ارشيف من :نقاط على الحروف
كيلو في ’الذاكرة السياسية’:اعتراف بالمرحلة الجديدة
لايمكن لمتابع الحلقتين الاخيرتين من برنامج "الذاكرة السياسية " عبر قناة العربية الا تسجيل مجموعة ملاحظات في الشكل والمضمون . على المستوى الاول يستوقف المتلقي شخصية الضيف . المعارض السوري ميشيل كيلو .البرنامج يستضيف عادة شخصيات لم تعد جزءا من المشهد السياسي وابتعدت عن مواقع القرار امثال وزير الخارجية المصري السابق احمد ابو الغيط او الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح وزوجة المناضل الفلسطيني ابو جهاد . يروي هؤلاء ذكرياتهم ومشاهداتهم ويدلون بوجهة نظرهم تجاه احداث عايشوها وكانوا شهودا عليها.
عادة ما تنتامي الاحداث هذه الى مرحلة انتهت ومر عليها الوقت ما يسمح له بكشف الاسرار . وبالتالي فان استضافة شخصية متل ميشال كيلو لا يمكن الا ان تترك انطباعا بانتمائه الى مرحلة مضت او هي في طور الافول . يشعر المشاهد ان كيلو لم يعد جزءا من المشهد السياسي كما انه اصبح غير قادر على التأثير في مجريات التطورات . لعله اعتراف غير واعي من قبل القناة ومن فيها ومن وراءها بدخول الازمة السورية مرحلة جديدة لا مكان لكيلو فيها او هي ربما نتائج الاطاحة ببندر بن سلطان الذي كان المثقف السوري المعارض احد ادوات مشروعه الفاشل .
اما في المضمون فكيلو يعترف بأمر لطالما انكره هو وفريقه ومن لف لفه. يعترف كيلو بان النظام السوري لم يكن لا مباليا او رافضا للحوار . يثبت كيلو رواية النظام عن محاولاته الدائمة لاستيعاب الحراك قبل تكشف نوايا العسكرة والارهاب .بحسب كيلو فامن مسؤولين بارزين في النظام السوري اجروا مفاوضات مع المعارضة وان لقاءات حصلت وجهود بذلت للوصول الى حل .يتحدث كيلو عن لقائه بنائب الرئيس السوري فاروق الشرع والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان وعن أصدقاء مشتركين نقلوا رسائل وحملوا نصائح ومقترحات .
لا يتردد كيلو في ذكر التفاصيل والامكنة والازمنة ومضمون المشاورات وكلها تؤكد ان النظام لم يرفض لقاء معارضين لا بل رحب واستمع وقدم طروحات واعرب في بعض الاحيان عن حاجته للوقت لتنفيذ بعض الاقتراحات الاصلاحية وفي هذا نسف لكل سردية المعارضة عن رفض النظام لأي نقاش وعدم ابدائه اي استعداد للتفاوض . الا ان كيلو وفي محاولة غير موفقة ينهي رواياته بالاشارة الى امور وقضايا تبدو من بنات افكاره وخياله الواسع والخصب لأنها بكل بساطة امور لا يمكن اثباتها ولا تخرج عن كونها انطباعات شخصية . فالمثقف -الذي تحدى في احد لقاءاته التلفزيونية ان يجد احد ما عناصر من القاعدة في الشام او حمص او اي مدينة سورية - يدعي ان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع في احد اللقاءات المشتركة وردا على سؤال عما اذا كان "الامن " تحت سيطرة النظام اكتفى برفع حاجبيه.
وبحسب رواية كيلو فإن الشرع لم يجرؤ على نطق الكلام خوفا من العناصر الامنية المتواجدة في الغرفة المجاورة !!. اما اثناء لقائه بالمستشارة الرئاسية ققد "المحت" الاخيرة ان الرئيس مغلوب على امره .اما طريقة التلميح او مضمون التلميح فلم يوضح كيلو ولا مقدم البرنامج كلف نفسه عناء طرح السؤال الاستيضاحي البديهي حول الفكرة .
بدا كيلو مسترسلا في عرض رؤيته وقراءته الخاصة وهذا ينسجم مع طبيعة البرنامج الذي يعود الى الماضي دون التطرق الى المستقبل الذي لم يعد كيلو معنيا به بعد فشل المشروع واقترابه من السقوط .