ارشيف من :آراء وتحليلات
توقعات في تونس بفشل الجولة الخليجية لجمعة
تؤكد العديد من المصادر في تونس أن حركة النهضة ضغطت باتجاه أن تتضمن جولة رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة لدول الخليج دولة قطر التي لم يكن يتضمنها برنامج الزيارات في البداية. وبالفعل وبعد اعتذار سلطنة عمان عن استقبال جمعة لأسباب مجهولة تمت برمجة زيارة لقطر في اللحظات الأخيرة، وهو ما جعل كثيرا من الخبراء والمحللين يستاؤون من سير جمعة بخلاف التيار السائد في المنطقة من خلال استجابته لضغوط حركة النهضة.
ويربط هؤلاء المراقبون بين إضافة قطر في برنامج الجولة وبين الإستقبال الفاتر للمهدي جمعة في السعودية. فقد تم استقبال رئيس الوزراء التونسي من قبل وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وهو ما رأى فيه البعض "احتقارا" لتونس، حيث اعتاد ملوك الرياض استقبال رؤساء الخضراء ووزراءها الأول شخصيا، فقد سبق على سبيل المثال للملكين فهد وعبد الله بن عبد العزيز أن تحولا من الرياض إلى مكة، كلٌ خلال فترة تربعه على عرش المملكة، لملاقاة الرئيس المطاح به زين العابدين بن علي حين كان يؤدي مناسك العمرة والحج. ناهيك عن الملك عبد العزيز آل سعود الذي استقبل شخصيا الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة حين كان الأخير مجرد قائد لحركة تحرر من الإستعمار الفرنسي.
تفعيل المشاريع
بالمقابل فإن جمعة حظي بالترحيب في الإمارات العربية المتحدة حيث كان الهدف الرئيسي من زيارته إلى "أبو ظبي" و"دبي" هو حث الإماراتيين على تنفيذ المشاريع التي كان من المزمع أن يشرعوا في إنجازها في تونس لكنها توقفت بفعل الظروف الإستثنائية التي عاشتها البلاد. ويبدو أن جمعة نال وعودا في هذا الإطار خصوصا من أمير دبي محمد بن راشد آل مكتوم، لكنها وعود مقرونة على ما يبدو بتحسن الأوضاع الأمنية.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعة اصطحب معه في هذه الجولة الخليجية عددا من رجال الأعمال التونسيين الباحثين عن أسواق جديدة لترويج بضائعهم وللاستثمار، مقدما انطباعا مفاده أن تونس لم تأت للتسول من أشقائها الخليجيين وإنما جاءت لتستفيد وتفيد ولديها بدورها ما تقدمه لهذه البلدان. لكن عودة رئيسة منظمة الأعراف (الإتحاد التونسي للصناعة والتجارة) وداد بوشماوي، التي كانت تصطحب جمعة في جولته، إلى تونس قبل أن يتم رئيس الحكومة مهمته جعلت البعض يتنبأ بحصول خلافات بين الوفد الحكومي ووفد رجال الأعمال.
إحياء العلاقات
كانت الكويت باستمرار، وقبل الغزو العراقي لهذه الإمارة الخليجية، أهم مستثمر خليجي على الإطلاق في تونس، وكانت العلاقات التونسية ـ الكويتية مضرب الأمثال في العلاقات العربية ـ العربية. لكن الموقف الذي اتخذته تونس من الغزو العراقي (رفض حضور القمة العربية التي كان من المفروض أن تدين غزو العراق للكويت) وتصنيف تونس مع الجزائر وليبيا والسودان واليمن ومنظمة التحرير الفلسطينية ضمن الدول الداعمة للغزو العراقي جعل العلاقات التونسية ـ الكويتية تسوء وتفتر، ولم تفلح الجهود التي بذلها الرئيس المطاح به زين العابدين بن علي في إرجاع المياه إلى مجاريها بين البلدين.
لذلك فإن الهدف من زيارة جمعة للكويت هو محاولة استرجاع العلاقات بين البلدين إلى سالف عهدها للاستفادة مجددا من هذه الدولة التي كانت سخية مع التونسيين في وقت ما ومنحت دون حساب واستثمرت في الخضراء التي احتضنت منظمة التحرير الفلسطينية بعد مغادرتها لبيروت ومقر جامعة الدول العربية مؤقتا بعد توقيع السادات على اتفاقية كامب دايفيد. ولا ينتظر الكثير من التونسيين الشيء الكثير من قطر حيث سبق وأن وعدت لكنها لم تنفذ بحسب البعض سوى القليل، وتتهم بأنها من قدم الدعم المالي لحركة النهضة لمساعدتها على النجاح في الإنتخابات الماضية على حساب بقية فرقاء السياسة التونسية.