ارشيف من :آراء وتحليلات

الجدل متواصل في تونس حول تجريم التطبيع

الجدل متواصل في تونس حول تجريم التطبيع

رغم أن كتلة حركة النهضة الإخوانية في المجلس الوطني التأسيسي، قد نجحت في عدم إمرار بند في الدستور التونسي الجديد يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، رضوخا لضغوط دولية سلطت على الحركة التي غادرت لتوها الحكم، إلا أن الجدل بشأن هذه المسألة ما زال محتدما في تونس بين المطالبين بدسترة هذا المبدأ، وأغلبهم من المعارضة، وبين الرافضين لإدراجه في الدستور، وهم بالأساس النهضويون وأنصارهم في الموالاة.

لكن ما تجدر الإشارة إليه أن الفريق الرافض لإدراج تجريم التطبيع في الدستور يدعو إلى إصدار قانون عادي يجرم هذه المسألة باعتباره حلا وسطا يجعل النخبة الحاكمة تستجيب لمطالب الشارع من جهة، ولا تخسر دعم الصناديق المالية الدولية والغرب من جهة أخرى. ويبرر بعض الرافضين لدسترة تجريم التطبيع توجههم هذا، بأن تونس لا تمتلك ثروات طبيعية ضخمة حتى تدخل في صدام مع شركائها التجاريين في الضفة المقابلة للمتوسط وما وراء الأطلسي، كما أن البلدان الغنية في محيطها الإقليمي العربي والإسلامي لا تدعمها بتاتا بخلاف بلدان عربية وإسلامية أخرى تجد جميع أشكال الدعم من الأشقاء الراقدين على بحار الغاز والبترول.

تهديد بالتصعيد

وتسعى الأحزاب الوطنية الآن ومن مختلف التيارات إلى المسارعة إلى إصدار القانون الذي يجرم التطبيع ويحدد أفعاله بدقة مع التوسع ليشمل التجريم أكبر قدر من الأفعال لقطع الطريق على الجهات الغربية التي تدفع باتجاه أن تربط تونس الصلات مع الكيان الصهيوني الغاصب.
وللإشارة فإن تونس قامت سابقا وفي خضم "أجواء السلام" التي سادت في أواسط تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بفتح مكتب علاقات تجارية مع الكيان الصهيوني أغلقه زين العابدين بن علي لاحقا بمجرد أن نكث الكيان الصهيوني بوعوده وتراجع عن خيار "السلام المزعوم" ما جعل انتفاضة ثانية تندلع في الأراضي المحتلة.

الجدل متواصل في تونس حول تجريم التطبيع

ويخشى التونسيون أن تعود "إسرائيل" مجددا من بوابة العلاقات التجارية كما حصل في السابق، وهناك خوف حقيقي من أن تتحول البلاد إلى مرتع للصهاينة وهي المخترقة أمنيا من قبل أجهزة استخبارات عديدة حلّ ركبها خصوصا بعد انهيار النظام السابق في 14 يناير 2011. لذلك فإن الجميع بصدد البحث عن قانون يتضمن عقوبات صارمة تسلط على المطبعين وتردع من يفكر في التخابر مع المحتل للأراضي العربية وللمقدسات الإسلامية والمسيحية.

وزيرة السياحة

ولعل ما ساهم في عودة هذا الموضوع إلى الواجهة وبقوة هو تعيين المهدي جمعة لوزيرة للسياحة من الكفاءات التونسية المهاجرة، تبين لاحقا أنها زارت "إسرائيل". وتعرضت الوزيرة للسب والشتم في المجلس الوطني التأسيسي من قبل عدد من نواب الشعب وطالب أحدهم بطردها. لكن آمال كربول ردت بأنها ذهبت لزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967 وتحديدا رام الله، ضمن وفد أممي وبما أن أراضي الـ67 لا تضم مطارا فإنها اضطرت مع الوفد إلى النزول في مطار تل أبيب. وقدمت الوزيرة استقالتها ووضعتها على ذمة رئيس الحكومة إذا ثبت خلاف ما قامت بروايته.

كما أظهرت الوزيرة آمال كربول، التي تعاني مضايقات عديدة، صورة لها في أحد مطارات "إسرائيل"، تداولتها مواقع التواصل الإجتماعية، وهي ترفع لافتة كتب عليها باللغة الإنكليزية "مرحبا بكم في فلسطين". وقيل إن الإسرائيليين انزعجوا من مبادرة السيدة كربول والوفد المرافق لها وقاموا بمضايقتهم واعتبروا الأمر استفزازا لهم وهم الذين قاموا بتغيير تسمية الأرض التي أقاموا عليها كيانهم الغاصب وعبثوا بمعالمها وسعوا بجهد حثيث إلى تهويدها. لكن الجدل ما زال محتدما بين المتفهمين لسلوك الوزيرة والداعين لها لمواصلة عملها وبين الرافضين المطالبين باستقالتها فورا درءا لأية شبهة.
2014-02-01