ارشيف من :آراء وتحليلات

الانتخابات الرئاسية المصرية … الهروب الى الأمام


الانتخابات الرئاسية المصرية … الهروب الى الأمام
محمد منصور

بعد اتمام مصر لأولى مراحل "خارطة المستقبل" السياسية عبر إقرار مسودة الدستور في استفتاء شعبي، يترقب المصريون الاستحقاق الأهم في التاريخ المصري المعاصر وهو الانتخابات الرئاسية . صحيح خاضت مصر استحقاقاً مشابهاً قبل عامين إلا أن الاستحقاق الجديد يختلف كلياً.


إلا أن صفو هذا المشهد يعكره الفلتان الأمني على غير صعيد، خاصة وأنه بات استهداف المقار الأمنية والمدارس ورجال الشرطة والجيش بالعبوات الناسفة والرصاص أمرا شبه يومي، كما بات التظاهر داخل الجامعات المصرية حدثا يوميا يسقط فيه ضحايا وتستخدم فيه الأسلحة ويتم فيه الأعتداء على الموظفين وتدمير المقرات الجامعية.

ويتهم قسم من المصريين جماعة "الاخوان المسلمين"- التي صنفت في خانة المنظمات الارهابية - بالوقوف وراء الاعمال التخريبية والعمل على قلب المشهد المصري رأسا على عقب، فضلاً عن نسف خارطة المستقبل التي تم اعدادها عقب ثورة "30 يونيو"، خصوصاً أن اتمامها يعني وضع المسمار الأخير في نعش الجماعة محليا وإقليميا وربما دوليا.

عليه، تتباين المواقف الداخلية حيال الانتخابات المرتقبة، فجماعة الأخوان على ما يبدو تحاول انتهاج سياسة مفادها الصاق تهمة "عدم النزاهة" بالاستحقاق القادم عبر ذرائع عدة منها زيادة الفوضى في المشهد الأمني المصري إلى جانب محاولة تخفيض اعداد المرشحين لتصوير المشهد الانتخابي وكأنه "مسرحية" المقصود منها شرعنة وصول وزير الدفاع السابق المشير عبد الفتاح السيسي لمنصب الرئاسة، ذلك أن انتهاج الجماعة لهذه السياسة مردها عدم وجود إمكانية للدفع بمرشح تابع لها خصوصا بعد اعلان عدد من المرشحين السابقين "المتعاطفين مع الجماعة" مثل عبد المنعم أبو الفتوح وخالد علي عدم ترشحهم ضمن انتخابات "محسومة مسبقا" حسب رأيهم، وكان اخر شخص من الممكن الدفع به في هذه الانتخابات هو المرشح السابق "باسم خفاجي" رئيس حزب "التغيير والتنمية" والذي ظهر مؤخرا في فيديو اعلن فيه انه سيترشح في "أول انتخابات رئاسية نزيهة بعد عودة الشرعية".

الاستحقاق الرئاسي المصري بين التحديات والرهانات


كما يلاحظ وجود قطاع مهم من الشباب خصوصا المنتمين لتيارات ثورية شبابية مثل حركة 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، أما بالنسبة لمن اعلن نيته الترشح لهذه الانتخابات فهم: وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي، المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، المستشار مرتضى منصور، رئيس حزب البداية محمود حسام، الإعلامية بثينة كامل وعدد من المواطنين.

على أنه فعليا ما زال المرشح الرئاسي السيسي أول من نجح في جمع وتسليم التوكيلات المطلوبة لإتمام اوراق ترشحه في الانتخابات الرئاسية بعد تقديمه 200 الف توكيل الى اللجنة العليا للانتخابات بانتظار إعلان القائمة النهائية للمرشحين في 2 مايو/ايار القادم. كذلك يحظى السيسي بشعبية كبيرة تنبع من كونه أحد الأسباب الرئيسية لإسقاط حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، بالإضافة الى تمتعه بتأبيد واسع من الأحزاب والقوى السياسية المصرية أهمها حركة تمرد وحزب النور السلفي.


الانتخابات الرئاسية المصرية … الهروب الى الأمام

السيسي يحظى ايضاً بتأييد خارجي مهم أبرزه الدعم الروسي والسعودي والاماراتي. وبحسب المراقبين يسير السيسي بخطوات ثابتة ومدروسة فيما يتعلق بحملته الانتخابية، فمنذ الثاني من الشهر الحالي أجرى السيسي سلسلة لقاءات ماراثونية مع وفود وشخصيات من كافة مكونات الطيف السياسي والاجتماعي من بينها: قبائل مطروح أسوان والبحر الأحمر وسيناء، النقابة العامة للفلاحين، الدكتور فاروق الباز، الاتحاد الأفريقى، الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبى ـ المجلس القومى للمرأة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الطرق الصوفية ونقابة الأشراف وغيرهم.

هذه اللقاءات والتنظيم الواضح لخطوات حملته الانتخابية الكترونيا وعلى ارض الواقع بجانب التأييد الشعبي والحزبي والخارجي الكبير يجعل فرصة فوز السيسي بمنصب الرئاسة كبيرة بشكل واضح، أما بالنسبة لحمدين صباحي فإن شعبيته مستمدة من تاريخه النضالي في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونهج المقاومة ومصالح الطبقات الفقيرة، خصوصا خلال فترة توليه منصب نائب في فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ومن بين الكتل المؤيدة لحمدين صباحي أحزاب الدستور، الكرامة والتيار الشعبي، إضافة إلى عدد من شباب الحركات الثورية. لكن تبدو فرصة فوز صباحي صعبة أمام منافسه السيسي. أما باقي المرشحين ففرصهم معدومة. وتوقع المراقبون أن يتوافق صباحي مع السيسي أما قبل الانتخابات أو بعدها، لا سيما وأن نقاط التلاقي بينهما كبيرة جداً، خصوصاً في ظل مخططات الاخوان لنسف الاستحقاق وإفشاله.

بغض النظر عمن سيكون الفائز فلا شك أن المصريين، الذين وصلت معاناتهم الى الحد الأقصى، يتطلعون الى نجاح الاستحقاق الرئاسي عبر انتخاب رئيس ينقذ الساحة المصرية من التشرذم والاقتتال بعد محطات قاسية مرت بها أرض الكنانة.
2014-04-21