ارشيف من :نقاط على الحروف
عندما يخرج الحريري عن ’طوع أبيه’
9 سنوات مضت على اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري. كل شيء تغيّر. فسعد الحريري ما عاد يملك من ارث أبيه إلا اسمه. يخرج في ذكراه السنوية ليعلن أنه و"المستقبليون" سيسيرون على خط المؤسس الأوّل لـ"التيار". دقائق قليلة وينقلب على مقولته، فيهاجم المقاومة وسلاحها الذي تعهد الشهيد بحمايته. هجوم لم يستدع منه هذه المرّة "خلع سترته".
في قاعة البيال خاطب الحريري جمهوره قرابة الـ 43 دقيقة دون أن يشرح لهم موجبات "هجرته" الطويلة عن بلدهم. لف ودار ولم يخرج بشيء جديد غير المعتاد. كلمة "سلاح" تردّدت في خطابه مرّات ستّة، ومرتين "حزب مسلح". 7 مرات قال "متهم" و4 مرات قال "المحكمة". وفي خطابه كله ما عاد لكلمة "اسرائيل" أو مقاومة أي معنى. فهو لم ينطق بهاتين الكلمتين ولا مرة واحدة. أما باقي الكلام فبمجمله محطات نثرية وشعرية!
عندما يخرج الحريري عن طوع أبيه
3 رسائل قصيرة حاول الحريري ابراقها الى جمهوره. شدد عليها وعلى وجوب العمل بها من جهة، ليعود ويطعن بها من جهة أخرى. اعتبر اولاً أن "التيار الأزرق" سيمضي على نهج الرئيس الراحل، و"إن لا فلن يكون". ومن ثم انتقل الى الثابتة الأساس في خطاباته. تهجّمٌ على المقاومة وسلاحها، واتهامٌ لها بالوقوف وراء أزمة لبنان برمّتها.
وإن كان التهجم على سلاح المقاومة "سيمفونية" على الحريري أن يعيد تلحينها في كل إطلالة له، إلا أنه هذه المرة أرفقها بترويجه لفهوم "الاعتدال المستقبلي". واعتبر أن التيار الأزرق في لبنان بات نموذجا والحل الوسط امام كل مفاهيم التطرف.
وفي سياق "بروباغندا الاعتدال" غَفل الحريري الابن عن تبني آلية واضحة وصارمة لمواجهة الإرهاب القادم من بوابة التكفيريين والمتشددين القابعين في أحضان "المستقبل" في طرابلس وعكار وعرسال. كما أن هذا الاعتدال الذي تغنى به الحريري خلال خطابه، خلا من كلام واضح "للنواب الزرق" يدعوهم فيه الى تخفيف تحريضهم على الجيش اللبناني والتهويل بـ "المارد السني" وتهديد باستحضار "داعش والنصرة" الى لبنان للدفاع عن أبناء "اهل السنة والجماعة" أقلّه حتى لا يصبح شعار "اعتدال المستقبل" أضحوكة كما هو عليه اليوم.
ثالث رسائل الحريري كانت محاولته شق صفوف الطائفة الشيعية، ومحاولة فاشلة للعب على وتر أكبر تيارين أساسيين فيها. فأمعن في الخطاب متحدثا عن الحوار والتلاقي وأهمية العمل المشترك و"العودة الى كنف الدولة". سعى لتقليب جزء من الطائفة الشيعية ضد "مشاركة حزب الله في الحرب السورية". يسأل عن الفائدة التي يجنيها لبنان من ذلك. متجاهلاً نائبه عقاب صقر الذي بات موكلاً بالأمة السورية لا باللبنانية التي كان الأولى به أن يخدمها ومتجاهلاً كذلك ما يعده نوابه في الشمال من ميليشيات لإرسالها الى سوريا، ليس آخرها كمين تلكلخ.. وقلعة الحصن خير شاهد على ذلك.