ارشيف من :آراء وتحليلات

تداعيات فضائح الفساد تحاصر اردوغان


تداعيات فضائح الفساد تحاصر اردوغان

الواضح أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يعمل وفق مقولة، خير وسيلة للدفاع هو الهجوم، وذلك لمواجهة تداعيات فضائح الفساد التي تكشفت في 17 من شهر كانون اول/ ديسمبر الماضي وأظهرت تورط نجل أردوغان وابناء وزراء ومسؤولين كبار من حزب العدالة والتنمية الحاكم في هذه الفضائح التي وصفت بانها الاكبر في تاريخ تركيا.

فبدلا من فتح الطريق أمام القضاء ليأخذ مجراه ويكشف كل التفاصيل المتعلقة بملفات الفساد وهذا ما طالبت به احزاب المعارضة التركية منذ البداية، اختار اردوغان سياسة الهجوم وكيل الاتهامات للقضاة ورجال الامن الذين اشرفوا وشاركوا في عمليات مداهمة منازل المتهمين بقضايا الفساد والرشوة واعتبر ان ما يحدث في تركيا هي مؤامرة خارجية تنفذها ادوات داخلية لقطع الطريق امام تقدم تركيا؟


تداعيات فضائح الفساد تحاصر اردوغان

ولمواجهة هذه، "المؤامرة"، تواصل الحكومة التركية سلسلة الاجراءات التي بدأتها منذ بروز الازمة ضد المؤسستين القضائية والامنية المتهمتان بانهما تعملان ضد الحكومة وفيها نفوذ واسع لجماعة الداعية فتح الله غولن المتهمة بكشف ملفات الفساد واخر هذه الاجراءات هو قرار المجلس الاعلى للقضاة يوم الثلاثاء بنقل وتغيير اماكن عمل 168 قاضيا وتخفيض رتب البعض منهم وتعيين مدعيين عامين جدد في كل من انقرة واسطنبول وازمير وهي المدن التي تكشفت فيها ملفات الفساد.

وجاءت هذه الخطوة استكمالا لخطوات مشابهة، حيث كانت الحكومة التركية قد قامت في الاسابيع الماضية  بتسريح وتغيير اماكن عمل المئات من افراد الامن ورجال القضاء، فضلاً عن إجرائها تغييرات على القانون الذي ينظم عمل ومهام وبنية المجلس الاعلى للقضاء وكذلك على القانون الخاص بشبكة الانترنت وذلك في محاولة منها لتطويق ازمة الفساد والامساك بخيوطها.

تقييد الانترنت لمنع انتشار التسجيلات الصوتية لاردوغان ومساعديه

القانون الجديد للانترنت الذي اقره البرلمان التركى بموافقة نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم فقط اثار ردود فعل غاضبة من قبل احزاب المعارضة وحرك من جديد المتظاهرين الاتراك الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة السبت الماضي في مدينة اسطنبول للاحتجاج على هذا القانون والقيود الجديدة التي فرضتها الحكومة على الانترنت ومواقع التواصل والتي تهدف برأي كثيرين للتحكم ومراقبة الانترنت والحد من انتشار فيديوهات الفساد والمكالمات الهاتفية التي تظهر تورط كبار المسؤولين الاتراك في عمليات الفساد والرشوة.

وكانت الايام الماضية قد شهدت انتشارا واسعا لتسجيلات صوتية سربت الى وسائل الاعلام ومواقع التواصل على شبكة الانترنت الابرز بينها تسجيلات لرئيس الوزراء اردوغان وبعض مستشاريه تظهر حجم الضغوط التى تمارس على وسائل الاعلام وتعليمات لمنع بث اخبار احزاب المعارضة او نتائج استطلاعات الرأي التي لا ترضى اردوغان وحزبه الحاكم.


تداعيات فضائح الفساد تحاصر اردوغان

ومن التسجيلات المثيرة للجدل ايضا تلك التي تمت بين وزير المواصلات السابق _ بن على يلدرم _ مع رجال اعمال اتراك حصلوا على صفقات تجارية ضخمة  يطلب منهم جمع ملايين الدولارات لشراء محطات تلفزيونية تكون فى خدمة اهداف وتوجهات الحزب الحاكم.

ويبدو ان الصراع المتواصل فى تركيا بين حكومة اردوغان من جهة وبين جماعة الداعية فتح الله غولن واحزاب المعارضة من جهة اخرى سيبقى مفتوحا وربما سيشهد مزيدا من التأزيم سواء على صعيد الاجراءات الانتقامية التي تقوم بها حكومة اردوغان او على صعيد نشر المزيد من الفيديوهات والتسجيلات الصوتية التي تثير غضب الحكومة وتضعها في موقف حرج خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المقررة فى الثامن والعشرين من الشهر المقبل والتي ستكون الاختبار الحقيقي  لحزب العدالة والتنمية الحاكم بعد الكشف عن فضائح الفساد.      

 
2014-02-12