ارشيف من :آراء وتحليلات
النظام السعودي: القمع المقنع
منذ تأسست السعودية، وهي تقوم على كبت الحريات وقمع الشعب السعودي. فنظام الحكم الملكي المطبق هو نظام مطلق، لا يسمح بتطبيق المبدأ الأساسي للديمقراطية الذي يقوم على "حكم الشعب بالشعب وللشعب" كما يمنع وجود الأحزاب السياسية ولا يطبق دستورا ونظاما قانونيا واضحا، مع غياب مجلس نواب يحاسب السلطة التنفيذية على تصرفاتها. هذا ما ساعد في الاستمرار بتسلط العائلة الحاكمة.
ويوماً بعد آخر يزداد القمع السعودي، حيث يُمنع انتقاد السلطة وتصرفاتها، كما لا يوجد حرية رأي تعبير وحرية في العبادة والوصول إلى السلطة والمشاركة في إدارة البلاد. وحتى يومنا هذا لا تزال عقوبة الاعدام تطبق في المملكة بطريقة وحشية، ويتم التمييز بين المواطنين بسبب الدين والرأي السياسي.
لقد كان عام 2013 عاماً سيئاً بشكل كبير لحقوق الإنسان في المملكة، شابته عمليات الإعدام وقمع النساء والنشطاء. وقد نفذت المملكة العربية السعودية العشرات من عمليات الإعدام في 2013، وكانت الغالبية العظمى منها عن طريق قطع الرؤوس في أماكن عامة، بما في ذلك الواقعة البشعة لقطع رؤوس خمسة رجال يمنيين بتهمة القتل والسطو المسلح في مايو/أيار 2013 وعرض أجسادهم مقطوعة الرأس على الملأ في بلدة جازان الجنوبية.
وواصلت السلطات التعامل مع النساء على أنهن قاصرات من الناحية القانونية، فمنعتهن من اتخاذ قرارات حياتية مهمة - استكمال التعليم العالي أو الخضوع لبعض الإجراءات الطبية - دون موافقة ولي الأمر، وكذلك منعتهن من قيادة السيارة.
يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 من بين الوثائق الدولية الرئيسية لحقوق الإنسان والتي تم تبينها من قبل الأمم المتحدة ونالت تلك الوثيقة موقعاً هاماً في القانون الدولي وذلك مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من سنة 1966 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من سنة 1966. وتشكل الوثائق الثلاثة معاً ما يسمى "لائحة الحقوق الدولية". وفي 1976 بعد أن تم التصديق على الوثيقتين من قبل عدد كاف من الأمم أخذت لائحة الحقوق الدولية قوة القانون الدولي |
جمعيات حقوقية ووكالات اخبار عالمية تحدثت مراراً وتكراراً عن القمع والوضع الحقوقي في السعودية فضلاً عن الاعتقالات التعسفية، والسجن لفترات طويلة، وقد وافقت الحكومة مؤخرا على قانون صارم لمكافحة الإرهاب يشرعن كل تلك الانتهاكات.
عام 1948 رفضت السعودية التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولم تصادق على "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية “و"العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". ومع أنها وقعت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1997م، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عام 1997م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000م، وأصبحت عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً، إلا أنها ما زالت وفق ما تقدم من شواهد سالفة الذكر، تنتهك حقوق الانسان بشكل فاضح.
ويمكن الاشارة الى بعض مخالفات السعودية للمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان كالتالي:
1: تمنع السعودية حرية الرأي والتعبير مع أنها من المبادئ الأساسية التي لا يتنازع عليها، فهي مكفولة في العديد من المواثيق والإعلانات الدولية وهي من الحريات السياسية المكفولة مع حرية التجمع وتأليف الجمعيات، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في المادة 19 منه على ان "لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين"، وكذلك نجد حرية الرأي والتعبير مكفولة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966.
2: المعارضون السعوديون فضلاً عن أنهم يتعرضون للأذى والاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل، فإنهم يجردون من حقوقهم المدنية، مع أن اتفاقية منع التعذيب الموقعة عليها السعودية، تمنع تعذيب الاشخاص وخاصة المعارضين للحكم. وتقول المادة الأولى منها إن "التعذيب" يعني أي عمل ينتج عنه ألم او عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه..".
3: لقد وقعت السعودية على اتفاقية منع التمييز ضد المرأة، لكنها لا تزال تفرض قيود قاسية جداً عليها وتحرمها من حقوقها، مع أن الاتفاقية تعرف مصطلح "التمييز ضد المرأة" بأنه أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان. وكذلك فإن المادة 2 من الاتفاقية تحض على إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى. وتنص على فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وعلى القضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد.
4: تفرض السعودية عقوبة الاعدام، وهي تقوم بإعدام المعتقلين بشكل دائم، علماً أن البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، يؤكد أنه لا يعدم أي شخص خاضع للولاية القضائية لدولة طرف في هذا البروتوكول، ويحض على وقف عقوبة الاعدام من قبل الدول الاطراف الموقعة عليه.
5: مع أن السعودية وقعت على الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، إلا أنها تميز وبشكل واضح بين أبناء السعودية، وبطريقة مناطقية ومذهبية واضحة، وهذا ما يعرقل الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها، على قدم المساواة، في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي...
6: تؤكد الفقرة الاولى من المادة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي.. ولكن للأسف فإن الوضع في السعودية مختلف تماماً، حيث الاسرة المالكة تحكم السعودية منذ تأسيسها، من دون السماح لعامة الشعب بالمشاركة في الحياة السياسية للبلاد.
وبعد ما تقدم، يمكننا القول، إن هناك تراخيا وتغاضيا في التعامل مع النظام السعودي، حيث لا يتم حتى مطالبته من قبل الأمم المتحدة والدول الكبرى، بتطبيق الديمقراطية وحماية حقوق الانسان. فالحرية لا تتجزأ ولا تخص شعبا دون غيره. علماً أن النظام السعودي يقوم بانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، ونراه يضرب عُرضَ الحائط بكلّ المواثيق الدولية من دون أي رادع. فإلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه في التساهل مع نظام كهذا في تطبيق أدنى معايير حقوق الانسان؟