ارشيف من :آراء وتحليلات

وداعاً ’ 14 آذار’

وداعاً ’ 14 آذار’

مجرد انعقاد احتفال قوى 14 آذار في مجمع البيال بذكرى انطلاقتھا قبل تسع سنوات مھم في حد ذاته بغض النظر عن مضمونه وحشده ... فھذا الاحتفال اراد منه اصحابه ان يكون مجرد تأكيد شكلي على أن 14 آذار ما زالت على قيد الحياة رغم النزاع الذي ينتابها ھذه ألايام، و ھي تمر في وضع صعب يهدد استمرارها على الشكل الذي عرفته منذ قيامھا مع تكرار حوادث الاصطدام داخلھا واتساع نطاق التباينات حول أساليب ووسائل عملها .


كثيرون داخل 14 آذار يقرون بواقع أن ھناك مشكلة تستدعي مراجعة شاملة وجذرية على المستويين التنظيمي والسياسي لاستعادة حركة 14 آذار ما فقدته من دينامية وجھوزية. وھذه المراجعة تبدأ بإعادة ھيكلة مؤسساتية وتنتھي بإعادة صياغة المشروع السياسي وتكييفه مع المستجدات والتحولات الكثيرة التي حدثت في السنوات الاخيرة .

تعاني 14 آذار من مشاكل خرجت الى العلن بعدة أشكال وفي عدة مناسبات وتمثلت في انحسار القدرات الشعبية وتحديدا القدرة على تحريك الشارع وتعبئته، وفي اھتزاز الصدقية السياسية نتيجة أخطاء في التقدير أو تقلبات حادة برفع السقوف السياسية وخفضھا، أو تنازلات غير مبررة تسببت في حالات إحباط وخيبة لدى جمھورھا، كما تتمثل أيضا في تراجع الثقة بنفسھا وقدرتھا على تغيير الوضع...
وعلى المستوى السياسي ظھرت ھذه الازمة بشكل واضح في استحقاقين خلال هذا العام : قانون الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة سلام حيث برزت بشكل فاضح التناقضات بين مكوناتها .

المشاكل التي تعصف داخل 14 آذار يمكن إدراجھا تحت العناوين الرئيسية التالية :
- ھاجس تكرار 7 ايار 2008 ورجحان ميزان القوى السياسي لمصلحة 8 آذار.
-عجز 14 آذار ترجمة انتصارھا الانتخابي في العام 2009 سياسيا وعمليا في حكومة بشروطھا.
-خروج وليد جنبلاط من 14 آذار بعدما كان القطب الاساسي فيھا .
-خروج المستقبل و 14 آذار من الحكم مطلع العام 2011، وھذا ما حدث للمرة الاولى منذ قيامھا عام
2005 .
-الوجود الطويل للرئيس سعد الحريري في الخارج .
-الفجوة في العلاقة بين تيار المستقبل والاحزاب المسيحية في 14 آذار ...

وداعاً ’ 14 آذار’

الى جانب التباينات التنظيمية برز الاختلاف في وجھات النظر وفي القراءة السياسية للتحولات الجارية في المنطقة (تحديدا بعد الاتفاق الروسي ـ الاميركي حول سوريا، والاتفاق الايراني ـ الاميركي حول الملف النووي، وانطلاق "جنيف ـ2" والتطورات العسكرية على الارض السورية، إلخ...). وھذه المتغيرات انعكست ارتباكا وتخبطا لدى 14 آذار في طريقة التعاطي معھا ومواكبتھا وفي تقدير نتائجھا ومساراتھا. وهكذا ظھر توجھان :

رأي يعتبر أن إيران تمر بمرحلة تحول ھادئ وعميق سينقلھا الى حالة اندماج مع المجتمع الدولي والى تغيير في السياسات والسلوكيات الداخلية للنظام لذا اعتبروا ان الاتفاق النووي مع أميركا ليس دليل قوة وإنما تعبير عن ضعف والدافع الاساسي إليه هو الوضع االاقتصادي المالي المتراجع بقوة.

وقد تماهى هؤلاء مع هذا المنطق وافترضوا ان الاميركيين والروس متفقون على أسس الحل في سوريا وأھمھا: محاربة الارھاب، إزاحة الرئيس الاسد، المحافظة على الجيش الذي سيتولى المھمتين: ضرب الارھاب ووراثة الاسد. ويتابعون توقعاتهم الوهمية على وقع ان حزب ﷲ في أصعب أوضاعه وأسوأ أيامه، وھو محاصر من أربع جبھات (الحرب في سوريا ـ الصراع مع إسرائيل - الارھاب في مناطق نفوذه ـ الحصار الخارجي الدبلوماسي والمالي) .

خلاصة ھذا التحليل الوردي أن قوى 14 آذار في وضع يسمح لها بفرض شروطها و ليست مضطرة الى تقديم تنازلات في ھذه المرحلة لا سيما في استحقاقات حكومية ورئاسية . وخلص هذا الفريق الى ان ليس ھذا ھو الوقت المناسب للدخول في تسوية مع حزب ﷲ .

ورأي اخر معاكس الى حد التناقض مع الاول ويرى أن إيران عبر الاتفاق النووي تحررت من عبء العقوبات الدولية ومن ھاجس الحرب والضربة العسكرية... ھذا يتيح لھا مزيدا من التوسع والنفوذ في المنطقة خصوصا على خط المثلث الذھبي : العراق ـ سوريا ـ لبنان.
وبالتالي يعتبر هؤلاء ان إيران لن تتخلى عن النظام السوري مھما كلف الامر. و مقابل التصميم الايراني يرى هذا الفريق ان ھناك فجوة أساسية في الوضع العربي الذي تنقصه قيادة ومرجعية: مصر منشغلة بأوضاعھا ومشاكلھا الداخلية. السعودية مربكة في اسرتها و ظروف الخليج . ووجهة النظر هذه تعتبر ان حزب ﷲ ورغم الظروف الصعبة التي يمر بھا الا أنه يحافظ على وضع جيد ومتماسك أمنيا وشعبيا وسياسيا. وانسحابه من سوريا غير وارد حاليا ومعركته ھناك معركة حياة أو موت. لذا توقعوا ان تنازله وتساھله في لبنان يقف عند حدود، وفي ظل ميزان قوى يميل لمصلحته في لبنان بسبب قوته وتفوقه العسكري وهو قادر على التحكم بكل الاستحقاقات...

لذا اضطر هذا الفريق الى المھادنة وتقطيع المرحلة بأقل الاضرار والتنازلات وترجم ذلك بالموافقة على حكومة مصلحة وطنية مع حزب الله بعد ممانعة طويلة ... واستكمل هذا الموقف بحلحلة عقدة البيان الوزاري ما زاد من التباعد مع القوات والارباك مع الكتائب و" الحبل على الجرار".

تحالف 14 آذار يقف عند مفترق طرق: اھتز ولم يسقط بعد. ولعل الاستحقاق الرئاسي يشكل المحطة المفصلية والحد السياسي ـ الزمني الفاصل في مسيرته إما باتجاه تعويمه الذي اصبح صعبا، وإما في اتجاه تصدعه وتفككه. فھل تكون نھاية ولاية الرئيس سليمان نھاية 14 آذار ويكون احتفال البيال التاسع هو آخر تجمع له ؟ . وقبل ذكراه العاشرة في العام المقبل يكون قد صرخ باعلى صوته : وداعا 14 اذار .
2014-03-20