ارشيف من :آراء وتحليلات

المهدي جمعة هل هو ’سيسي تونس’

المهدي جمعة هل هو ’سيسي تونس’
حين أطاح الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بسلفه الزعيم الحبيب بورقيبة بانقلاب طبي هادئ على الطريقة التونسية سُمي "تغييرا مباركا"، أشاد بن علي ببورقيبة وبخصاله ونضالاته ودوره الفعال في نيل الإستقلال عن فرنسا وفي عملية بناء الدولة الحديثة في خطابه الأول الذي عرف باسم بيان السابع من نوفمبر. كما أن إلغاء بورقيبة للنظام الملكي وإعلانه الجمهورية لم يمنعه من التصريح بأن العائلة الملكية المطاح بها كان فيها الوطنيون والشرفاء.

ففي تونس تنقلب الأمور رأسا على عقب بهدوء، وتخرج البلاد من محنها باستمرار بأخف الأضرار. فقد غادر الإسلاميون الحكم في مصر بعد أن سالت أنهار من الدماء أما في تونس فقد أجبروا على الجلوس الى طاولة التفاوض وسلموا مقاليد الحكم طواعية لمستقلين من التكنوقراط عهدت إليهم مهمة مراجعة التعيينات التي قامت بها حركة النهضة في الإدارة وفي مناصب الدولة العليا. وهو ما جعل كثيرا من المحللين يعتبرون أن ما حصل في الخضراء هو انقلاب، أو تكرار لما حصل في مصر لكن على الطريقة التونسية، أي تجنب إراقة الدماء مع الإشادة بالسلف، حيث لا يذكر رئيس الحكومة الجديد سلفه النهضوي إلا بالخير.

المستشارون أولا

لقد أغرق رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة كما خلفه علي العريض رئاسة الحكومة بعدد كبير من المستشارين والمكلفين بمهام سواء من المنتمين لحركة النهضة أو من المتعاطفين معها أو المقربين منها. وقد تمكن هؤلاء طيلة الفترة الماضية من الهيمنة على قصر القصبة (مقر رئاسة الحكومة) وخشيت المعارضة من تغلغلهم في أجهزة الدولة وهو ما جعل الرباعي الذي رعى الحوار الوطني يتقدمه الإتحاد العام التونسي للشغل يطالب بمراجعة التعيينات التي تمت لهؤلاء.

المهدي جمعة هل هو ’سيسي تونس’

ولم ينتظر رئيس الحكومة الجديد طويلا إذ بدأ في تصفية تركة حركة النهضة وأقال ثلاثة عشر مستشارا من مهامهم في انتظار البت في ملفات تعيينات الباقين. كما شكل المهدي جمعة لجنة عهدت لها مهمة إعادة النظر في تعيينات الولاة (المحافظين) التي تمت خلال حكم حركة النهضة للبلاد. وبحسب ما تم تسريبه فإن كلاً من والي القيروان وسوسة والمنستير وسيدي بوزيد والقصرين وصفاقس سيشملهم التغيير بصورة مؤكدة في انتظار الباقين ممن تم تعيينهم على أساس الولاء لا الكفاءة.

السياحة والخارجية والإعلام

وبدورها فقد أقدمت آمال كربول وزيرة السياحة الجديدة على إقالة مدير ديوان السياحة المحسوب على الترويكا التي كانت تشكل مع النهضة الإئتلاف الحكومي السابق. ويعتبر هذا المنصب في غاية من الأهمية في بلد يعتبر السياحة مصدرا مهما من مصادر دخله ويعتمد على ما تجلبه من عملة صعبة لتغطية العجز في الميزان التجاري للخضراء. وسيأتي الدور قريبا على السلك الديبلوماسي حيث من المتوقع أن يتم قريبا الإعلان عن تسمية سفراء جدد وإنهاء مهام آخرين.

كما ستطال قطاع الإعلام العمومي أيضا تغييرات باتجاه التخلص من تركة حركة النهضة التي اتهمت بالسعي إلى الهيمنة على الإعلام خصوصا ذلك التابع للدولة والممول من دافعي الضرائب. لذلك، وأمام هذه التحولات في المشهد التونسي، فإن البعض تحدث عن انقلاب أبيض على الطريقة التونسية استهدف حركة النهضة، فيما ذهب البعض الآخر إلى اعتبار رئيس الحكومة الجديد المهدي جمعة هو "سيسي تونس" الذي انقلب على الحركة الإسلامية، لكن على طريقته وطريقة أبناء وطنه. ومهما يكن من أمر فإن حركة النهضة بصدد خسارة مواقع مهمة في المشهد السياسي التونسي ولم تعد بالقوة التي كانت عليها منذ أكثر سنتين أي منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011.
2014-02-25