاقاتها الخارجية على الصعد كافة.

ما تقدم هو، بالنسبة لحكومة في دولة حديثة النشوء، ولكن ماذا عن الاعتراف بالحكومة في دولة قديمة العهد، لكنها تشهد نزاعا داخلياً؟ يمكن القول بناءً على التجارب الدولية الحاصلة، إن الحكومة في حالة الأزمات، تكون في حاجةً لتجديد الإعتراف بها، حتى لو كان ذلك بشكل غير مباشر، وهذا ما يطلق سلطانها من جديد داخلياً وخارجياً، ويؤكد شرعيتها الدولية وتفردها بالسلطة وفقاً لهذه الشرعية.

ويعتبر الاعتراف أمراً هاماً في المجتمع الدولي المعاصر، الذي يتكون في جانب كبير منه من دول مستقلة ذات سيادة. وتملك كل دولة في هذا المجال، حرية اختيارية وسلطة تقديرية واسعة، لدرجة أنه يمكن القول أن الاعتراف هو مسألة سياسية أكثر منها قانونية. فالإعتراف بالدولة أو بالحكومة هو قرار سياسي بالدرجة الأولى، يتم اللجوء إليه استناداً إلى بعض اعتبارات الملاءمة للسياسة.

والاعتراف بالحكومات هو القرار الذي يصدر من دولة تعترف فيه بالسلطة السياسية الجديدة في دولة معترف بها، عندما تحدث تغيرات سياسية جديدة فيها. لكن عدم الاعتراف بالحكومة الجديدة لا يؤثر في الشخصية القانونية للدولة ولا تفقد عضويتها في المنظمات الدولية، ذلك لأن تغيير الحكومة مسألة داخلية لا تؤثر على مركز الدولة الخارجي، وليس للدول الأخرى حق الإعتراض على شكل نظام الحكم أو شكل نظام الحكومة الجديدة، وإن جاءت الحكومة بطريقة غير دستورية، لكن بشرط أن تتخذ لنفسها شكلاً شرعياً.

والإعتراف بالحكومة كالاعتراف بالدولة، قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً، ويتم الاعتراف الصريح عادة بعمل فردي، كإرسال مذكرة، أو رسالة، أو برقية، أو إبرام معاهدة بقصد الاعتراف، أو إدخال بند متعلق بالاعتراف في معاهدة ما. أما الاعتراف الضمني فينتج عادة من عدة وقائع .
ويعتبر ابرام المعاهدات مع الحكومة الجديدة، ومشاركة هذا الحكومة في مؤتمرات دولية، مثل المؤتمرات التي تعقد برعاية الأمم المتحدة، وكذلك إعتراف الأمم المتحدة بالحكومة أو تجديد الإعتراف بها وقبولها في المنظمات الدولية، من أهم أشكال الاعتراف الجماعي.

بعد هذا العرض، يمكن القول، بدون ادنى شك، أن مشاركة الوفد السوري الحكومي في مؤتمر جنيف 2 الدولي، حيث وضعت أمامه لوحة كتب عليها Government of Syria ، ومحاورته من قبل الدول الكبرى والأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر ترعاه أميركا وروسيا والأمم المتحدة، تعتبر اعتراف جديد بشرعية الحكومة السورية، واعتراف بأن هذه الحكومة هي حكومة الدولة السورية دون منازع، ويعني ذلك أن هذا الاعتراف هو اصلاً اعترافاً بالنظام القائم.

وبطبيعة الحال فإن الحكومة السورية التي تستمد شرعيتها المحلية من أكثرية الشعب السوري.
لازالت تحافظ على هذه الشرعية منذ بداية الأزمة، وليست هذه الشرعية إلا لتأكيد المؤكد بأن ليس هناك حكومة في سورية غير حكومة نظام الرئيس بشار الأسد.  وأمر طبيعي أن يكون لدى الحكومة السورية شرعية محلية ودولية، فهي حتى الان لا زالت تتعامل مع العديد من الدول، وتتبادل البعثات الدبلوماسية معها، وتعقد الاتفاقات والمعاهدات، وتسيطر على الأوضاع في البلاد وتدير الأمور الداخلية والخارجية.
2014-01-23