ارشيف من :آراء وتحليلات
مجلس إسلامي شرعي أعلى واحد وليس مجلسان
يشغل موضوع المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى، بال كثير من المسلمين في لبنان، وهو محل اهتمام مُركز لجهات سياسية واجتماعية ودينية لا سيما أن بعض وسائل الاعلام تتحدث عن وجود مجلسين يحملان اسم المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى أحدهما موال لمفتي الجمهورية اللبنانية يرأسه سماحة المفتي الدكتور محمد رشيد قباني، والآخر يرأسه الوزير السابق المحامي عمر مسقاوي، ويتم التداول عبر وسائل الاعلام المحايدة، وكأن المجلسين يتمتعان بنفس المقدار من الشرعية والمشروعية، فيما تصف وسائل الإعلام المنحازة، المجلس الذي تميل اليه بأنه المجلس الشرعي القانوني، والآخر منتحل صفة.
يعتبر المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى القوة السياسية الاولى للطائفة السنية أو برلمانها المتخصص في قضاياها الدينية والوقفية والثقافية الاجتماعية، والذي طالما كان وما زال "تيار المستقبل" يسعى ، الى وضع يده على دار الفتوى ومؤسساتها عبر مجموعة من القوانين والاجراءات، بدأت بخطوة وصفت حينها بـ "الخطيرة جداً" ، حيث أقدم مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رفيق الحريري الى تقليص الهيئة الناخبة لمفتي الجمهورية ومفتي المناطق ولكافة المجالس المنتخبة في اطار الأوقاف الإسلامية الى بضع عشرات من الأشخاص جلهم من السياسيين (نواب ، وزراء، قضاة سنيون، أئمة منفردون)، حيث يسهل الإتصال بهم والضغط على معظمهم ليكونوا مستجيبين لرغبات الحريرية السياسية، وقد تم استبعاد معظم علماء الدين عن المشاركة في انتخاب مفتي الجمهورية أو غيره من المفتيين والمجالس.
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
استمر تنفيذ الخطة مع رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، بعد ما دفع المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى المنتهية ولايته قانوناً، عبر نائب رئيس المجلس الشرعي عمر مسقاوي لتعديل المرسوم الاشتراعي رقم 18/55 الذي ينظم شؤون الطائفة الاسلامية السنية بحيث يتم تقليص صلاحيات مفتي الجمهورية بما يؤدي الى إلغاء دوره وتحويله الى مفتي محنط ، بحسب أحد المفتين المحسوبين على تيار المستقبل ولكن وبغض النظر عن التعديلات التي يريدها الطرف الآخر والتي يسعى لإقرارها والتي هي السبب الحقيقي للخلاف بين سماحة المفتي وتيار المستقبل ممثلاً بفؤاد السنيورة ، يتبين أن هناك مجلس شرعي أعلى قانوني واحد فقط، وأن المجلس الآخر إنتهت مدته ولم يعد له أي وجود وفقاً للمرسوم الإشتراعي رقم 18/55.
من هنا ، لا بد من البحث في الاسباب التي يتخذها اعضاء المجلس المنتهية ولايته، منها الحكم الصادر عن مجلس شورى الدولة.
1-قرار مجلس شورى الدولة غير ملزم لدار الافتاء.
يقيد تيار المستقبل، والمجلس المنتهية ولايته مسألة اصدار مجلس شورى الدولة قراراً بابطال قرارات مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني باجراء انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى باعتبار ان هذا القرار ينفذ تلقائياً.
ان قرارات مجلس شورى الدولة تصدر بوجه الادارة ، وذلك للحكم بصحة تصرف اداري او عدم صحته، وامام امتناع الادارة عن التنفيذ فعلى المتضرر أن يتقدم أمام مجلس شورى الدولة بمراجعة لتجاوز الادارة عن تنفيذ القرار الصادر بموجب مراجعة المتضرر، واذا لم تنفذ الادارة للمرة الثانية ، ما على المتضرر سوى أن يتقدم بمراجعة ثالثة يطالب فيها بالتعويض لا أكثر.
من هنا فان قرار مجلس شورى الدولة غير ملزم لدار الفتوى ويبقى قرار مفتي الجمهورية سارياً وتترتب عليه اثاره القانونية.
2-هل يحق للمجلس ان يمدد لنفسه، وما هي صلاحياته؟
المعروف أن المجلس السابق الذي انتهت ولايته، اجتمع عدد من اعضائه بدون دعوة من مفتي الجمهورية صاحب الصلاحية في توجيه الدعوة للمجلس وترأس الجلسة، على درج دار الفتوى برئاسة نائب الرئيس السابق عمر مسقاوي وقرروا التمديد لمجلسهم سنة واحدة ، فهل ما قام به اعضاء المجلس السابق شرعي وقانوني؟
بالعودة الى:
المرسوم الاشتراعي رقم 18/1955م وتعديلاته، وهو القانون الصادر عن مجلس النواب اللبناني بتاريخ 28/5/1956، والنظام الداخلي للمجلس الشرعي الاسلامي الأعلى من خلال القرار رقم 2 تاريخ 2/2/1978 م وتعديلاته نجد ما يلي:
إن المواد: 40-41-42- والتي تحدد كيفية تأليف المجلس، تشير:
المادة 40-يتألف المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى من أعضاء طبيعيين وأعضاء منتخبين وأعضاء يعينهم مفتي الجمهورية.
المادة 41- رئيس المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى هو مفتي الجمهورية، أما نائب الرئيس فينتخبه المجلس من بين اعضائه بالإقتراع سراً وبأكثرية الاصوات.
المادة 42 - الاعضاء الطبيعيين : رؤساء الوزراء الحالي والسابقون ومفتي الجمهورية، والأعضاء المنتخبون وعددهم أربعة وعشرون بالإضافة الى ثمانية يعينهم سماحة المفتي فيكون عدد أعضاء المجلس كاملاً 39 عضواً إذ أن رؤوساء الحكومات الأحياء هم ستة بالإضافة الى رئيس المجلس مفتي الجمهورية.
3-ما هي المخالفات التي ارتكبها اعضاء المجلس المنتهية ولايته؟
أولاً: ان الدعوة لعقد الجلسة يجب أن توجه من قبل رئيس المجلس سماحة مفتي الجمهورية وهذا ما لم يحصل، حيث وجهت الدعوة من قبل نائب الرئيس خلافاً للأصول والمادة 47 التي تنص على ما يلي:
يجتمع المجلس الشرعي الأعلى بدعوة من رئيسه.....الخ.
والمادة 48: يجتمع المجلس في غير المواعيد المذكورة أعلاه لدرس قضية أو قضايا طارئة تذكر في كتاب الدعوة وذلك بناءً على دعوة من الرئيس أو طلب من ربع الأعضاء ، وهذا ايضاً ما لم يحصل.
وحتى تكون الجلسة قانونية يجب أن تعقد الجلسة في مقر مفتي الجمهورية كما تنص المادة 49، ولكن الجلسة عقدت على مدخل دار الفتوى، بحضور تسعة عشر عضواً ( والتي تشير مصادر قريبة من المفتي ، الى ان الأعضاء الحاضرين حينها كانوا اقل من ذلك حيث جمعت التوقيعات على محضر الجلسة فيما بعد).
إن الجلسة المذكورة عقدت لتعديل مدة المجلس بحيث تمدد هذه المدة لسنة كاملة وعلى فرض صحة الدعوة ومكان الإنعقاد وحضور الرئيس، فإن لها نصاباً وهو ثلاثة أرباع أعضاء المجلس كما تنص المادة 50 التي تقول: "ينعقد المجلس بأكثرية أعضائه في الجلسة الأولى وبثلث أعضائه على الأقل في الجلسات التالية، الا فيما يتعلق بفصل أحد أعضائه أو ادخال تعديل على هذا المرسوم ( والتمديد هو تعديل للمرسوم) فلا يصح انعقاده حينئذ الا بحضور ثلاثة أرباع أعضائه على الأقل، فأين هو النصاب في جلسة التمديد الأولى التي حضرها تسعة عشر عضواً من أصل 39 ، علماً أن النصاب المطلوب هو 28.2 % من الأعضاء أي 29 عضواً، وهو نصاب لم يتوفر في الجلسة وهي لناحية النصاب غير قانونية بغض النظر عن الثغرات الأخرى.
أما لناحية قيام نائب الرئيس بصلاحيات الرئيس في توجيه الدعوة للإجتماع وترؤسه، فإن المادة 55 من المرسوم الإشتراعي 18/55 تنص على ما يلي:
" يقوم نائب رئيس المجلس مقام مفتي الجمهورية في رئاسة المجلس وادارة أعماله في الأحوال التي يتعذر فيها على مفتي الجمهورية القيام بمهامه" ، لكن المفتي لم يقدم اي عذر قانوني يمنعه من القيام بمهامه ليقوم نائب الرئيس عمر مسقاوي بإستعمال صلاحياته، وكان يمارس مهامه بشكلٍ كامل ومنها رفض الدعوة لجلسة التمديد واصراره على ذلك بمنع المجلس من عقد الجلسة في مقر مفتي الجمهورية.
كما أن محضر الجلسة المذكورة لم ينظم حسب الأصول التي يحددها المرسوم 18/55 حيث تنص المادة 56 منه على ما يلي:
"تضبط وقائع الجلسات بموجب محضر ينظم بكل جسلة يشتمل على بيانات المسائل التي طرحت فيها على بساط البحث وخلاصة المناقشات التي دارت حولها، وما اتخذ بشأنها من القرارات توضع مسودة المحضر في الجلسة ذاتها يوقعها رئيس المجلس أو نائبه والأعضاء الحاضرون وتبيض على سجل خاص يوقعه المذكورون في الجلسة التالية".
ولكن سجلات الأمانة العامة للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى لا تتضمن أي سجل يذكر لمحضر الجلسة، وبالتالي فإن المجلس السابق قد إنتهت ولايته بتاريخها، وإن ما يسميه البعض تمديداً إنما هو تصرف باطل قانوناً ومخالف لنص المرسوم الإشتراعي الذي ينظم عمل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، ولا قيمة قانونية له، بل ان الذين يزعمون أنهم أعضاء في هذا المجلس ممن كانوا في المجلس السابق إنما هم منتحلو صفة لا أكثر.
وإذا حصل الممددون زوراً على دعم سياسي من جهات معروفة ومنهم رئيس الحكومة الحالي، والرئيس السابق فؤاد السنيورة، فإن هؤلاء هم أعضاء عاديون في المجلس ولا يعطيهم القانون أي امتياز على سواهم من الأعضاء ولا على رئيس المجلس سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الذي هو رئيسهم في المجلس كما هو رئيسهم الديني وفقاً لنص المادة الثانية من المرسوم 18/55 التي تقول:
مفتي الجمهورية هو الرئيس الديني للمسلمين وممثلهم بهذا الوصف لدى السلطات العامة، وله ذات الحقوق والإمتيازات التي يتمتع بها أعلى الروؤساء الدينيين بلا تخصيص ولا استثناء.
ان دولة القانون والمؤسسات تحتم اليوم على رؤوساء الوزارة المحترمين أن يحترموا النص القانوني، لا ان يدوسوا عليه بأقدامهم من اجل غايات ومصالح سياسية تؤدي الى ضرب أكبر مؤسسة اسلامية في لبنان وهي مؤسسة دار الفتوى والمجالس المعاونة لسماحة المفتي ومنها المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى.
إن بعض أعضاء المجلس السابق يدركون أن موقفهم القانوني باطل مئة بالمئة وفيهم قانونيون مشهود لهم بالخيرة والكفاءة، وليس من دواعي فخرهم أن يكون في سجلهم القانوني مثل هذه المخالفات، ولكن يبدو أن البعض يريد تسديد حسابات قديمة على حساب الطائفة ووحدتها وريادتها في المجتمع اللبناني.
إن من الخطأ القاتل وضع دار الفتوى تحت جناح أي فئة أو جماعة سياسية، ان هذه الدار يجب أن تكون مستقلة وبعيدة كل البعد عن الإنحياز لفريقٍ ضد آخر من المسلمين اللبنانيين، وهذه مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يحاولون وضع اليد على المؤسسات الدينية.
ان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى والذي يرأسه اليوم مفتي الجمهورية محمد قباني وهو المجلس الذي تم انتخابه مؤخراً، بموجب احكام المرسوم 18/55، هو المجلس القانوني يمثل دار الفتوى والطائفة السنية ولا وجود لاي مجلس ممدد له قانوناً ، وإذا أصر الفريق الآخر على ممارساته فالحكم هو للقانون والقضاء.
يعتبر المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى القوة السياسية الاولى للطائفة السنية أو برلمانها المتخصص في قضاياها الدينية والوقفية والثقافية الاجتماعية، والذي طالما كان وما زال "تيار المستقبل" يسعى ، الى وضع يده على دار الفتوى ومؤسساتها عبر مجموعة من القوانين والاجراءات، بدأت بخطوة وصفت حينها بـ "الخطيرة جداً" ، حيث أقدم مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رفيق الحريري الى تقليص الهيئة الناخبة لمفتي الجمهورية ومفتي المناطق ولكافة المجالس المنتخبة في اطار الأوقاف الإسلامية الى بضع عشرات من الأشخاص جلهم من السياسيين (نواب ، وزراء، قضاة سنيون، أئمة منفردون)، حيث يسهل الإتصال بهم والضغط على معظمهم ليكونوا مستجيبين لرغبات الحريرية السياسية، وقد تم استبعاد معظم علماء الدين عن المشاركة في انتخاب مفتي الجمهورية أو غيره من المفتيين والمجالس.
مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني
استمر تنفيذ الخطة مع رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، بعد ما دفع المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى المنتهية ولايته قانوناً، عبر نائب رئيس المجلس الشرعي عمر مسقاوي لتعديل المرسوم الاشتراعي رقم 18/55 الذي ينظم شؤون الطائفة الاسلامية السنية بحيث يتم تقليص صلاحيات مفتي الجمهورية بما يؤدي الى إلغاء دوره وتحويله الى مفتي محنط ، بحسب أحد المفتين المحسوبين على تيار المستقبل ولكن وبغض النظر عن التعديلات التي يريدها الطرف الآخر والتي يسعى لإقرارها والتي هي السبب الحقيقي للخلاف بين سماحة المفتي وتيار المستقبل ممثلاً بفؤاد السنيورة ، يتبين أن هناك مجلس شرعي أعلى قانوني واحد فقط، وأن المجلس الآخر إنتهت مدته ولم يعد له أي وجود وفقاً للمرسوم الإشتراعي رقم 18/55.
من هنا ، لا بد من البحث في الاسباب التي يتخذها اعضاء المجلس المنتهية ولايته، منها الحكم الصادر عن مجلس شورى الدولة.
1-قرار مجلس شورى الدولة غير ملزم لدار الافتاء.
يقيد تيار المستقبل، والمجلس المنتهية ولايته مسألة اصدار مجلس شورى الدولة قراراً بابطال قرارات مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني باجراء انتخابات المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى باعتبار ان هذا القرار ينفذ تلقائياً.
ان قرارات مجلس شورى الدولة تصدر بوجه الادارة ، وذلك للحكم بصحة تصرف اداري او عدم صحته، وامام امتناع الادارة عن التنفيذ فعلى المتضرر أن يتقدم أمام مجلس شورى الدولة بمراجعة لتجاوز الادارة عن تنفيذ القرار الصادر بموجب مراجعة المتضرر، واذا لم تنفذ الادارة للمرة الثانية ، ما على المتضرر سوى أن يتقدم بمراجعة ثالثة يطالب فيها بالتعويض لا أكثر.
من هنا فان قرار مجلس شورى الدولة غير ملزم لدار الفتوى ويبقى قرار مفتي الجمهورية سارياً وتترتب عليه اثاره القانونية.
2-هل يحق للمجلس ان يمدد لنفسه، وما هي صلاحياته؟
المعروف أن المجلس السابق الذي انتهت ولايته، اجتمع عدد من اعضائه بدون دعوة من مفتي الجمهورية صاحب الصلاحية في توجيه الدعوة للمجلس وترأس الجلسة، على درج دار الفتوى برئاسة نائب الرئيس السابق عمر مسقاوي وقرروا التمديد لمجلسهم سنة واحدة ، فهل ما قام به اعضاء المجلس السابق شرعي وقانوني؟
بالعودة الى:
المرسوم الاشتراعي رقم 18/1955م وتعديلاته، وهو القانون الصادر عن مجلس النواب اللبناني بتاريخ 28/5/1956، والنظام الداخلي للمجلس الشرعي الاسلامي الأعلى من خلال القرار رقم 2 تاريخ 2/2/1978 م وتعديلاته نجد ما يلي:
إن المواد: 40-41-42- والتي تحدد كيفية تأليف المجلس، تشير:
المادة 40-يتألف المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى من أعضاء طبيعيين وأعضاء منتخبين وأعضاء يعينهم مفتي الجمهورية.
المادة 41- رئيس المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى هو مفتي الجمهورية، أما نائب الرئيس فينتخبه المجلس من بين اعضائه بالإقتراع سراً وبأكثرية الاصوات.
المادة 42 - الاعضاء الطبيعيين : رؤساء الوزراء الحالي والسابقون ومفتي الجمهورية، والأعضاء المنتخبون وعددهم أربعة وعشرون بالإضافة الى ثمانية يعينهم سماحة المفتي فيكون عدد أعضاء المجلس كاملاً 39 عضواً إذ أن رؤوساء الحكومات الأحياء هم ستة بالإضافة الى رئيس المجلس مفتي الجمهورية.
3-ما هي المخالفات التي ارتكبها اعضاء المجلس المنتهية ولايته؟
أولاً: ان الدعوة لعقد الجلسة يجب أن توجه من قبل رئيس المجلس سماحة مفتي الجمهورية وهذا ما لم يحصل، حيث وجهت الدعوة من قبل نائب الرئيس خلافاً للأصول والمادة 47 التي تنص على ما يلي:
يجتمع المجلس الشرعي الأعلى بدعوة من رئيسه.....الخ.
والمادة 48: يجتمع المجلس في غير المواعيد المذكورة أعلاه لدرس قضية أو قضايا طارئة تذكر في كتاب الدعوة وذلك بناءً على دعوة من الرئيس أو طلب من ربع الأعضاء ، وهذا ايضاً ما لم يحصل.
وحتى تكون الجلسة قانونية يجب أن تعقد الجلسة في مقر مفتي الجمهورية كما تنص المادة 49، ولكن الجلسة عقدت على مدخل دار الفتوى، بحضور تسعة عشر عضواً ( والتي تشير مصادر قريبة من المفتي ، الى ان الأعضاء الحاضرين حينها كانوا اقل من ذلك حيث جمعت التوقيعات على محضر الجلسة فيما بعد).
إن الجلسة المذكورة عقدت لتعديل مدة المجلس بحيث تمدد هذه المدة لسنة كاملة وعلى فرض صحة الدعوة ومكان الإنعقاد وحضور الرئيس، فإن لها نصاباً وهو ثلاثة أرباع أعضاء المجلس كما تنص المادة 50 التي تقول: "ينعقد المجلس بأكثرية أعضائه في الجلسة الأولى وبثلث أعضائه على الأقل في الجلسات التالية، الا فيما يتعلق بفصل أحد أعضائه أو ادخال تعديل على هذا المرسوم ( والتمديد هو تعديل للمرسوم) فلا يصح انعقاده حينئذ الا بحضور ثلاثة أرباع أعضائه على الأقل، فأين هو النصاب في جلسة التمديد الأولى التي حضرها تسعة عشر عضواً من أصل 39 ، علماً أن النصاب المطلوب هو 28.2 % من الأعضاء أي 29 عضواً، وهو نصاب لم يتوفر في الجلسة وهي لناحية النصاب غير قانونية بغض النظر عن الثغرات الأخرى.
أما لناحية قيام نائب الرئيس بصلاحيات الرئيس في توجيه الدعوة للإجتماع وترؤسه، فإن المادة 55 من المرسوم الإشتراعي 18/55 تنص على ما يلي:
" يقوم نائب رئيس المجلس مقام مفتي الجمهورية في رئاسة المجلس وادارة أعماله في الأحوال التي يتعذر فيها على مفتي الجمهورية القيام بمهامه" ، لكن المفتي لم يقدم اي عذر قانوني يمنعه من القيام بمهامه ليقوم نائب الرئيس عمر مسقاوي بإستعمال صلاحياته، وكان يمارس مهامه بشكلٍ كامل ومنها رفض الدعوة لجلسة التمديد واصراره على ذلك بمنع المجلس من عقد الجلسة في مقر مفتي الجمهورية.
كما أن محضر الجلسة المذكورة لم ينظم حسب الأصول التي يحددها المرسوم 18/55 حيث تنص المادة 56 منه على ما يلي:
"تضبط وقائع الجلسات بموجب محضر ينظم بكل جسلة يشتمل على بيانات المسائل التي طرحت فيها على بساط البحث وخلاصة المناقشات التي دارت حولها، وما اتخذ بشأنها من القرارات توضع مسودة المحضر في الجلسة ذاتها يوقعها رئيس المجلس أو نائبه والأعضاء الحاضرون وتبيض على سجل خاص يوقعه المذكورون في الجلسة التالية".
ولكن سجلات الأمانة العامة للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى لا تتضمن أي سجل يذكر لمحضر الجلسة، وبالتالي فإن المجلس السابق قد إنتهت ولايته بتاريخها، وإن ما يسميه البعض تمديداً إنما هو تصرف باطل قانوناً ومخالف لنص المرسوم الإشتراعي الذي ينظم عمل المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، ولا قيمة قانونية له، بل ان الذين يزعمون أنهم أعضاء في هذا المجلس ممن كانوا في المجلس السابق إنما هم منتحلو صفة لا أكثر.
وإذا حصل الممددون زوراً على دعم سياسي من جهات معروفة ومنهم رئيس الحكومة الحالي، والرئيس السابق فؤاد السنيورة، فإن هؤلاء هم أعضاء عاديون في المجلس ولا يعطيهم القانون أي امتياز على سواهم من الأعضاء ولا على رئيس المجلس سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الذي هو رئيسهم في المجلس كما هو رئيسهم الديني وفقاً لنص المادة الثانية من المرسوم 18/55 التي تقول:
مفتي الجمهورية هو الرئيس الديني للمسلمين وممثلهم بهذا الوصف لدى السلطات العامة، وله ذات الحقوق والإمتيازات التي يتمتع بها أعلى الروؤساء الدينيين بلا تخصيص ولا استثناء.
ان دولة القانون والمؤسسات تحتم اليوم على رؤوساء الوزارة المحترمين أن يحترموا النص القانوني، لا ان يدوسوا عليه بأقدامهم من اجل غايات ومصالح سياسية تؤدي الى ضرب أكبر مؤسسة اسلامية في لبنان وهي مؤسسة دار الفتوى والمجالس المعاونة لسماحة المفتي ومنها المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى.
إن بعض أعضاء المجلس السابق يدركون أن موقفهم القانوني باطل مئة بالمئة وفيهم قانونيون مشهود لهم بالخيرة والكفاءة، وليس من دواعي فخرهم أن يكون في سجلهم القانوني مثل هذه المخالفات، ولكن يبدو أن البعض يريد تسديد حسابات قديمة على حساب الطائفة ووحدتها وريادتها في المجتمع اللبناني.
إن من الخطأ القاتل وضع دار الفتوى تحت جناح أي فئة أو جماعة سياسية، ان هذه الدار يجب أن تكون مستقلة وبعيدة كل البعد عن الإنحياز لفريقٍ ضد آخر من المسلمين اللبنانيين، وهذه مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يحاولون وضع اليد على المؤسسات الدينية.
ان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى والذي يرأسه اليوم مفتي الجمهورية محمد قباني وهو المجلس الذي تم انتخابه مؤخراً، بموجب احكام المرسوم 18/55، هو المجلس القانوني يمثل دار الفتوى والطائفة السنية ولا وجود لاي مجلس ممدد له قانوناً ، وإذا أصر الفريق الآخر على ممارساته فالحكم هو للقانون والقضاء.