ارشيف من :آراء وتحليلات

تداعيات القبض على قاتل النائب التونسي محمد البراهمي

تداعيات القبض على قاتل النائب التونسي محمد البراهمي
مثل إيقاف قاتل النائب التونسي محمد البراهمي المدعو أحمد المالكي والمشهور بـ"الصومالي"، نصرا حقيقيا للأمن وأجهزة الإستخبارات في تونس باتفاق أغلب المحللين. فـ"الصومالي" سيكون كنزا ثمينا لهذه الأجهزة لمعرفة الجهات التي تقف خلف عمليات الإغتيال.

فالرأي العام في تونس غير مقتنع بأن تنظيم أنصار الشريعة الذي يعتبر الجناح التونسي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، المسؤول وحده ودون سواه عن عمليات الإغتيال التي شهدتها البلاد. ويصر أغلب الخبراء والمحللين على أن جهات إستخباراتية خارجية مرتبطة بجهات داخلية هي التي تحرك خيوط هذه اللعبة.

تعليمات مسبقة

ويبدو أن وزارة الداخلية قد استفادت من عملية رواد الأخيرة ومن الإنتقادات التي طالتها نتيجة لهذه العملية. فقد تم خلالها قتل المتهم الرئيسي في اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد ما دفع بجانب من الرأي العام الوطني إلى اتهام الأجهزة الأمنية بالتغطية على المحرضين والممولين من خلال استهداف اليد المنفذة وإخماد صوتها.

لذلك رجح العديد من المحللين بأن الأجهزة الأمنية قد تلقت تعليمات مسبقة بجلب "الصومالي" حياً حتى تتجنب النقد الذي طالها نتيجة لقتل كمال القضقاضي. وهو ما تم بالفعل لتعلن الوزارة عن هذا "الصيد الثمين" الذي جاء للتخفيف من حدة الإنتقادات التي طالت وزير الداخلية السيد لطفي بن جدو حين رغب رئيس الحكومة السيد المهدي جمعة بإعادة تكليفه بحقيبة الداخلية التي كان قد شغلها في حكومة علي العريض.

تداعيات القبض على قاتل النائب التونسي محمد البراهمي

فتوى "جهادية"

وبحسب الأنباء المسربة من الأبحاث الأولية التي أجريت مع "الصومالي" فإن فتوى اغتيال الحاج محمد البراهمي قد صدرت من إمام أحد المساجد بمنطقة تسمى أريانة بضواحي العاصمة التونسية. وإذا ثبتت صحة المعلومة فإن وزير الشؤون الدينية السابق نور الدين الخادمي وعلي العريض رئيس الحكومة السابق سيتحملان على الأقل المسؤولية الأخلاقية للاغتيال باعتبارهما سمحا للتيارات التكفيرية باحتلال المساجد ومنابر الخطابة رغم تحذيرات المجتمع المدني والإعلام من هذا الخطر باستمرار.


فمساجد تونس بعد الثورة باتت تُستغل في السياسي ووظفت حركة النهضة عددا منها خلال الإنتخابات السابقة للدعاية ولدفع المواطنين للتصويت للحركة. كما أن تهاون حكومتي النهضة في مراقبة الجماعات الجهادية التكفيرية جعلها تحتل كثيرا من المساجد وتحول بعضها إلى مخازن للسلاح المهرب من ليبيا، ولولا يقظة رجال الأمن وحسن استعدادهم لكانت البلاد عرفت سيطرة لهذه الجماعات على دواليب الدولة ولتمكنت من تأسيس إمارتها على الأراضي التونسية وفقا لتسريبات من الأبحاث التي تمت مع عدد من المقبوض عليهم.

غلق الملف


ويؤكد العارفون بشؤون المنطقة المغاربية أن هذه العمليات الناجحة لقوى الأمن والجيش التونسيين والتي ضربت التنظيمات الإرهابية في مقتل هي إيذان بنهاية مرحلة صعبة وبداية لمرحلة أخرى ستشهد فيها تونس هدوءها المعهود. إذ يبدو أن الإرادة الدولية ذاهبة باتجاه تحقيق الإستقرار في الخضراء يدعمها داخل وجد طريقه إلى التوافق الظرفي.

ويربط هؤلاء الخبراء بين هذه العمليات الأمنية الناجحة وبين عودة الحركتين السياحية والتجارية إلى سالف عهدهما مع قدوم المهدي جمعة، فوكالات الأسفار الدولية أعادت حجوزاتها نحو الوجهة التونسية، وميناء رادس أكبر موانئ البلاد التجارية والواقع على مضيق صقلية طريق السفن العابرة بين مضيق جبل طارق وقناة السويس، استعاد حركته. أما الدينار التونسي فسعر صرفه في صعود مقارنة بالدولار واليورو، والكل متفائل برئيس الحكومة الجديد الذي سيكون مع موعد مع التاريخ إذا أتم مهمته على الوجه الأكمل باعتبار افتقار الساحة السياسية التونسية إلى الزعامات الشابة وهي تنتظر من يملأ هذا الفراغ.
2014-02-18