ارشيف من :آراء وتحليلات

مناورة جديدة من المعارضة التونسية للاطاحة بالمرزوقي

مناورة جديدة من المعارضة التونسية للاطاحة بالمرزوقي
حين تم انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في تونس يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011 لادارة المرحلة الانتقالية الثانية، كان هناك اتفاق بين مختلف الفرقاء السياسيين سبق عمليات الاقتراع، مفاده أن لا تتجاوز مدة عمل المجلس السنة الواحدة يتم خلالها كتابة الدستور وسن القانون الانتخابي، لتجرى لاحقا انتخابات جديدة تنسجم مع المرحلة الانتقالية وتنتخب مؤسسات الدولة الدائمة. لكن المجلس تجاوز المدة المتفق عليها بعد أن تراجعت حركة النهضة على وجه الخصوص عما التزمت به، ما جعل البلاد تدخل حينها في أزمة سياسية.

ومع احتدام الجدل بين حزبي النهضة والمؤتمر داخل قبة المجلس التأسيسي حول شكل النظام وصلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، الأمر الذي دلّ حينها على أن مدة عمل المجلس لن تعرف نهاية، ومع الاغتيالات السياسية التي عرفتها البلاد لم تجد المعارضة من سبيل سوى الخروج الى الشارع خلال الصائفة الماضية لاجبار الحكومة على الاستقالة وانهاء عمل المجلس التأسيسي. واستقالت حكومة العريض تحت ضغط الشارع لكن طاولة الحوار الوطني الذي رعاه اتحاد الشغل لم تتوصل الى اجماع حول المجلس التأسيسي، الذي كان عليه انهاء القانون الانتخابي ولعب دور برلمان مؤقت الى حين اجراء الانتخابات.


هدنة سياسية

ودخلت البلاد في هدنة سياسية لتوفير المناخ الملائم لحكومة التكنوقراط التوافقية برئاسة المهدي جمعة لكي تحقق الأهداف التي أتت من أجلها، وقلت الاضرابات التي أعاقت عمل الحكومات السابقة بشكل لافت بما أن المركزية النقابية هي راعية الحوار الوطني، ونجحت قوى الأمن والجيش في اصابة الجماعات التكفيرية في مقتل وحدت من خطرها من خلال سلسلة من العمليات الناجحة. واعتقد الجميع أن الأمور على ما يرام وخاصة أن الأحزاب السياسية بدأت تعد العدة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى نهاية هذا العام وللانتخابات البلدية التي ستجرى بداية أو أواسط السنة القادمة.

مناورة جديدة من المعارضة التونسية للاطاحة بالمرزوقي

لكن الخلافات عادت لتطفو على السطح مجددا بين مختلف الفرقاء السياسيين بمجرد أن أنهى المجلس التأسيسي التصويت على القانون الانتخابي. اذ عادت بعض الأحزاب الى المطالبة بحل التأسيسي وهي أحزاب مهمة كانت تعارض حركة النهضة حين كانت الأخيرة في الحكم. وترى هذه الأحزاب أن المجلس أنهى مهامه ولا فائدة من استمرار عمله حتى نهاية العام وخاصة أنه يثقل كاهل الدولة بمبالغ باهظة في وقت تبدو فيه الخضراء بحاجة الى التقشف لتجاوز أزمتها الاقتصادية الخانقة. كما أن سلوك بعض نواب المجلس تحت قبة قاعة الجلسات الرئيسية يعجل بحله، بحسب هؤلاء. فالخلافات تصل بنواب الشعب الى حد سب وشتم بعضهم البعض والعراك بالأيدي فيما بينهم أمام عدسات المصورين ومختلف القنوات التلفزيونية، وهو ما يرى فيه المطالبون بحل المجلس اساءة لصورة تونس في الخارج.

مؤسسة الرئاسة

لكن جهات عديدة تؤكد أن المعارضة التونسية السابقة أو ما كان يسمى جبهة الانقاذ التي عارضت حركة النهضة وأسقطت حكومة العريض هي بصدد الترفيع في سقف مطالبها مع استئناف جلسات الحوار الوطني الذي يرعاه الاتحاد العام التونسي للشغل والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين ومنظمة رجال الأعمال والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان. ومثلما جعلت مسألة حل المجلس التأسيسي مطية في وقت سابق للمطالبة باستقالة الحكومة ونجحت في ذلك، فهي على ما يبدو ستساوم حركة النهضة من أجل أن تتخلى عن دعم المرزوقي لاجباره على الاستقالة. أي أنها ستضع النهضويين أمام حتمية الاختيار بين المجلس وبين رئيس الجمهورية، ومن المؤكد أن الحركة ستدعم بقاء المجلس لأنها صاحبة الأغلبية فيه وتتخلى عن المرزوقي.

وترى المعارضة أن المرزوقي الذي يتعرض لانتقادات واسعة في تونس بصدد استغلال منصبه كرئيس للقيام بحملة انتخابية، حتى إنه استقبل أمير دولة قطر في تونس بينما كان رئيس الحكومة صاحب الصلاحيات التنفيذية الرئيسية خارج البلاد في زيارة الى الولايات المتحدة الأمريكية. كما يرى البعض أن مؤسسة الرئاسة بصدد استنزاف المال العام رغم أنها مجردة من الصلاحيات التي منحها الدستور المؤقت لساكن القصبة (مقر الحكومة) بخلاف ما كان سائدا قبل الثورة. وبالتالي فالبلاد ليست بحاجة الى رئيس جمهورية في هذه المرحلة الانتقالية وتكفيها حكومة يرأسها وزير أول بيده جميع الصلاحيات التنفيذية.
2014-05-15