ارشيف من :آراء وتحليلات
أزمة جديدة تلوح في الافق بين واشنطن وكراكاس
لم تعد منطقة العالم العربي فقط التي تحصل فيها أحداث أمنية، وليست الدول العربية وحدها التي تشهد تجاذبات وخلافات بين السلطات والمواطنين. فهناك أزمات متنقلة في غير منطقة من العالم، نشهد فصولها في الكثير من الدول الأجنبية. ومن هذه الأزمات ما يحصل في فنزويلا المعروفة بمعاداتها للتسلط والاستعلاء الأميركي في التعاطي مع الدول. والسؤال دائماً يطرح حول التدخل الأميركي في هذه الاحداث، حيث تظهر في كل مرة أياد أميركية وراء زعزعة استقرار الدول المعادية لها.
تعتبر فنزويلا من البلدان الأكثر غنى بالثروات الطبيعية في اميركا اللاتينية. ومنذ اكتشاف النفط في أوائل القرن العشرين، كانت فنزويلا واحدة من أكبر المصدرين في مجال النفط ولديها بعض من أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في العالم، كما تعتبر من بين أكبر عشر دول منتجة للنفط الخام. هذه المصادر التي تتمتع بها فنزويلا تفتح شهية الإدارة الاميركية لقلب الحكم في الدولة التي ترفض الخضوع لها.
لقد توترت العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة الأميركية، بعد عام 2002، وما زالت كون حكومة الرئيس مادورو الذي خلف الراحل هوغو شافيز ترفض السياسة الاميركية، التي لا تتعامل من الند إلى الند، بل دائماً ما تسعى الى دعم مخططات ضد الدولة الفنزويلية، عبر دعم المعارضة لإزاحة الحكومة الحالية والوصول إلى السلطة. وقد حصلت مظاهرات عنيفة في الاسبوع المنصرم اوقعت ثلاثة قتلى وأكثر من ستين جريحا في العاصمة كراكاس. ووصفت الحكومة هذه الاحداث بأنها محاولة انقلاب متهمة الولايات المتحدة والمعارضة المتطرفة بنشر الفوضى في فنزويلا.
أزمة جديدة تلوح في الافق بين واشنطن وكراكاس
وندد مادورو بضلوع واشنطن في الأزمة واتهمها بالتدخل في شؤون فنزويلا، وامر بطرد ثلاثة دبلوماسيين اميركيين اتهمهم بلقاء طلاب من المتظاهرين المعارضين. وهنا لا بد من التطرق إلى الخرق الدبلوماسي الأميركي للاتفاقيات والأعراف والتعامل الدبلوماسي الدولي.
فالدخول الدبلوماسي الاميركي على خط المعارضة الفنزويلية، وحضها على التظاهر ومعارضة السلطات ونشر الفوضى، والتدخل في شؤون فنزويلا الداخلية، يعتبر انتهاكاً للعلاقات الدبلوماسية وخرقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة في العام 1961، وفي ذلك أبعاد سلبية كبيرة في العلاقات بين الدول، قد تؤثر على أسس العلاقات، وقد تأخذ الأمور إلى منحى أكثر تأزماً.
ويعتبر هذا التدخل من قبل الدبلوماسيين الاميركيين، في شؤون كراكاس، خرقاً فاضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، لأن المادة 41 منها تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقبلة.
وبعد أن أعلن الرئيس مادورو عن تخطيط هؤلاء لتظاهرات ضد الدولة، فيحق لفنزويلا طردهم، حيث ان المادة 8 من الاتفاقية تنص على أن "للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصاً غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين ) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة". وذلك لأن مهمة البعثة هي تحسين وتنمية العلاقات بين الدولتين وليس التدخل في شؤون الدولة المستقبلة.
ما تقدم، تؤكده المادة 23 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية 1963 باعلانها أنه "يجوز للدولة الموفد إِليهاـ في أي وقت ـ أن تبلّغ الدولة الموفدة أن عضواً قنصلياً أصبح شخصاً غير مرغوب فيه (person Non Grata) وأن أي عضو آخر من الطاقم القنصلي ليس مقبولاً (N,est Pas acceptable) وعلى الدولة حينئذ أن تستدعي الشخص المعني أو أن تنهي أعماله لدى هذه البعثة القنصلية حسب الحالة". وعندها ينتهي عمل هذا الموظف إذا كان تابعاً للقنصلية وذلك وفق ما تنص عليه المادة 25 من الاتفاقية عينها التي تشير الى ان سحب الاجازة القنصلية يعني انتهاء عمل هذا الموظف. فالموظف القنصلي مهمته العمل على تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها وكذا توثيق علاقات الصداقة بينهما بأي شكل وفقاً لنصوص هذه الاتفاقية، لا التآمر على الدولة الموفد إليها.
وما قامت به أميركا، يعتبر خرقاً للقانون الدولي، وهو تدخل في شؤون فنزويلا، لأن القانون الدولي يحرم هكذا تدخلات، فقد نص القرار 2131 كانون الأول 1965 على "إعلان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية استقلالها وسيادتها". ونشير إلى اتفاقيات هلسنكي التي أكدت في سلة موادها الأولى على مبدأ عدم التدخل. وهذا ما اكده ميثاق الأمم المتحدة ايضاً. فما يحصل في فنزويلا هو شأن داخلي يحل عبر الحوار بين الحكومة والمعارضة وهذا ما أكده الرئيس مادورو الذي دعا للحوار مع معارضيه. وبالتالي لا يحق للدبلوماسيين تأجيج التوتر في البلاد بدلاً من السعي الى توفيق وجهات النظر وحل الخلافات. وقد تعدى هؤلاء وظائفهم التي نصت عليها الاتفاقية الدبلوماسية في المادة 3 منها، وهي تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها، التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها...
لقد عرف وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر الدبلوماسية بأنها "تكييف الاختلافات من خلال المفاوضات" لكن الدبلوماسية الأميركية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي على اقل تقدير لم تلتزم بالعمل الدبلوماسي الرصين. وهي تؤكد يوماً بعد اخر، أنها دبلوماسية استعلائية لا تعير القوانين الدولية ولا الأنظمة الدبلوماسية أية أهمية، إلا من خلال الخطابات والتصريحات الرنانة، وكأنها لم تحسب أن هذه الأزمة مع كراكاس قد تنذر بإشعال حرب في القارة الاميركية، أو قد تؤدي إلى فتنة بين السلطات والمتظاهرين في فنزويلا.
تعتبر فنزويلا من البلدان الأكثر غنى بالثروات الطبيعية في اميركا اللاتينية. ومنذ اكتشاف النفط في أوائل القرن العشرين، كانت فنزويلا واحدة من أكبر المصدرين في مجال النفط ولديها بعض من أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في العالم، كما تعتبر من بين أكبر عشر دول منتجة للنفط الخام. هذه المصادر التي تتمتع بها فنزويلا تفتح شهية الإدارة الاميركية لقلب الحكم في الدولة التي ترفض الخضوع لها.
لقد توترت العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة الأميركية، بعد عام 2002، وما زالت كون حكومة الرئيس مادورو الذي خلف الراحل هوغو شافيز ترفض السياسة الاميركية، التي لا تتعامل من الند إلى الند، بل دائماً ما تسعى الى دعم مخططات ضد الدولة الفنزويلية، عبر دعم المعارضة لإزاحة الحكومة الحالية والوصول إلى السلطة. وقد حصلت مظاهرات عنيفة في الاسبوع المنصرم اوقعت ثلاثة قتلى وأكثر من ستين جريحا في العاصمة كراكاس. ووصفت الحكومة هذه الاحداث بأنها محاولة انقلاب متهمة الولايات المتحدة والمعارضة المتطرفة بنشر الفوضى في فنزويلا.
أزمة جديدة تلوح في الافق بين واشنطن وكراكاس
وندد مادورو بضلوع واشنطن في الأزمة واتهمها بالتدخل في شؤون فنزويلا، وامر بطرد ثلاثة دبلوماسيين اميركيين اتهمهم بلقاء طلاب من المتظاهرين المعارضين. وهنا لا بد من التطرق إلى الخرق الدبلوماسي الأميركي للاتفاقيات والأعراف والتعامل الدبلوماسي الدولي.
فالدخول الدبلوماسي الاميركي على خط المعارضة الفنزويلية، وحضها على التظاهر ومعارضة السلطات ونشر الفوضى، والتدخل في شؤون فنزويلا الداخلية، يعتبر انتهاكاً للعلاقات الدبلوماسية وخرقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة في العام 1961، وفي ذلك أبعاد سلبية كبيرة في العلاقات بين الدول، قد تؤثر على أسس العلاقات، وقد تأخذ الأمور إلى منحى أكثر تأزماً.
ويعتبر هذا التدخل من قبل الدبلوماسيين الاميركيين، في شؤون كراكاس، خرقاً فاضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، لأن المادة 41 منها تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقبلة.
وبعد أن أعلن الرئيس مادورو عن تخطيط هؤلاء لتظاهرات ضد الدولة، فيحق لفنزويلا طردهم، حيث ان المادة 8 من الاتفاقية تنص على أن "للدولة المعتمد لديها في أي وقت وبدون ذكر الأسباب أن تبلغ الدولة المعتمدة أن رئيس أو أي عضو من طاقم بعثتها الدبلوماسي أصبح شخصاً غير مقبول أو أن أي عضو من طاقم بعثتها (من غير الدبلوماسيين ) أصبح غير مرغوب فيه، وعلى الدولة المعتمدة أن تستدعي الشخص المعني أو تنهي أعماله لدى البعثة". وذلك لأن مهمة البعثة هي تحسين وتنمية العلاقات بين الدولتين وليس التدخل في شؤون الدولة المستقبلة.
ما تقدم، تؤكده المادة 23 من اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية 1963 باعلانها أنه "يجوز للدولة الموفد إِليهاـ في أي وقت ـ أن تبلّغ الدولة الموفدة أن عضواً قنصلياً أصبح شخصاً غير مرغوب فيه (person Non Grata) وأن أي عضو آخر من الطاقم القنصلي ليس مقبولاً (N,est Pas acceptable) وعلى الدولة حينئذ أن تستدعي الشخص المعني أو أن تنهي أعماله لدى هذه البعثة القنصلية حسب الحالة". وعندها ينتهي عمل هذا الموظف إذا كان تابعاً للقنصلية وذلك وفق ما تنص عليه المادة 25 من الاتفاقية عينها التي تشير الى ان سحب الاجازة القنصلية يعني انتهاء عمل هذا الموظف. فالموظف القنصلي مهمته العمل على تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة الموفدة والدولة الموفد إليها وكذا توثيق علاقات الصداقة بينهما بأي شكل وفقاً لنصوص هذه الاتفاقية، لا التآمر على الدولة الموفد إليها.
وما قامت به أميركا، يعتبر خرقاً للقانون الدولي، وهو تدخل في شؤون فنزويلا، لأن القانون الدولي يحرم هكذا تدخلات، فقد نص القرار 2131 كانون الأول 1965 على "إعلان عدم جواز التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحماية استقلالها وسيادتها". ونشير إلى اتفاقيات هلسنكي التي أكدت في سلة موادها الأولى على مبدأ عدم التدخل. وهذا ما اكده ميثاق الأمم المتحدة ايضاً. فما يحصل في فنزويلا هو شأن داخلي يحل عبر الحوار بين الحكومة والمعارضة وهذا ما أكده الرئيس مادورو الذي دعا للحوار مع معارضيه. وبالتالي لا يحق للدبلوماسيين تأجيج التوتر في البلاد بدلاً من السعي الى توفيق وجهات النظر وحل الخلافات. وقد تعدى هؤلاء وظائفهم التي نصت عليها الاتفاقية الدبلوماسية في المادة 3 منها، وهي تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها، التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها...
لقد عرف وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر الدبلوماسية بأنها "تكييف الاختلافات من خلال المفاوضات" لكن الدبلوماسية الأميركية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي على اقل تقدير لم تلتزم بالعمل الدبلوماسي الرصين. وهي تؤكد يوماً بعد اخر، أنها دبلوماسية استعلائية لا تعير القوانين الدولية ولا الأنظمة الدبلوماسية أية أهمية، إلا من خلال الخطابات والتصريحات الرنانة، وكأنها لم تحسب أن هذه الأزمة مع كراكاس قد تنذر بإشعال حرب في القارة الاميركية، أو قد تؤدي إلى فتنة بين السلطات والمتظاهرين في فنزويلا.