ارشيف من :آراء وتحليلات

الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار

الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار

ليست المرّة الأولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية التي يمدّ صحافي لبناني يده للتعاون مع العدوّ الإسرائيلي، فهناك عدد لا بأس به من حملة الأقلام المأجورة الذين سبقوا حنين غدّار في هذا المضمار، غير أنّ هذه الأخيرة تفوّقت عليهم من حيث العمل الجاد والفعّال على تطبيع العلاقات مباشرة من خلال مشاركة المسؤولين الصهاينة ندوة "حوارية" هدفت هي من خلفها إلى استكمال المشروع الرامي إلى تشويه صورة المقاومة والنيل منها.

وإذا كان القضاء العسكري ممثّلاً بالمحكمة العسكرية الدائمة، قد قام بواجبه لجهة محاكمة الصحافيين المتعاملين بشتّى الأساليب معلوماتياً وأمنياً ضمن إطار مطاردته بالقانون، لكلّ المتعاونين من مختلف شرائح المجتمع اللبناني بعد وقوعهم في الأفخاخ التي نصبها جهاز "الموساد" لهم، أو انقادوا إليها بأرجلهم وأنفسهم لغايات شيطانية في عقولهم وأفكارهم، إلاّ أنّه لا يمكن للقضاء السكوت عمّا فعلته مديرة موقع "ناو ليبانون"(now lebanon) بالإنكليزية، التابع لقوى 14 آذار، حنين غدّار، من استعجال للتطبيع انسجاماً مع أفكار وتطلّعات منظّري "ثورة الأرز" الأميركية الصنع، ولا يمكن لهذا القضاء التغاضي عن دورها المشبوه، ما يعني أنّه يتوجّب على مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أن يتحرّك تلقائياً، وإلاّ انتظار تحرّك النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود لملاحقة غدّار وتوقيفها وإحالتها على المحاكمة بتهمة لا يمكنها الفكاك منها في ظلّ ثبوتها بالأدلّة الساطعة وأوّلها الصور المتداولة ومضمون أقوالها " النيرّة" في خدمة العدوّ.

الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار
غدّار خلال مشاركتها في مؤتمر "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"

ومجرّد قبول غدّار بفكرة المشاركة في ندوة ينظّمها "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" هو عملية تطبيع مرفوضة تصبّ في خانة النيل من عزيمة الدولة والشعب، باعتبار أنّ هذا المعهد معروف بأنّه يشكّل مع معاهد ومؤسّسات أخرى قوّة ضغط داعمة لسياسة الكيان الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية ومن أولويات استراتيجياته الوجودية تأمين التفوّق السياسي للصهاينة. أوليس قبول دعوته في الأساس، هو موافقة مسبقة على مشروعه السياسي وأهدافه، خصوصاً وأنّ ما قدّمته غدّار لا يتعارض وتوجّهاته؟.

 تصريح ريفي المؤيّد لتصرّف غدّار هدف لمنع النيابة العامة التمييزية من اتخاذ الخطوات القانونية بحقها

والتعامل مع العدوّ، لا يعني فقط، انتظار المتعامل من أيّ شريحة لبنانية كان، لكي يلتقي بضبّاط "الموساد" خارج لبنان، وفي قبرص وهولندا وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية والآسيوية، لإسعافه بالمعلومات والخدمات، أو تفجير الوضع أمنياً لمصلحته، أو نقل مخبريه وعناصره لارتكاب عملية اغتيال، أو زرع عبوات ناسفة هنا أو هناك، كما يستدلّ من ملفّات عملاء تمّت محاكمتهم وجاهياً، وإنّما التعامل هو الانغماس في الترويج لأفكار هذا العدوّ بما يمهّد له الطريق ليبسط سيطرته وهيمنته. والمساعدة لا تكون فعلية بل قد تكون كلامية، والنيّة في الأساس، هي مساعدة العدوّ ولو مجاناً، ولا يمكن اختلاق الأعذار لمن يذهب بقدميه إلى ميدان التعامل، بل يقتصر العذر على من أجبر على هذا الفعل الخياني تحت ضغوطات مختلفة لم يستطع الإفلات منها، كما حصل مع عدد من اللبنانيين القلائل خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي ضمن " الشريط الحدودي المحتل" حيث هدّدوا بلقمة عيشهم، أو زجّ بأبنائهم في المعتقلات، أو جرت تصفية فلذات أكبادهم.

الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار
ريفي أراد منع النيابة العامة من اتخاذ الخطوات القانونية بحق غدار

وفسّر معنيون تصريح وزير العدل اللواء المتقاعد أشرف ريفي المؤيّد لتصرّف غدّار الخارج عن الإطار القانوني وعن المواطنة الصحيحة، على أنّه كلام استباقي مقصود بغية منع النيابة العامة التمييزية من اتخاذ الخطوات القانونية المناسبة بشأن غدّار، وصرف نظرها عن القيام بالملاحقة التي يوجبها القانون، وهذا ما يشرّع الباب واسعاً أمام تدفّق الصحافيين التابعين لهذا الفريق السياسي للانخراط في مجتمع التعامل، خصوصاً في ظلّ الاغراءات المالية المدفوعة من الولايات المتحدة الأميركية للتعمية على إنجازات المقاومة في تحرير الأرض والإنسان من غطرسة الاحتلال وعملائه.

الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار

ولكي لا ينسى ريفي وسواه الأفعال الجرمية التي يمكن الادعاء بها على غدّار بالاستناد إلى ماهية القانون وأحكامه ما دامت الغاية المتوخاة هي بناء دولة القانون والمؤسّسات، لعلّه يراجع حساباته الوطنية ويتحقّق منها بنفسه، ويقدّم وطنيته على دفاعه السياسي عن غدّار التي ارتكبت ما يحظّر قانون العقوبات اللبناني الاقتراب منه تحت طائلة الملاحقة والمحاكمة، نسعفه بتذكير سريع بما تقوله القوانين اللبنانية عن فعلة غدّار:

أولّاً: لا يزال لبنان في زمن حرب مع العدوّ الإسرائيلي الذي يطمع بأرضه ومياهه ونفطه، وينتهك يومياً سماءه من خلال طائراته الحربية، وكلّ دعوة من لبناني في زمن هذه الحرب تهدف إلى النيل من عزيمة اللبنانيين وإضعاف الشعور القومي هي جناية بحسب المادة 295 عقوبات التي تنصّ على التالي:" من قام في لبنان في زمن الحرب، أو عند توقّع نشوبها بدعوات ترمي إلى إضعاف الشعور القومي، أو إيقاظ النعرات العنصرية، أو المذهبية عوقب بالاعتقال الموقّت"، على أنّ المادة 297 عقوبات تتحدّث على أنّ "كلّ لبناني يذيع في الخارج، وهو على بيّنة من الأمر، أنباء كاذبة، أو مبالغاً فيها من شأنها أن تنال من هيبة الدولة، أو من مكانتها المالية، يعاقب بالحبس من ستّة أشهر على الأقلّ وبغرامة مالية".

وما لفّقته غدّار من أخبار وتنظيرات، ليس كاذباً وحسب، وإنّما يهدف إلى تخويف اللبنانيين عبر إجبارهم على تغيير قناعاتهم بمقاومة العدوّ الإسرائيلي على المديين القريب والبعيد، وهو ليس لمصلحة لبنان القوي والمحافظ على سيادته وأرضه.

كما أنّ حديث غدّار عن أنّ الطائفة السنّية هي خصم حزب الله، وهو أمر غير صحيح وغير مجد، يثير النعرات المذهبية، ويحدث الفتنة، ويؤلّب اللبنانيين ضدّ بعضهم بعضاً.

ثانياً: يمكن تصنيف كلام غدّار على أنّه دسيسة ترمي إلى تحقيق انتصار للعدوّ على لبنان بكامل مقوّماته بسبب اشتداد كرهها للمقاومة، وهو فعل جرمي تصل عقوبته إلى الإعدام بحسب نصّ المادة 275 عقوبات التي تقول:" كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى العدوّ الإسرائيلي، أو اتصل به ليعاونه بأيّ وجه كان، على فوز قوّاته عوقب بالإعدام".

ثالثاً: إنّ ما قامت به غدّار، ليس عملاً صحافياً مشرّفاً على الإطلاق كما يتوّهم الداعون إلى مساندتها بمنع القضاء من ملاحقتها، بل هو تطبيع توّج بتلبية دعوة معهد إسرائيلي التوجّه والأفكار، والتطبيع مخالف لروحية الدستور اللبناني وبيانات الحكومات اللبنانية المتعاقبة، ما يعني أنّه لا يمكن التغاضي عمّن يقوم به عن سابق إصرار وترصّد.
2014-05-29