ارشيف من :آراء وتحليلات

جدل في تونس حول ’قاتل’ شكري بلعيد

جدل في تونس حول ’قاتل’ شكري بلعيد

اختلفت التقويمات بشأن الأحداث الأمنية الخطيرة التي شهدتها تونس خلال اليومين الماضيين، والتي أدى فيها تبادل كثيف لإطلاق النار بين قوات الأمن والجيش التونسيين ومجموعات إرهابية في كل من منطقة جبل الشعانبي الحدودية ومنطقة رواد بضواحي العاصمة، إلى مقتل كمال القضقاضي المتهم الرئيس في اغتيال الشهيد شكري بلعيد منذ سنة خلت. كما أدت العمليات إلى مقتل عدد من المنتمين إلى تنظيم أنصار الشريعة الذي يعتبر الجناح التونسي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بالإضافة إلى أحد عناصر الحرس الوطني التونسي.

وقد جعلت ضراوة الإشتباكات السلطات التونسية تدفع بالفرق الخاصة من الكومندوس للشرطة والحرس الوطني والجيش لحسم المسألة، نظراً لتمرس العناصر الإرهابية على القتال وفقا لشهادات الأمنيين والعسكريين. وقد أدى دخول نخبة الأمنيين والعسكريين على خط المعركة إلى الحسم مع الجماعات الإرهابية في هذه الجولة الجديدة من حرب يبدو أنها ستكون طويلة الأمد.

جدل في تونس حول ’قاتل’ شكري بلعيد

ترحيب


وقد رحبت كثير من وسائل الإعلام التونسية بما اعتبرته إنجازا يُحسب لقوى الأمن بعد أن تحررت من القيود التي فرضتها عليها قيادات عينتها حركة النهضة على رأس وزارة الداخلية في عهد حكومة حمادي الجبالي حين كان علي العريض وزيرا للداخلية، بحسب رأيها. ودعا بعض الفاعلين على الساحة السياسية في البلاد قوى الأمن والجيش إلى مزيد من اليقظة حتى تعود تونس إلى سالف عهدها قبل الثورة عصية على الإرهاب وعلى الراغبين في تهديد أمنها واستقرارها.

وذهب آخرون أبعد من ذلك، إلى حد الإشادة بمخلفات الديكتاتورية والمتمثلة أساسا في فرق أمنية مدربة ومجهزة بأحداث أنواع الأسلحة مثلت على الدوام سدا منيعا حافظ على استقرار تونس لعقود وجعلها قبلة السياح من مختلف أصقاع الأرض رغم الإضطراب الذي كان يميز محيطها الإقليمي المغاربي. فالإرهاب في بلاد المغرب ليس حدثا طارئا مستجدا فقد ظهر مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي لكنه عجز باستمرار عن ولوج الأراضي التونسية رغم المحاولات العديدة، لكن المعطيات تغيرت بعد الثورة وحالة الإنفلات التي شهدتها البلاد بعد الإطاحة بنظامها السابق وانهيار الدولة الليبية اللذين ساهما في تغلغل الإرهاب في أرض الخضراء.

طمس الحقيقة


في المقابل اعتبر جانب آخر من الرأي العام التونسي أن ما حصل من عمليات في الشعانبي وضاحية رواد، ما هو إلا مسرحية سيئة الإخراج أراد من خلالها رئيس الحكومة الجديد المهدي جمعة أن يثبت لمعارضيه أن لطفي بن جدو وزير الداخلية - الذي قوبلت مسألة إعادة تكليفه بذات الحقيبة التي شغلها في عهد علي العريض بمعارضة شديدة – رجل كفء وجدير بشغل هذا المنصب المهم. واعتبر هؤلاء أن الإرهابيين كانوا يتحركون منذ فترة تحت أنظار قوى الأمن ورجال الإستخبارات ولكنهم لم يحركوا ساكنا وانتظروا قرب موعد الذكرى الأولى لاغتيال الشهيد شكري بلعيد لإسكات الشارع الذي من المنتظر أن ينتفض بسبب تأخر الكشف والقبض عن الجناة.

ويتهم أصحاب هذا الرأي أيضا حكومة المهدي جمعة بطمس الحقيقة المتعلقة بالجهات التي خططت ومولت لاغتيال بلعيد وذلك عبر إسكات المنفذ (كمال القضقاضي) من خلال استهدافه بالقتل عوض تقديمه حيا للعدالة للتحقيق معه ومعرفة من يحركونه من وراء الكواليس، وأن تونس لن تستقر ولن تعرف السكينة التي ينشدها الجميع ما دام من يقف وراء قتلة بلعيد والبراهمي مجهولا لم يكشف عنه ولم ينل الجزاء عن فعلته. وردا منها على هذه الإتهامات صرحت وزارة الداخلية بأن قاتل بلعيد كان يحمل حزاما ناسفا أراد تفجيره وسط قوات الأمن ما اضطرهم إلى الرد عليه وقتله وقتل آخرين معه دفاعا عن النفس.
2014-02-06