ارشيف من :آراء وتحليلات
من يردع الصهاينة عن انتهاك حقوق الاسرى الفلسطينيين؟
يستمر الاحتلال الإسرائيلي، بالتعامل مع الأسرى الفلسطينيين في سجونه، بطريقة وحشية ومخالفة لأدنى معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. في كل مرة تتخذ سلطات الاحتلال قرارات جائرة بحق هؤلاء الاسرى، وقد يتعرض الكثيرون منهم بسببها لأنواع مختلفة من العذاب والإهانة والاستشهاد. إن الاحتلال الصهيوني لا يتورع عن اتخاذ القرارات الجائرة بحق هؤلاء، طالما ان المجتمع الدولي يغض الطرف عن كل التصرفات الصهيونية، وما يرتكبه الجيش الاسرائيلي من جرائم بحق الفلسطينيين.
ولكي تزيد سلطات الاحتلال من معاناة الاسرى، وتجعلهم يموتون في سجونها، أقرّت ما تسمى "اللجنة الوزارية للتشريع في إسرائيل"، مشروع اقتراح قانون يجيز لقضاة المحكمة العليا الإسرائيلية منع الرئيس الاسرائيلي من منح العفو للأسرى الفلسطينيين، وبالتالي الحؤول دون السماح للحكومة الإسرائيلية بتطبيق صفقات تبادل أسرى. وينص القانون المقترح، على منع العفو عن الأسرى الذين نفذوا عمليات أسفرت عن مقتل إسرائيليين (أي الاسرى المقاومين)، ولا حتى في سياق عمليات سياسية (اتفاقيات تبادل أسرى، أو صفقة تحرير اسرى مقابل المفاوضات أو ضمن عمليات التفاوض).
يمكن القول بكل تجرد إن القرار الاسرائيلي هذا مخالف لكل ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني وما يتضمنه من اتفاقيات وقرارات، لا سيما أن هؤلاء الاسرى هم من أبناء الشعب الذين قاموا بمقاومة المحتل من أجل تحرير أرضهم، وهذا الحق ضمنه القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بحق الشعوب في تقرير المصير، والحق في الكفاح المسلح ضد المحتل والدفاع عن النفس. وهذا ما يؤكده الدكتور محمد النحال مدير مركز حماية لحقوق الإنسان في غزة، قائلاً إن "الاحتلال الإسرائيلي يحاول تحصين منع خروج الاسرى في اي تبادل"، مشيراً إلى أن "الأسرى يخضعون لاتفاقية جنيف باعتبارهم يمارسون حقوقهم بالمقاومة التي هي حق مشروع بالاستناد إلى القانون الدولي والقواعد التي تنص على حق الشعوب في تقرير المصير".
ووفق ما تقدم، فلا يحق للكيان الاسرائيلي تعذيب هؤلاء الاسرى والتعامل معهم بطريقة جائرة كونهم يعتبرون أسرى حرب، فجميع اتفاقيات حقوق الإنسان تحظر كل أساليب التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو المهينة. ونكتفي بهذا الصدد بالتذكير بنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة السابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلتاهما تنصان على عدم جواز تعريض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وينص قانون الاحتلال الحربي (القانون الذي ينظم حالات الاحتلال لأي إقليم) على أن من واجب "دولة الاحتلال" توفير جميع الضمانات القضائية للمعتقلين في الأراضي المحتلة طبقاً لإجراءات ومعايير المحاكمة القضائية العادلة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما تنص اتفاقية لاهاي1907 على حسـن معامـلة الأسرى، سـواء كانـوا من المقاتلين أو غير المقـاتلين مثل الصحفيين والمراسلين ...الخ. وهنا ايضاً يشير الدكتور النحال إلى أن "المقاومين يمارسون حقهم ضد الاحتلال باعتباره غير مشروع ويرتكب الجرائم ضد الفلسطينيين"، موضحاً أن "حكومة الاحتلال تنتهك الكثير من قواعد القانون الدولي بحق الاسرى، وهي اليوم تحاول أن تتخذ قرارات تمنع الافراج عن الاسرى، ويمكن القول ان هذا التشريع يعتبر مخالفاً للقانون الدولي وله نتائج سلبية عديدة على هؤلاء الاسرى وحياتهم نتيجة الاستمرار في اعتقالهم بقرار يمثل في الاصل انتهاكاً للقانون الدولي".
إنتهاك وخرق للقوانين
وتبقى اتفاقية جنيف الثالثة هي الاتفاقية الأهم لتنظيم عملية التعامل مع الاسرى خلال الحروب، حيث تحظر المادة 3 من الاتفاقية الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، أخذ الرهائن، الاعتداء علي الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة، وإصدار الأحكام وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكيلا قانونيا. وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة.
إلى ذلك، تنص المادة 4 من الاتفاقية على أن "أسرى الحرب بالمعنى المقصود في هذه الاتفاقية هم الأشخاص الذين ينتمون إلى إحدى الفئات التالية، ويقعون في قبضة العدو:
1 أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والمليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكل جزءا من هذه القوات المسلحة.
2 أفراد المليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة، الذين ينتمون إلى أحد أطراف النزاع ويعملون داخل أو خارج إقليمهم، حتى لو كان هذا الإقليم محتلا... وتؤكد هذه المادة على ضرورة أن يعامل هؤلاء الاسرى على أنهم أسرى حرب.
دون أدنى شك فإن الاحتلال الاسرائيلي، لا يحترم كل ما تقدم من هذه القوانين والاتفاقيات، بل انه ينتهكها بلا أي رادع، وما اتخاذه قراره الجائر بحق الاسرى الا لمنعهم من الحصول على حريتهم والتخلص منهم داخل المعتقلات، وبالتالي يخلص النحال إلى أن "الإصرار على مثل هذه القوانين يؤكد أن الاحتلال الاسرائيلي مصر على انتهاك قواعد القانون الدولي، وهذا يمنح الدبلوماسية الفلسطينية وسيلة جديدة لمقاومة الاحتلال والضغط عليه في المحافل الدولية بمخالفته كل ما ينص عليه القانون الدولي.
وختاماً، إن من مهام الأمم المتحدة الاهتمام بحقوق الإنسان من خلال مناقشة مسائل حقوق الإنسان المختلفة، ولكن للأسف غالباً ما تكون مخالفات الاحتلال الاسرائيلي غائبةً عن مجالس الأمم المتحدة ووكالاتها، ولولا أن هناك من يتغاضى عن التصرفات الصهيونية لما كان الاحتلال ليتخذ هكذا قرارات جائرة بحق الفلسطينيين باستمرار.