ارشيف من :آراء وتحليلات

المعلم يواجه دعوى قضائية سياسية ساقطة

المعلم يواجه دعوى قضائية سياسية ساقطة
رفع عدد من المحامين اللبنانيين دعوى قضائية أمام القضاء اللبناني لتوقيف وزير الخارجية السوري وليد المعلم، بجرم المشاركة "بقتل لبنانيين، في بلدة عرسال وقرى لبنانية حدودية أخرى مع سوريا". وانبرى بعضهم لتحليل دعواه والدفاع عنها، فوقع في مغالطات قانونية فادحة، حيث ادعى أن " الحصانة تسقط عن الوزير المعلم باعتباره مجرماً دولياً"، مبرراً ادعاءاته المغلوطة بأن "لا حصانة في الجرائم الدولية، خصوصاً أن الجامعة العربية لا تعترف بالنظام السوري كنظام دولة في سوريا".

يظهر أن من سارع لهذا الاتهام وهذا التحليل القانوني، يتكلم من خلفية سياسية لا قانونية، وكأنه لم يقرأ يوماً ميثاق الجامعة العربية ليعرف أن قرار الجامعة العربية كان مخالفاً لميثاقها وشرعتها، ولم يدرك حتى الان أن مفاعيل قرارات الجامعة العربية كانت ساقطة لأن هذا القرار ناتج عن مبعث سياسي وليس عن وجهة قانونية. كما أنه بدا غافلاً عن كيفية الاعتراف بالدول والحكومات، وأغفل العديد من القوانين الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تؤكد حصانة الوزير السوري.

المعلم يواجه دعوى قضائية سياسية ساقطة
المعلم يواجه دعوى قضائية سياسية ساقطة

إن الحكومة السورية حتى الان لا تزال هي حكومة الدولة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وهذا يعتبر الاساس في منح الاعتراف للدولة السورية، وكذلك من قبل العديد من المنظمات الاقليمية والدولية كما ان الحكومة السورية هي صاحبة السلطة والسيادة، ولا يزال الاعتراف الدولي بها قائماً، وهذا يظهر من خلال التعامل الدولي بينها وبين غيرها من الدول والمنظمات، فهي التي تحكم في سوريا باسم الشعب والوطن والسلطة ذات السيادة، وإن كانت بعض الدول قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية معها، الا انها لم تسحب اعترافها من الحكومة السورية وحتى الولايات المتحدة الاميركية لا زالت تتفاوض على هذا الاساس، وقد أكد مؤتمر جنيف 2 على شرعية الحكومة السورية، حيث كانت تتفاوض معها الدول الكبرى، وليس هناك أي شيء يدلل على أن للمعارضة سلطة في سوريا.

لقد ادعى الطرف الذي رفع الدعوى ضد الوزير المعلم، أن المحكمة الجنائية الدولية تجرم الاشخاص المسؤولين عن الجرائم، ولكن هؤلاء أغفلوا أن المحكمة الجنائية الدولية لا تلاحق المعلم، وليس لديها دعاوى ضده بانه مجرم حرب وهنا وقعوا في المغالطة الكبرى، فالمادة المــادة "13" للمحكمة تقول إنها تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 5 وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي، في حال رفعت من قبل دولة طرف أو أحيلت من قبل مجلس الامن إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم، وهذا لم يحصل في سوريا، وإن كان ما يدعيه هؤلاء صحيحاً لكان تم القبض على المعلم في جنيف.

وما يؤكد مخالفات هؤلاء ودعواهم اللاقانونية، أن محكمة العدل الدولية تؤكد على الحصانة التي يتمتع بها الدبلوماسيون، وهناك حكم صادر عن المحكمة فى قضية وزير خارجية الكونغو الديمقراطية السابق عبدالله ييروديا الذي أصدر حاكم التحقيق البلجيكي داميان فان ديرميرش في ابريل من عام 2000 امرا دوليا باعتقاله، ومن ثم قامت الحكومة الكونغولية آنذاك برفع شكوى الى محكمة العدل الدولية في لاهاي للطعن في اصدار الامر الدولي البلجيكي باعتقال وزير خارجيتها، وقد ايدت محكمة لاهاي الموقف الكونغولي لتطالب بلجيكا بإسقاط الامر الدولي باعتقال وزير الخارجية الكونغولي السابق ييروديا " بسبب تمتعه بالحصانة الدبلوماسية خلال اصدار ذلك الامر الدولي باعتقاله".

دون أدنى شك فإن الوزير المعلم يتمتع بحصانة دبلوماسية لم تسقط عنه، أضف إلى ذلك أن الدولة اللبنانية تتعامل مع الحكومة السورية على أنها الممثل الشرعي للشعب السوري، وهناك علاقات دبلوماسية وتبادل للسفراء بين لبنان وسوريا، وبالتالي فإن الوزير المعلم هو وزير خارجية سوريا الممثل للشعب السوري من منظور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبالتالي وبما أن الدولة اللبنانية تتعامل مع الجانب السوري على اساس انه صاحب السلطة السيدة، فإن عليها احترام قانون التعامل الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961، ولا يمكن للقانون اللبناني المحلي أن يخالف القانون الدولي.

وبالإضافة الى ما تقدم، فإن وليد المعلم بمعزل عن صفته السياسية ـ القانونية، هو مريض أتى الى لبنان للمعالجة بصفته إنسانا لديه مشكلة صحية، وبالتالي على الدولة اللبنانية حماية هذا الشخص بمعزل عن كونه وزير خارجية سوريا، وإلا فإذا قال من رفع الدعوى بعدم حصانة المعلم، فإنه يعود ايضاً للدولة اللبنانية أن تلقي القبض على المسلحين الجرحى الذين يدخلون لبنان عبر سوريا، كما بإمكانها القاء القبض على مسؤولي المعارضة المسؤولين عن جرائم كثيرة تحصل بحق الشعب السوري علماً أن ليس لديهم أية حصانة.

إن الدعوى ضد الوزير المعلم دعوى ساقطة، لأنها غير قانونية وتمس بالحصانة الدبلوماسية التي يتمتع بها الوزير المعلم، وفق القوانين الدولية، وبالتالي هي دعوى لا يمكن الاخذ بها، كما إن الحديث عن تطبيقها هو أمر محال، يريد البعض عبرها توتير العلاقات بين لبنان وسوريا.
2014-03-18