ارشيف من :آراء وتحليلات
بعد فوز الرئيس الجزائري، ماذا بشأن نائبه؟
مثلما كان متوقعا فقد فاز الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة. وبقطع النظر عن صحة النتائج المعلن عنها، والتي طعنت فيها أكثر من جهة، فإن ما هو أكيد أن الفاعلين في الدولة الجزائرية وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية لم يروموا التغيير، وتبدو رغبتهم جلية في الحفاظ على السائد.
وحتى الشعب الجزائري يبدو أن لديه، في عمومه، ذات الرغبة، أي تجديد العهد مع بوتفليقة وإلا لكان - بحسب جل المراقبين - انتفض منذ أن أعلن حزب جبهة التحرير الوطني منذ أشهر عن عزمه إعادة ترشيح رئيسه الشرفي. فالبعض من الجهات الداعمة للتمديد تحدث عن خشية مما أسماه "مغامرة" غير مضمونة في حال حصل تغيير حقيقي في الجزائر.
"ربيع عربي" مُنفّر
ولعل حالة الفوضى التي تعيشها بلدان ما يسمى "الربيع العربي" وخصوصا ليبيا المجاورة، وتدهور الإقتصاد في تونس التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس، يجعل الجزائريين لا يميلون إلى خيار التغيير و"الإنخراط" في منظومة "الربيع العربي. كما أن تنامي خطر الإرهاب في المنطقة وانتشاره في أكثر من بلد مجاور للجزائر، وما عاشه بلد المليون شهيد خلال العشرية السوداء لعقد التسعينيات، يدعم التوجه المحافظ غير الراغب في إحداث أي تغيير.
فشعارات "الربيع العربي" الرنانة التي كانت ملهمة في وقت ما للشعوب العربية الراغبة في التغيير والإنقلاب على السائد، باتت بلا معنى بعد وصول الإخوان إلى الحكم في مصر وتونس. فعجز هؤلاء عن تحقيق الأهداف التي جاؤوا من أجلها، وتقسيمهم لمجتمعاتهم، وفشلهم الذريع في تحقيق الأمن والإستقرار في بلدانهم، يجعل التغيير منفرا لكثير من شرائح الشعب الجزائري الفاعلة في المشهد العام والتي تخشى على مصالحها في حال عرفت البلاد ذات مصير بلدان "الربيع العربي".
تشريك المعارضة
إن تغيير رئيس ليس فقط عملية تنصيب شخص مكان شخص وإنما هو "اجتثاث" لنظام برمته، فالرئيس لديه طاقم من المساعدين والمستشارين و"جيوش جرارة" من كبار المسؤولين والمرتبطين بالنظام سيغادرون ليحل محلهم آخرون. ومما لا شك فيه أن الطاقم الجديد بحاجة إلى التمرس على الحكم الأمر الذي يتطلب وقتا لا بأس به. ولا يبدو أن عموم الجزائريين، وفقا لنتائج الإنتخابات، مستعدون في الوقت الراهن لذلك والمخاطر تحدق بهم من كل صوب.
فالزمن الذي كانت فيه الشعوب، التي تستوطن الأرض الممتدة من المحيط إلى الخليج، تخشى من بطش حكامها ولى وانقضى، ولم تعد آلة القمع الأمنية والعسكرية ترهب أيا من هذه الشعوب، وبالتالي فإن هناك اتفاقا بين أغلب المحللين مفاده أنه لو كان عموم الشعب الجزائري ضد إعادة انتخاب بوتفليقة لكان انتفض مطالبا بالتغيير. لكن ذلك لا ينفي أن هناك جهات تعارض ترشيح بوتفليقة منذ البداية ومنها الإسلاميون وبعض قوى اليسار، بالإضافة إلى أنصار علي بن فليس، ووجب على النظام أخذ ذلك بعين الإعتبار بالإستماع إلى أصوات هؤلاء وتشريكهم في الحكم وعدم الوقوع في أخطاء الإسلاميين الذي رغبوا في احتكار الحكم في مصر وتونس فعادت عليهم السلطة بالوبال.
نائب الرئيس
أما فيما يتعلق بمنصب نائب الرئيس، الذي يتم الحديث عن إمكانية إنشائه ويبدو إحداثه ضرورة ملحة نظرا لتدهور صحة الساكن القديم الجديد للمرادية، فإن تساؤلات عديدة تطرح بشأن هوية الشخص الذي سيشغله. فهل يكون علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق ومرشح الرئاسة باعتبار أن البعض تحدث عن أن الفائز بالمرتبة الثانية في الإنتخابات الرئاسية سينال هذا المنصب؟ أم هو أحد رئيسي حكومة سابقين قربهما بوتفليقة مؤخرا وعينهما في الرئاسة في خطتين برتبة وزيري دولة؟ أي عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى.
تذهب جل التحليلات باتجاه هذه الأسماء الثلاثة دون غيرها، لكن البعض يتحدث عن فرضية رابعة، أي أن يعين الرئيس وزيره الأول السابق ورئيس حملته عبد المالك سلال في هذا المنصب باعتبار الثقة العمياء التي يحظى بها هذا الأخير لدى رئيسه. ويبقى الحسم في هوية صاحب هذا المنصب المستحدث الذي قد يذهب بصاحبه مباشرة إلى المرادية بيد المؤسسة العسكرية التي قد تفاجئ الجميع وتأتي بشخصية لم تطلها توقعات المراقبين وخاصة أن لديها سابقة تاريخية في هذا المجال، حيث جاء العسكر بالشاذلي بن جديد ليخلف الرئيس رابح بيطاط الذي باشر الحكم مؤقتا بعد وفاة بومدين، في وقت ذهبت فيه جميع الترشيحات حول خليفة الهواري باتجاه عبد العزيز بوتفليقة وزعيم الآفلان محمد الصالح يحياوي.