ارشيف من :آراء وتحليلات

اليونان في دوامة الازمة

اليونان في دوامة الازمة

دخلت اليونان بشكل مبكر في حملة التحضير للانتخابات للبرلمان الاوروبي التي ستجري في ايار القادم، والتي سيتوقف على نتائجها اي طريق ستختار البلاد السير فيه.

وفي هذه الانتخابات على الناخبين اليونانيين ان يختاروا 24 ممثلا عنهم كنواب في البرلمان الاوروبي الموحد. واخذا بالاعتبار موازين القوى الحالية في اليونان، هناك ثلاثة سيناريوهات لهذه الانتخابات:

السيناريو الاول، هو ان تتقلص المسافة التي تفصل الحزب المحافظ "الديمقراطية الجديدة" عن التشكيلة اليسارية الراديكالية "سيريزا" التي تليه، وان ينخفض الى الحد الادنى الفارق في النسبة المئوية لكل منهما.

وفي هذه الحالة فإن رئيس الوزراء المحافظ اندونيس ساماراس سيعتبر ان مثل هذا التصويت هو بمثابة "رسالة له"، وانه سيستمر في الحكم حتى موعد الانتخابات الرئاسية في مطلع 2015. وستضطلع بدور مقرر في تشكيل المناخ السياسي في البلاد بعد الانتخابات النسبة التي سيحصل عليها الحزب الاشتراكي "باسوك" (الشريك في الحكومة الائتلافية الحالية مع المحافظين)، وهل سيبرز الحزب بقوة منفصلة ام انه سيكون تحت مظلة ائتلاف وسطي يساري واسع. فاذا لم تستطع المساحة السياسية التي تتأطر حول حزب "باسوك" ان ترسل ممثلين عنها الى البرلمان الاوروبي، فهذا يعني ان الحكومة ستكون رهينة لمجريات واحداث، يمكنها ان تحدث انشقاقات على يسار الوسط.

السيناريو الثاني، هو ان تربح كتلة "سيزيرا" الراديكالية اليسارية الانتخابات، وبفارق بسيط، يسمح من وجهة النظر السياسية لحزب "الدمقراطية الجديدة" المحافظ ان يستمر في الحكم. ولكن ماذا يمكن ان يكون هذا الفارق؟ البعض يتحدث عن فارق 4،4%. فبمثل هذه النسبة خسر حزب "الدمقراطية الجديدة" الانتخابات سنة 2009. والبعض الاخر يقول ان الفارق يمكن ان يكون اكبر قليلا. وفي مثل هذا السيناريو، اذا استطاع حزب "باسوك" او كتلته ان ينجح، فإن الوزارة يمكن ان تستمر في الحكم، ولكن مع علمها بأنه لن يتبقى لها سوى بضعة اشهر، لانه في شهر شباط التالي سيتم انتخاب رئيس الجمهورية (الرئيس اليوناني يتم انتخابه في البرلمان في ثلاث دورات).

اليونان في دوامة الازمة

والسيناريو الثالث، هو ان كتلة "سيزيرا" تستطيع ان توجد وضعا ديناميكيا في اللحظة الاخيرة، ما يؤدي الى ان حزب "الديمقراطية الجديدة" يسبق كتلة "سيزيرا" بفارق كبير. وفي هذه الحالة فمن المؤكد ان اندونيس ساماراس سيتوجه مباشرة نحو اجراء انتخابات نيابية جديدة، لانه يعلم انه اذا لم يدع الى انتخابات مبكرة مفاجئة، ففي المستقبل لن يستطيع ان يعتمد على مثل هذا الفارق، وان يجند النواب اليائسين الذين يبدأون المشاحنات فيما بينهم.
على خلفية هذه السيناريوهات الثلاثة، من المهم التخمين كيف سيكون عليه مسلك شركاء ومقرضي اليونان الخارجيين. اذا استطاع ساماراس ان يتغلب على الكسيس سيبراس ( زعيم "سيزيرا")، فإنه ستكون له حظوظ اكبر لان يطمح للنجاح في تسوية الدين اليوناني، اي ان يطلب اعفاء جديدا، ونظاما جديدا للرقابة على اليونان من قبل المقرضين.

واذا خسر ساماراس بفارق كبير، فإن المقرضين لن يكشفوا اوراقهم، لانهم يعلمون حينذاك انهم سيجلسون الى الطاولة ويتحادثون مع سيبراس. وفي هذه الحالة من الممكن ان تهيمن فكرة " لن نقدم لليونان اي شيء، قبل ان نعلم ماذا يجري على المسرح السياسي للبلاد، ومع من نتحادث".
وطبعا هناك الكثير من الجوانب الغامضة في هذه الانتخابات. مثال على ذلك: ما هي الاتجاهات التي سيذهب انصارها، او لن يذهبوا، للتصويت. ومن الواضح ان هذا سيكون له شأن حاسم. ولكنه سيكون ذا اهمية خاصة اكثر حسما، كم هي النسب التي سيحصل عليها القطاع اليميني المتطرف في المروحة السياسية وبالاخص حزب "الفجر الذهبي". ومن هذه الزاوية ينظر بعض المراقبين الى القرار الذي صدر مؤخرا بمنع هذا الحزب (بعد قيام بعض اعضائه باغتيال ناشط يساري)، حيث يقول هؤلاء المراقبون ان هذا الحزب ليس ظاهرة مؤقتة.

هذا وقد تقدم هذا الحزب بطلب رسمي الى المحكمة العليا يطالب فيه بتأسيس حزب جديد باسم "الفجر القومي". وأرفق الطلب بالنظام الداخلي للحزب الجديد، كما افادت الصحف اليونانية. وقد وقع الطلب المرشح للانتخابات عن "الفجر الذهبي" ميخاليس يانونغوناس. وكان النائب عن الحزب إيلياس كاسيدياريس قد اعلن قبل ذلك في اتينا عن النية لتشكيل الحزب الجديد. وحسب كلماته فإنه تم تأسيس حزب "الفجر القومي" امام خطر احتمال وضع حزب "الفجر الذهبي" خارج القانون. ومن المنتظر ان تصدر المحكمة العليا حكمها حول شرعية الحزب الجديد ونظامه الداخلي. وعن طريق تأسيس حزب جديد يسعى حزب "الفجر الذهبي" لايجاد طريقة للمشاركة في انتخابات البرلمان الاوروبي في شهر ايار، بعد ان اتخذت ضده اجراءات عقابية. ومعلوم ان زعيم الحزب وخمسة من نوابه هم قيد الاعتقال، رهن التحقيق حول ما اذا كان الحزب حزبا اجراميا ام لا، ومع ذلك فهو يبقى الحزب الثالث من حيث الشعبية في اليونان. "سوف نشارك في الانتخابات بهذه الطريقة او تلك"، هذا ما اعلنه كاسيدياريس في حشد لانصار الحزب في اتينا بلغ 3000 شخص، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية لاندلاع النزاع بين اليونان وتركيا حول الجزر غير المأهولة في بحر ايجه، الذي وضع البلدين سنة 1996 على شفير الحرب.

ويقدر الخبراء ان هذا الحزب العنصري الذي يطالب بـ"تطهير" البلاد من اللاجئين سينال نسبة تتراوح بين 9،8 و3،10 بالمائة من الاصوات، اذا جرت الانتخابات الان. كما اعلن كاسيدياريس انه قد يترشح لمنصب محافظ اتينا، في الانتخابات المحلية التي ستجري ايضا خلال شهر ايار.
2014-02-10