ارشيف من :ترجمات ودراسات
أديبـان إسـرائيليان يقـرآن خطـاب نتنياهـو
كتب اثنان من كبار الأدباء الإسرائيليين، تعليقين في صحيفتين حول خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في جامعة بار إيلان. ويبدو أنهما، وبرغم كونهما من اليسار، تأثرا بشكل مختلف أيضا بكلمات زعيم الليكود، الذي تحدث عن «الدولة الفلسطينية»، ولو بشروط كبيرة. الأول هو الروائي أ. ب. يهوشع، الذي تماهى مع خطاب نتنياهو عدا النقطة الخاصة باشتراط الاعتراف بيهودية الدولة. والثاني هو ديفيد غروسمان، الذي استشاره نتنياهو، كما أشيع، ويشعر بالإحباط.
وأشار يهوشع في «يديعوت أحرونوت»، إلى أن «البعض آمن منذ زمن طويل بأن حل الدولتين هو الحل الاضطراري للصراع، ولكن هذا الحل كان مرفوضا من الشعبين. فالإسرائيليون يتساءلون عن أحقية الفلسطينيين في دولة، والفلسطينيون يتساءلون عن مدى استحقاق طائفة دينية لدولة. ولكن مع مرور الوقت «بدأ الاعتراف بالحل الأخلاقي، السياسي والعملي للدولتين يتسلل الى الساحات السياسية والأيديولوجية في اسرائيل وفي أوساط الفلسطينيين على حد سواء. صحيح أن الاعتراف اللفظي لم يخلق بعد دولة فلسطينية، والأفعال على الأرض في أحايين قريبة وضعت مصاعب اخرى في وجه تحقق الفكرة.. بعد بيريز، رابين وباراك من حزب العمل، وصلت ايضا البادرات الاولى من الليكود ـ تسيبي ليفني، اولمرت وشارون وها هو الآن يصل من قلب القلعة الإيديولوجية لليمين بنيامين نتنياهو ايضا بحيث أنه يمكن التهنئة: المتأخر أفضل من الا يكون أبدا».
واعتبر يهوشع ان شروط نتنياهو «بعضها محق والآخر لا حاجة له». وأشار إلى أن «نزع سلاح الدولة الفلسطينية الثقيل والمتطور هو شرط ضروري، محق وحيوي. وحتى مصر الكبرى والمستقلة وافقت على نزع سلاح شبه جزيرة سيناء، والقيود على التسلح والتزويد العسكري مفروضة منذ عشرات السنين على دول كبرى ومهمة كاليابان، وألمانيا، والنمسا... كما أن الشرط الذي يرفض توطين اللاجئين الفلسطينيين داخل أراضي دولة اسرائيل هو شرط معقول، منطقي ومحق».
غير أن «الشرط الذي طرحه رئيس الوزراء بشأن الاعتراف الفلسطيني بحق الشعب اليهودي لإقامة دولة، او بوجود قومية يهودية، هو شرط زائد. برأيي من الزائد الذي لا داعي له الطلب من الفلسطينيين الاعتراف بقومية شعب تاريخي ابن آلاف السنين، دولته تقيم علاقات دبلوماسية مع اكثر من 150 دولة. مثل هذا المطلب لم يطرح كشرط للسلام لا مع مصر ولا مع الاردن، وهو يضع عائقاً لا حاجة له».
أما ديفيد غروسمان، فكتب في «هآرتس» أن «معظم الجمهور الإسرائيلي سيحتشد حول ما يتخيل أنه «عرض جريء وسخي، فيما أنه فعلياً مجرد تسوية بين المخاوف وقلة الحلول وادعاء البراءة من جانب الوسط شبه اليميني وبعض اليساريين. غير أن المسافة هائلة بين ذلك وبين متطلبات الواقع، وبينها وبين الحاجات المشروعة والمطالب المحقة للفلسطينيين, المقبولة حالياً في معظم العالم، بما يشمل الولايات المتحدة».
وأضاف غروسمان أنه «بعد دراسة وتحليل كل كلمة في الخطاب، يجدر العودة إلى الوراء خطوة والنظر إلى المشهد، إلى الصورة الكاملة. فالخطاب كشف، إضافة إلى توازناته وحماسته، عجزنا إزاء واقع يستدعي المرونة والجرأة والرؤية. وإذا صرفنا نظرنا جانباً عن الخطيب الخبير بجمهوره، سنرى بأي حماس يتخندق هذا الجمهور داخل مخاوفه، كما سنشعر باللذة التي تبثها فيه نبضات القومجية والعسكرية والتضحية، والتي كانت النبض الحي في الخطاب بأسره».
وخلص غروسمان إلى أنه «عدا القبول بمبدأ الدولتين، والذي انتزع من نتنياهو بضغط شديد وتم الإفصاح عنه بمرارة، لم يتقدم الخطاب فعلياً أي خطوة نحو تغيير حقيقي للوعي. ونتنياهو لم يتحدث إلينا بنزاهة وجرأة ـ كما وعدنا ـ عن الدور التدميري للمستوطنات بوصفها عقبة أمام السلام. ولم يقل لنا ما يعرفه جيدا: أن خريطة المستوطنات تناقض خريطة السلام».
ويذهب غروسمان إلى حد القول «انني نظرت إليه، وإلى معطيات التأييد المذهلة التي نالها بعد الخطاب، وعلمت إلى أي حد نحن بعيدون عن السلام. إنها بعيدة عنا بعد القدرة والموهبة والحكمة لصنع السلام، وكذلك بعد الدافع السوي لإنقاذ أنفسنا من الحرب. رأيت رئيس حكومتي في مشهد حماسة متلذذة، في استعراض متطور للرفض وإغماض العيون. رأيت كيف تفعل فيه الآلية التي تحول محاولة متلعثمة للحديث عن السلام إلى الإقناع بوجود قدر سماوي يأمرنا بإطعام أنفسنا للحراب إلى الأبد. رأيت، وعلمت أنه من كل هذا لن ننال السلام».
ورأى غروسمان في نهاية مقالته أن الفلسطينيين «محتجزون مثلنا في آلية رد الفعل الصدامي، والمتحدي... فضلوا الحديث عن ألف سنة تمضي، قبل أن يوافقوا على شروطه».
محرر الشؤون الاسرائيلية / السفير