ارشيف من :آراء وتحليلات

الاعتدال إرهاباً وعنفاً

 
الاعتدال إرهاباً وعنفاً
يتبنى بعض الدول العربية التي لم يكن لها تاريخ مشرّف في حروب الأمة ووقائعها وأحداثها فكرة الاعتدال كمميز لها عن الدول العربية التي تبنت خيار المقاومة والممانعة في وجه العدو الصهيوني وفي وجه الهيمنة الغربية على المنطقة. هكذا تصبح المملكة الوهابية السعودية ودولة قطر، المتطرفتان جداً في دعمهما للإرهاب التكفيري في سوريا، الذابح للرجال والمغتصب للنساء والمشرد للأطفال والمدمر للمنازل، تصبحان من دول الاعتدال العربي فقط لأنهما أرادتا التستر تحت هذا الشعار، وإن لم يكن في الواقع ما يصدقه.

فالاعتدال إذاً وسيلة لجأ إليها بعض الدول العربية كي يعلن للغرب إذعانه وحياده في المعركة الدائرة في المنطقة بين أنظمة وشعوب تسعى إلى نيل حريتها كاملة غير منقوصة وبين تسلط عسكري وسياسي واقتصادي وحتى ثقافي غربي داعم للعدو الإسرائيلي في عدوانه اليومي على الأمة. مع إدراج ملاحظة هنا تقول إنه ليس في هذا التوصيف للصراع أي تزيين أدبي أو تحريض ثوري أو مبالغة من المبالغات الإعلامية المعتمدة في العقود السابقة.

وانسياقاً مع وصف السعودية وقطر وغيرهما بالاعتدال، يجري إسقاط هذه الصفة على تيارات وحركات سياسية لبنانية ترفض مقاومة حزب الله وحلفائه للعدو الإسرائيلي وترفض مواجهة حزب الله للإرهاب التكفيري القادم إلى لبنان من سوريا. وأكثر من ذلك، فبعد اعتدال السعودية وقطر المزعوم مقابل ممانعة إيران وسوريا، وبعد اعتدال فريق الرابع عشر من آذار المزعوم مقابل مقاومة حزب الله يكمل المنظرون لهذا الاعتدال دائرته بالحديث عن اعتدال سعد الحريري في مقابل تطرف السيد حسن نصر الله.

كل هذا الاعتدال المزعوم تنظير في تنظير. وليس أسهل من التنظير لملء الفضاء الإعلامي والمقالات الصحافية. لكن أين الواقع الحقيقي من هذا التنظير المحلق بعيداً عن أرض الحقيقة؟ كيف يمكن أن يكون تدخل قطر والسعودية بالرجال والسلاح والعتاد في سوريا اعتدالاً؟ وكيف يكون الدعم السعودي للعصابات الإرهابية في لبنان اعتدالاً؟ وكيف يكون تفجيرا السفارة الإيرانية في بيروت وغيرهما من التفجيرات الإرهابية في لبنان اعتدالاً؟ وكيف يكون دعم تيار المستقبل لجماعة أحمد الأسير – قبل قضاء الجيش اللبناني عليها – اعتدالاً؟ وكيف يكون إنشاء تيار المستقبل للعصابات المسلحة في طرابلس وغيرها، ودعم بعضها الآخر اعتدالاً؟ وكيف يكون قتل ضباط وعناصر الجيش اللبناني في صيدا وعبرا وعرسال وغيرها اعتدالاً؟ وإذا كان كل ما ذكرناه اعتدالاً فكيف يا ترى يكون التطرف والإرهاب والإجرام؟؟؟

غداً: حزب الله بين الاعتدال والتطرف.
2014-02-14