ارشيف من :آراء وتحليلات
استمرار الفراغ او انتخاب عون
بعد نهاية محاولات التمديد للرئيس سليمان ونهاية مسرحية ترشح جعجع، دخل لبنان في الشغور الرئاسي ودخل النظام السياسي في الاهتزاز والارتباك على مختلف المستويات:
1- ما هو مصير مجلس النواب؟! ھل يستمر في العمل أم يتوقف؟! وھل يجوز التشريع النيابي في ظل الفراغ الرئاسي؟! اسئلة متعددة والاجابات حولها متناقضة:
الرأي الاول يقول إن الحياة العامة لا تتوقف، و المجلس لا يمكنه أن يبقى من دون تشريع ...
رأي ثانٍ يقول إن المجلس لا يمكنه أن يشرّع في ظل الشغور الرئاسي. فرئيس الجمھورية ھو الذي يوقع القوانين وينشرھا...
رأي ثالث يقول بالتشريع في الحالات الضرورية والاستثنائية...
إذا قرر النواب المسيحيون مقاطعة جلسات التشريع، فإن الرئيس نبيه بري لا يدعو الى جلسات "غير ميثاقية".
ومثلما فعل في فترة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بعد استقالتھا عندما قاطع تيار المستقبل والنواب السنة جلسات التشريع في ظل حكومة تصريف أعمال، يفعل الشيء نفسه إذا قرر النواب المسيحيون مقاطعة جلسات التشريع في ظل الفراغ الرئاسي. ولكن ثمة اتجاھان لدى القوى المسيحية الاساسية:
- اتجاه متشدد يقول بوقف كامل العمل التشريعي لمجلس النواب والضغط للاسراع بانتخاب الرئيس.
- اتجاه ثان مرن يقول بالتشريع في الحالات الضرورية والاستثنائية التي لھا علاقة بكيانية الدولة ومصلحتھا العليا أو بإعادة تكوين السلطة الدستورية. ولذلك فإن بعض الكتل المسيحية تتجه الى حضور الجلسات المتعلقة بمناقشة وإقرار قانون جديد للانتخاب، كما أنھا منفتحة على موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
الشغور الرئاسي في لبنان
3 – ما هو مصير الوضع الامني؟ ھل يعود الى دائرة التوتر والخطر، وھل يطيح الفراغ بالخطة الامنية؟!
أبدى العديد من الشخصيات السياسية خشية من وقوع اغتيالات سياسية بھدف التأثير على مجريات الاستحقاق الرئاسي.
ھذه المخاوف ليست في محلھا، وحيث يمكن القول إن مرحلة الفراغ الرئاسي الحالي - وبخلاف التجربة السابقة بين عامي 2007 ـ 2008- ليست مرشحة لتطورات وأحداث أمنية، وإن المسار الامني الجيد والايجابي الذي بدأ قبل أشھر وترجم عمليا على الارض من خلال خطة أمنية للتنفيذ ومن خلال إطفاء بؤر وأوضاع متفجرة وخطيرة في طرابلس وعرسال، ھذا المسار سيتواصل في المرحلة المقبلة، والوضع الامني بات ممسوكا وتحت السيطرة للاسباب التالية:
أ - وجود حكومة تجتمع وتقرر، أي حكومة مكتملة قادرة على إدارة الفراغ. وما دامت الحكومة قائمة ولم تتحول الى حكومة تصريف أعمال، فإن الوضع الامني على حاله. أما إذا سقطت الحكومة، فإن زعزعة الاستقرار السياسي تفتح الباب أمام زعزعة الوضع الامني وتھديده...
ب - وجود مشاركة بين المستقبل وحزب الله تجسدت من خلال الحكومة والتعاون المثمر بين الاجھزة الامنية كافة. ولكن ھذه المشاركة لم تتبلور بعد على المستوى السياسي ولم تتقدم الا في حفظ الھدنة الاعلامية وضبط الشارع السني ووضع حد لتغلغل الجماعات والتنظيمات الاصولية والمتطرفة.
ت -السيطرة على جانبي الحدود اللبنانية ـ السورية ما عدا نقاطاً وجيوباً محددة... وھذا التطور على الارض، الذي أتاح عزل الداخل اللبناني ووقف عملية تسرب الارهاب من سورية عبر الحدود، كان عاملا أساسيا في نجاح الخطة الامنية وتطبيقھا وفي "مكافحة الارھاب"...
4 - تطور العلاقة بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، وھل ستنتقل الى مرحلة جديدة من المفاوضات على أمل أن تثمر في خلال فترة الفراغ الرئاسي اتفاقا يحمل عون الى قصر بعبدا أم ستتوقف وتنقطع وينصرف الطرفان الى مراجعة حساباتھما وسياستھما وما احتوته من ثغرات وأخطاء في التقدير ورفع سقف التوقعات؟!
المؤشرات تدل على أن عون والحريري راغبان في استمرار الاتصالات وفي عدم العودة بالعلاقة الى الوراء، ويجدان في استمرارھا مصلحة وحاجة مشتركة: عون يعرف أن فشل حواره مع الحريري يعني سقوط مشروعه الرئاسي، والحريري يعرف أن فشل الحوار مع عون يعني خطر سقوط مكاسبه الحكومية...
.... وفي وقت يقر عون بأن الحوار مع الحريري مفيد ومنتج، فإنه لم يعد واثقا ما إذا كان كافيا لحسم مسألة التوافق عليه رئيسا. ولكن عون يعتبر أن المرحلة الاصعب الضاغطة عليه اجتازھا، اي مرحلة الوصول الى الفراغ، لكن المرحلة الحالية، وبعد 25 أيار أصبحت المعادلة استمرار الفراغ أو انتخاب عون... او انتاج تسوية للخروج من المأزق.