ارشيف من :آراء وتحليلات

أزمة غرداية: هل هي مؤامرة تستهدف الجزائر؟

أزمة غرداية: هل هي مؤامرة تستهدف الجزائر؟

ترتفع العديد من الأصوات في الجزائر محذرة من مؤامرة خارجية تستهدف بلد المليون الشهيد مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية، وذلك على خلفية الأحداث الأخيرة التي عرفتها غرداية (600 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائر). حيث شهدت هذه الولاية الجنوبية أعمال عنف طائفية بين العرب السنة المالكيين من جهة، والأمازيغ (البربر) الذين يعتنقون المذهب الإباضي في تلك الربوع، من جهة أخرى، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.

يشار إلى أن الإحتقان هو الطاغي على المشهد خاصة بعد أن أقدم البعض على تدنيس مقابر الإباضية لتتجه الشبهة إلى الطرف المقابل، الذي نفى أية علاقة له بالحادثة. ووجهت أصابع الإتهام إلى جهة ثالثة ترغب في زعزعة استقرار الولاية المناضلة التي كانت سدا منيعا قاوم الهيمنة الإستعمارية الفرنسية. حيث اتهم البعض مهربي وتجار المخدرات الراغبين في صرف أنظار السلطات عنهم، فيما اتهم البعض الآخر التكفيريين المرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، بينما رجح آخرون فرضية تورط جهاز استخبارات أجنبي.

شأن مغاربي


وبصرف النظر عن الجهة التي تقف وراء تأجيج هذا الإحتقان فإن ماهو أكيد هو أن هناك خطر انقسام طائفي يهدد الجزائر دفع بالبعض إلى مطالبة السلطات العليا في الدولة بما فيها رئيس الجمهورية إلى بذل جهود أكبر مما بذل في السابق لاحتواء هذه الأزمة. ويعتبر هؤلاء أن أزمة غرداية لم تعد شأنا جهويا يهم منطقة وادي المزاب التاريخي بل شأنا وطنيا يهم جميع الجزائريين وربما المغاربيين من أبناء المنطقة.

أزمة غرداية: هل هي مؤامرة تستهدف الجزائر؟

فبلاد المغرب الكبير الممتدة من غرب مصر شرقا إلى حدود نهر السينغال غربا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى الإفريقية جنوبا، هي خليط من العرب والأمازيغ الذين صهرهم الإسلام في أمة واحدة منذ أربعة عشر قرنا. وإذا اندلعت أعمال عنف بين القوميتين في غرداية من المؤكد أنها ستكتسح كامل القطر الجزائري لتمتد إلى دول الجوار خاصة وأن الإستعمار الفرنسي أراد سابقا اللعب على هذا البعد الطائفي لكنه فشل نتيجة لوعي الوطنيين من كلا القوميتين في ذلك الوقت، لكن ذلك لا يمنع من القول أنه نجح نسبيا في منطقة القبائل التي تشهد حركة تنصيرية لافتة - برعاية جهات أوروبية كاثوليكية - ارتبطت بإحياء الهوية الأمازيغية، التي قيل أن العرب الفاتحين القادمين من المشرق والذي استقروا بالمنطقة منذ قرون قد قاموا بطمسها لصالح الهوية العربية الإسلامية.

ضرورة تطويق الأزمة

لذلك فإن تطويق الأزمة وكشف الأيادي الخفية التي تحركها تبدو ضرورة عاجلة لوأد الفتنة في المهد. فالجزائر لديها من المشاكل ما يغنيها عن فتح بؤرة توتر جديدة، والإرهاب المتربص بالمنطقة والذي وضع موطئ قدم في ليبيا وفي شمال مالي يتحين فرصة ضعف الدولة المركزية للإنقضاض على الجزائر التي نجحت في الحد من خطورة هذه الجماعات التكفيرية خلال العشريتين الماضيتين.

ويبدو تزامن هذه الإضطرابات ذات الطابع الطائفي مع الإنتخابات الرئاسية التي ستشهدها الجزائر خلال الشهر القادم أمرا مثير للريبة. حيث يرجح بعض المحللين فرضية "الورقة" التي تضغط من خلالها جهة ما منافسة على جهة أخرى منافسة لها من أجل تحقيق مكاسب انتخابية خاصة وأن التنافس بين المرشحين يبدو محتدما على المركز الثاني الذي سيمكن الفائز به من نيل منصب نائب الرئيس. وأيا كانت الأطراف التي تحرك اضطرابات غرداية سواء أكانت داخلية (سياسية، أو عصابات مخدرات وإرهاب) أو خارجية، فإن ماهو أكيد أنها تلعب بالنار لأن الفتنة الطائفية إذا اشتعلت ستأتي على الأخضر واليابس وستدمر الجزائر ومحيطها المغاربي وحتى جيرانها الأوروبيين الذين لن يكونوا في مأمن عما يحصل على حدودهم الجنوبية.  
2014-03-21