ارشيف من :آراء وتحليلات

لا اعتدال في المعركة مع العدو

 
لا اعتدال في المعركة مع العدو
في الصراع بين الحق والباطل لا يمكن أن تكون معتدلاً. ثمة خياران لا بد لك من أن تنتقي أحدهما: أن تكون مع الحق أو مع الباطل. اللون الرمادي هنا لونٌ يدل على اللا موقف. إما أن تختار الأبيض أو الأسود. أما الاعتدال العربي المزعوم والمتخذ شعاراً في أيامنا هذه فما هو سوى سكوت في مقابل الغرب وإسرائيل، سكوتُ ضِعة وجُبن حيناً وسكوت رضا حيناً آخر. دول الاعتدال العربي أعجز من أن تتخذ شعار الاعتدال وحدها، مع أنه اعتدال يميل إلى جانب الجاني ضد الضحية، إلى جانب الدول المعادية لقضايا الأمة ضد شعوب الأمة المستضعفة في فلسطين وغير فلسطين.

هذا الاعتدال المدان والمشبوه لا يمكن أن يكون مبدأً من مبادئ سوريا أو إيران، وربما لو اعتمدته إيران لكانت تخلصت من أشكال العقوبات الاقتصادية القاسية، ولو اعتمدته سوريا لما كان أصابها ما أصابها من عدوان إرهابي وهابي غربي مشترك. كما أن هذا الاعتدال لو كان حزب الله قد اعتمده لكان حزباً مباركاً من الولايات المتحدة الأميركية ودولها العربية المعتدلة، ولكان الآمر الناهي في لبنان وربما أبعد من لبنان.

لا اعتدال في قاموس حزب الله السياسي والعقائدي حين يتعلق الأمر بقضايا الأمة. ولذلك كانت هذه القضايا شغله الشاغل، حمل همها منذ النشأة وضحى لأجلها بمجاهديه حيث يجب، وما يزال يفعل، من جنوبي لبنان إلى سوريا وإلى أبعد من ذلك.

أما في الشأن الداخلي اللبناني، فيشكل حزب الله نموذجاً يحتذى به في الاعتدال السياسي الذي يمارسه وزراؤه ونوابه وسياسيوه. ومن بين الجماعات والأحزاب والتيارات السياسية الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي يكاد حزب الله ينفرد بكونه الحركة الإسلامية الوحيدة التي لم تلجأ إلى ممارسة العنف الداخلي ضد أية جهة سياسية، أو تصطدم بالجيش الوطني حتى في الحالات التي كان يسقط فيها للحزب شهداء مدنيون أبرياء يمارسون حقهم الشرعي في التظاهر، كما حصل في تظاهرة جسر المطار في ايلول من العام 1993 احتجاجاً على توقيع اتفاق أوسلو (غزة ـ أريحا) بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان العدو.

كما ظهر اعتدال حزب الله السياسي في حالات ومواقف داخلية مصيرية، مال فيها الحزب إلى تغليب الصالح اللبناني العام على الصالح الشخصي للمقاومة.
هذا هو اعتدال حزب الله، حيث يجب الاعتدال، في القضايا اللبنانية الداخلية، وفي مواجهة خصوم سياسيين لبنانيين، أما في مواجهة العدو الخارجي، فلا مجال لاعتدال، لأن هكذا اعتدال ما هو إلا ضعف وتراخٍ ليسا في قاموس حزب الله ومقاومته، ولن يكونا يوماً.
2014-02-17