ارشيف من :آراء وتحليلات
بوتفليقة.. ومسألة الترشح لرئاسة الجزائر
رغم أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لم يعلن بعد عن ترشحه لخوض غمار الإنتخابات الرئاسية القادمة، إلا أن جميع المؤشرات والدلائل تشير إلى أنه قد حسم أمره وقرر الترشح لولاية رابعة وخلافة نفسه على عرش المرادية. فحزب جبهة التحرير الوطني أكبر أحزاب الجزائر أعلن في وقت سابق أن رئيسه الشرفي بوتفليقة هو مرشحه لرئاسة البلاد، لكن تأخر بوتفليقة عن إعلان ذلك رسميا هو الذي جعل الغموض سائدا حول هذه المسألة خلال المرحلة الماضية.
لكن انطلاق بعض أحزاب الموالاة ومنها حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" الذي يرأسه وزير النقل عمار غول، في حملة مبكرة داعمة لحليفهم "سي عبد القادر المالي" (الإسم الحركي لبوتفليقة أيام الكفاح ضد الإستعمار الفرنسي)، جعل أغلب الخبراء والمحللين يجزمون بأن رئيس الجزائر سيخلف نفسه وبالتالي سيعلن قريبا عن ترشحه للإنتخابات التي ستجرى خلال شهر أبريل/ نيسان القادم. وبالتالي فإن الإعلان ليس سوى مسألة وقت وترتيبات يتم الإعداد لها وللحملة الإنتخابية التي سيتم خلالها تسويق إنجازات وزير خارجية بومدين الأسبق خلال السنوات التي قضاها رئيسا للبلاد.
تخفيف من الضغوط
ويرى البعض بأن السبب الرئيسي لتأخر إعلان بوتفليقة عن ترشحه لرئاسة الجزائر هو التخفيف من الضغوط والحملات التي تشن عليه وتنتقد رغبته في المواصلة على عرش المرادية. وتأتي القوى الإسلامية في طليعة المنتقدين للرئيس بوتفليقة فجميعها بما في ذلك الأحزاب التي انخرطت في منظومة الحكم في وقت سابق، على غرار حركة مجتمع السلم "حمس" تعارض فرضية مواصلة بوتفليقة لرئاسة البلاد وتدعوه إلى التنحي وفسح المجال لمن هو أصغر سنا.
كما يفسر البعض هذا التأخير في الإعلان عن الترشح من قبل الرئيس الجزائري بالحالة الصحية لبوتفليقة التي شهدت تدهورا خلال الفترة الماضية ما جعل إشاعة مفادها أن عبد المالك سلال رئيس الحكومة سيكون هو مرشح حزب جبهة التحرير الوطني عوضا عن بوتفليقة، يتم تداولها من قبل كثير من وسائل الإعلام الوطنية والدولية. ويبدو من خلال ما يتم تسريبه ومن نشاط الرئيس وصوره الأخيرة أن بوتفليقة بات بحالة جيدة وهو قادر صحيا على خوض غمار الإنتخابات الرئاسية.
دعم مستمر
ولعل ما يؤكد أن بوتفليقة سيترشح لولاية رابعة (أو عهدة رابعة بحسب التعبير الجزائري) هو مواصلة القوى التي أعربت في وقت سابق عن مساندتها لهذا الترشيح لدعمها، ومن ذلك إتحاد عمال الجزائر (المركزية النقابية) وفاعلين في المؤسسة العسكرية ذات النفوذ الواسع، إضافة إلى شخصيات وطنية تحظى بالإحترام على غرار عبد القادر بن صالح رئيس الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري. فهذه القوى والشخصيات لم تتراجع رغم أن موعد الإستحقاق الإنتخابي قد اقترب، ولو كان الرئيس غير راغب في المواصلة لكانت ذهبت إلى وجهة أخرى وهي القريبة من الدوائر المحيطة بالرئيس والقادرة على الإتيان بالخبر اليقين.
كما أن جانبا لا بأس به من الشعب الجزائري يعرب عن مساندته لإعادة ترشيح بوتفليقة، فيما يرفض آخرون هذا الترشيح. لكن في كل الأحوال فإن حظوظ الرئيس الجزائري وافرة لكي يخلف نفسه خاصة وأن منافسيه ليسوا من ذوي الأوزان الثقيلة القادرين على الإطاحة به. ولعل الإستثناء الوحيد هو علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق الذي أعلن رسميا عن ترشحه وانطلق مبكرا في حملته. ففي رصيد هذا الرجل نضال في حزب جبهة التحرير الوطني التي استقال منها بداية الألفية الثانية وهو أمينها العام الأسبق احتجاجا على نتائج انتخابات أجريت في الجزائر ورآها غير شفافة. كما في رصيده مناصب عدة أهمها رئاسة الحكومة وهو صاحب كاريزما ولا يقل شأنا عن بوتفليقة.