ارشيف من :آراء وتحليلات
بين تطرف جعجع واعتدال المستقبل: طلاق ام توزيع أدوار ؟
عشية الانطلاقة الفعلية للسباق الرئاسي بعد عطلة عيد الفصح، أجرت قيادة المستقبل، من وفي الرياض، ورشة عمل ونقاش واستعرضت كل الاحتمالات والسيناريوات وابرزها : الموقف من ترشيح سمير جعجع وآلية الاتفاق على مرشح واحد لفريق 14 اذار خاصة بعدما لاحظ الرئيس سعد الحريري عدم وجود موجة رئاسية واحدة داخل"المستقبل ".
وبعد المداولات رسموا الخطة التالية :
- التريث في اتخاذ قرارات حاسمة لان الوقت لم يحن بعد لكشف الأوراق و التكتيكات لم تستنفد بعد .
- إجراء دورة جديدة وحاسمة من المشاورات قبل الذھاب الى جلسة الانتخاب مع القيادة السعودية ومع جهات دولية معنية بالاستحقاق الرئا سي ومؤثرة فيه . مع استمرار التواصل والحوار مع الاتجاھات داخل الكتل والموزعة على ثلاثة وهي : جنبلاط عين التينة، 14 آذار معراب و"الرابية ..."
- عدم إعلان موقف من ترشيح سمير جعجع بسبب وجود مرشحين آخرين : روبير غانم وأمين الجميل وبطرس حرب . والحريري لن ينحاز الى مرشح دون اخر حتى لا يظهر بانه الزعيم السني الذي يختار الرئيس المسيحي . مع إقراره بضرورة أن تخوض 14آذار الانتخابات الرئاسية ّ بمرشح واحد وإلا فإن وحدتها بخطر، لذلك فإن الخطوة الأولى ھي في توافق مسيحيي 14 آذار وتحديدا المرشحين الأربعة على مرشح واحد.
- البحث من الآن وفي سياق الاستعداد لكل الاحتمالات عن ھوية الرئيس التوافقي .
اجتماعات المستقبل في الرياض لها وجه آخر غير مرئي وهو البحث عن ضرورات أو فوائد السير بتسوية رئاسية على غرار التسوية الحكومية ولاستكمال ما بدأ به تيار المستقبل في تعديل قواعد اللعبة واختراق سياسي للوضع المقفل . ويمكن القول استطرادا إن النقاش في الرياض لا يقتصر على مسألة الموقف من ترشيح جعجع للرئاسة وإنما يتجاوزھا الى مسألة الموقف من تأييد عون للرئاسة ومن ضمن أي ظروف ومعادلات.
بعيدا عن"لبننة " الاستحقاق الرئاسي يبدو ان انتخاب رئيس جديد هو على صلة وثيقة بالتطورات والمعادلات الإقليمية التي ستتولى تظھير صورة الرئيس المقبل وتحديدا تلك المرتبطة بـالتطورات الميدانية في سوريا و انعكاس أي اتفاق أميركي إيراني على ملفات المنطقة ، وانعكاس التقارب الإيراني السعودي اذا حصل .
حتى الان ، كرة الاستحقاق الرئاسي استقرت في الملعب المسيحي وعلى مستويين: توافق الأقطاب الأربعة ( فرنجية -عون ـ جعجع ـ الجميل على واحد منهم وھذا متعذر ... كما ان توافق مسيحيي 14 آذار وتحديدا المرشحين الأربعة (جعجع ـ الجميل ـ حرب ـ غانم على واحد ليس منهم وهذا أيضا يبدو صعبا وربما متعذرا . مما يفتح أبواب بعبدا امام كل الاحتمالات .
اعتبرت مصادر مواكبة لوضع الاستحقاق الرئاسي على نار حامية ان اعادة خلط الأوراق هي محاولة لإيجاد شرخ داخل 14 آذار خاصة الاتصالات الجارية بين الجنرال عون واقطاب من 14 اذار لاسيما المسيحيين ومنهم ميشال رينيه معوض وروبير غانم مما يجعل حظوط دعم جعجع كمرشح للرئاسة دونها محاذير عدة حتى في قلب بيت 14 آذار الداخلي، بحيث أنه إذا ما استثنينا الأمانة العامة وبعض المتطرفين فان معظم مكونات 14 آذار عند ساعة الحقيقة الفاصلة لن تغامر بتبني ترشح جعجع إلى رئاسة الجمهورية لأنها تدرك بأن حظوظ وصوله ھي"صفر " ضمن المعادلة القائمة محليا وإقليميا ودوليا . وهي مستاءة من تسرع تبني القوات اللبنانية لترشح جعجع لانها لم تر فيه سوى خطوة باتجاه إ حراج حلفائه داخل فريق14 آذار . واعتبر اخرون ان ذلك قد تم تمهيدا لتبرير القوات خروجها وتنصلها من تحالفها مع فريق بدأ يتفكك وقد خسر وجوده َ الذي لم يبق له أي فعل سياسي سوى الإسم في بعض الإحتفالات العابرة التي تستذكر بين الحين والأخر .
وفي هذا المجال تسعى "القوات " مع المتطرفين الى إعادة تشكيل 14 اذار بصيغة منقحة جديدة اكثر تطرفا وتماسكا لاحراج الفريق المعتدل من جهة ومن جهة أخرى لتكون رأس حربة المواجهة في العهد الجديد . خاصة وان جعجع قرر ان يرتدي عباءة بشير الجميل ويذهب في تطرفه الى اخر الطريق لانه ما زال يراهن بان المنطقة مسكونة بالتطرف . والتطرف يستجلب التطرف .
سؤال أخير: هل بدأ الطلاق بين جعجع والحريري الذي فضل حكومة سياسية مع حزب الله وتخلى عن القوات واخواتها من عائلة التطرف ، ام ان الظروف فرضت الهجر المؤقت وتوزيع الأدوار لتقطيع الوقت وإعادة الروح الى تحالف متين لا تهزه الخلافات العابرة ؟ سؤال تفضحه الأيام المقبلة .